لم تحظَ زيارة رسمية للبيت الابيض بهذا الاهتمام الاعلامي والسياسي والشعبي كالتى تحملها زيارة جلالة الملك ولقائه الرئيس جو بايدن فى البيت الابيض فلا تكاد صحيفة امريكية ديموقراطية كانت ام جمهورية الا واخذت هذة الزيارة جزءا من مساحة اهتمامها ولا يكاد يخلو فى واشنطن اجتماع للاندية السياسية الا وشكلت هذه الزيارة محور الحديث وعنوانه، ومما هو لافت ايضا ان هذه الزيارة وسحب غيومها امطرت على المناخات الشعبية وبات هنالك مبادرات داعمة اتخدت عنوانا داعما لصاحب الوصاية الهاشمية بمواقفه كما اخذت هذه الاصوات الداعمة للمواقف الملكية وللرئيس جو بايدن بعد ما اوقف العمل «باتفاقية ابراهام والتى كانت تعتبر عنوان المشهد السابق وبدا الحديث عن عناوين جديدة قد تنطلق من هذه القمة لتاذن بمبادرة جديدة تحوى مضامين للتهدئة والحل كما تحوى عناوين مبشرة باتت تجذب الاوساط الشعبية لا سيما العربية للحضور فى الساحة الجانبية للبيت الابيض فى مسيرة ساعة تضامنية مع المواقف الملكية.
ولعل المتتبع لمناخات هذه الزيارة يستطيع ان يستنبط مضامين قد تجيب على اسئلة الكثير من المتابعين فى الشان العام مفادها يقول لمَ كل هذا الاهتمام؟ ولماذا اصبحت هذه الزيارة تشكل منطلقا جديدا للسياسات القادمة، وكما ما الذى تحمله هذه الزيارة من عناوين مهمة جعلها تكون حديث للوسط الاعلامى والسياسيى وحتى الشعبي؟ وللاجابة على هذه الاسئلة نستطيع القول ان ما يحدث يقوم من على ارضية ثلاثة محددات رئيسية وهى المواقف السياسية التى يشكلها الزعيمان والبيئة المحيطة واجواء التغيير اضافة الى التوقيت الزمنى لهذه الزيارة.
فمما هو معروف ان جلالة الملك عبدالله الثانى هو عميد زعماء العالم كما الدول العربية والاسلامية كونه اقدم الزعماء، ومما معروف ايضا ان جلالة الملك يقف على ثابت قرارات الشرعية الدولية ومشروع حل الدولتين على اساس المبادرة العربية للسلام ولقد دفع ثمن مناوءته لمشروع صفقة القرن ولم يكن على وفاق مع عرابي هذه الصفقة ابتداء بنتنياهو وانتهاء بكوشنير ومرورا برموزها الامريكية والعربية ومما هو ثابت ايضا ان جلالة الملك يحمل مشروع الشام الجديد بشراكة مصرية عراقية ويمكن لهذا المشروع التوسع بانضمام سوريا وبعض الدول المجاورة الاخرى وكما ويشكل رمزية القدس وصوت الاعتدال الثابت على اطر الشرعية الدولية فيها.
والرئيس جو بايدن ايضا يقف مع قرارات الشرعية الدولية ويريد حلا للقضية المركزية يقوم على حل الدولتين وكان قد اوقف الحديث عن صفقة القرن وعمل على تغيير الايقاع فى بيت القرار الاسرائيلي ليجعلة اكثر استجابة واعلن موقفه تجاه فتح قنصلية امريكية بالقدس الشرقية واعادة فتح ممثلية فلسطينية برتبة قنصلية فى واشنطن وحول عقدة الصراع من مسالة سياسية تفاوضية الى مسالة امنية تنفيذية وهو يدعم نواة مشروع الشام الجديد بتوسعاته وتفرعاته وكما هو نؤمن بضرورة تخفيف وطئة حالة الشد الاقليمية الايرانية الاسرائيلية ضمن مفردات جديدة وهذا ما يجعل من لقاء القمة بين الزعميين لقاء استثنائيا وغير عادى.
اما فى جانب البيئة المحيطة والمناخات التقديرية التى تواكبها فان الامر يشكل ايضا مفصل تحول جيوسياسي كبير كونه اغلق بابا كان يراد به ما يراد وفتح باب اخر فيه من المأمول اكثر ما يحمل من شكوك لنتائج تقديرات مريبة، لذا كانت الاجواء التى تغلف اجواء اللقاء اجواء مريحة للاطراف الداعمة لهذا التوجه واخرى مناوئة له وما بين من يقف مع التوجهات الجديدة واخر يتحسر على ما قد تحمله هذه القمة من انطلاقة اخذت التجاذبات السياسية تتكون وتكون.
واما من ناحية التوقيت فلقد حمل توقيت هذه القمة دلالة ورسالة، واما الدلالة فهي بما يشكله جلالة الملك من رمزية فى هذه القمة وما يريد ان يعنونه البيت الابيض من احترام للاديان ولثقافات والحضارات الانسانية لا سيما وان الرئيس جو بايدن يؤمن بالمواطنة الانسانية فى اطار العالمية، واما الرسالة التى يحملها هذا اللقاء فى هذا التوقيت فهى رسالة ضمنية تجمع ممثل الامة العربية والاسلامية مع ممثل الولايات المتحدة الامريكية فى البيت الابيض ولهذا حفلت الزيارة بكل هذا الزخم واخذت كل هذا الاهتمام لعظمة تاثير نتائجها القادمة على مجريات الاحداث فى المنطقة، لذا اعتبرت زيارة منطلق.