عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
فوجئت حد الصدمة وأنا أقرأ خبر إحاله المحافظ المميز الدكتور سعد شهاب محافظ العاصمة الى التقاعد..
لقد تابعت نشاط الدكتور شهاب منذ بداية جائحة الكورونا في بلدنا، واعتقد وانا أدلى بشهادة فيه انه لم يكن أميز بين المحافظين منه احداً، وأنه لم يسبقه الى خدمة الجمهور وبالتالي خدمة بلده أحد، فقد رأيته في البدايات حين كانت كلمة كارونا مرعبة في جبل النصر و في مواقع اخرى عديدة من العاصمة في القويسمة والوحدات وفي العديد من الضواحي والمخيمات، يوجه ويحذر ويمد المحاصرين في البنايات بأسباب الحياة، وكان حريصا على تطبيق أوامر الدفاع..
كنت الجأ إلية أحيانا حين نتوجه الى عملنا في الاذاعة والتلفزيون وخاصة حين يلقون القبض على أحد زملائنا خارجا في غير وقته فنمهل القابضين عليه ليصلوا له بتصريحه.. واذكر انه ساعد العديدين من الذين كانت لديهم ظروف خاصة للخروج الى شراء الدواء من صيدلية مجاورة، فقد كان الرجل انسانا بمعنى الكلمة ورجل دولة لا يفرط في تطبيق اوامر الدفاع على الاطلاق، وكثيرا ما كان يعتذر لي عن بعض المواقف انه لا يستطيعها حتى وانا اطلب تصريحا لوزير متقاعد او لشخصية عامة، فإنه يبحث عن مبرر..
سعد شهاب ذو الخبرة الطويلة في مجال الادارة وتطبيق القانون برز نجمة في دورات الانتخابات للبرلمانات، فقد كان مسؤول عن ترتيب كل جداول الداخلية في زمن حكومة المجالي عبد السلام وفي زمن الوزير نذير رشيد، وكان موقع تقدير ومحبة ونزاهه..
الدكتور سعد الشهاب اليوم قد يكون حزينا على لحظة إعلان احالته على التقاعد، ولكنني متأكد انه فرح في داخله بما انجز لبلده وما خلص به ضميره من مسؤولية.. وهو وإن كان اليوم خارج الوظيفة فإن خبراته المتراكمة والعميقة ما زالت تصلح لمناداته لمواقع افضل، فما زلنا بحاجة لامثال هؤلاء الذين أعطوا من وقتهم وجهدهم واعصابهم الكثير..
كنت أدخل عليه فأجده وقد قل نومه في وضع ليس مريحا لكثرة العمل وتنوعه، ولكن لا يلبث ان يبتسم، فهو يدرك طبيعة الناس وحاجتهم وارتياحهم حين يجري الرد على اسئلتهم ويجري احترامهم..
هو صاحب شعار “لاقيني ولا تغديني” رغم كرمه، ولكنه في كل يوم يكرم على مراجعيه بحسن التعامل معهم وحل مشاكلهم، لم يقصده احد لا يتجاوز القانون الا وساعده..
سأبقى اذكر لسعد شهاب انه المحافظ المميز الذي عبرنا معه نحن سكان العاصمة سنين عجاف من الاغلاقات، و اتذكر أنني في أحد الليالي وانا أرجع من عملي الليلي والكورونا في أشدها قد تحدثت معه ، فسألني: لماذا أنت حزين؟ قلت: أسير في الشارع بسيارتي لا أجد أحد ولا أي مظهر للحياة ، كل شيء مغلق لا أعرف أين أذهب إلا الى البيت الذي لم اغادره..
كان خير عزاء لمن اصابهم المرض، وكان يسأل عن الكثيرين، وحين مرضت بالكورونا لم يتردد في السؤال عني باستمرار طوال فتره اقامتي في مستشفى حمزة، لأنه عرف من خلال التصريح انني اقيم هناك..
اتمنى ان يتمتع الدكتور شهاب بإجازة ممتازة في تقاعد انا متأكد انه لن يطول، فنحن بحاجة الى مثل هذه الكفاءات ، خاصة واننا مقدمون على ورش اصلاح المنظومة السياسية التي عمل من موقع الادارة من أجلها الدكتور شهاب في الداخلية طويلا ، سواء في مجال قانون الانتخاب وتطبيقه والجداول او في مجال الاحزاب وتحركاتها وضروراتها والاستماع الى شكوى القائمين عليها…
د. شهاب إذ يتقاعد!!
12
المقالة السابقة