8
عروبة الإخباري – انتقل الى رحمة الله تعالى العلامة والمفكر د. عبد الكريم الغرايبة ،حيث يعد المعلم الأستاذ الدكتورعبد الكريم الغرايبة شيخ المؤرخين الأردنيين وأول من حصل على شهادة الدكتوراة في التاريخ في الدولة.. ذاكرته تحوي تاريخ طويل يختزن الكثير من المعلومات وكتبه مرجعا للدارسين.
والغرايبه حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ عام 1951 ويشرف الان على مشروع لتوثيق التاريخ العربي، في جامعة العلوم الإسلامية العالمية، يؤرشف نصف مليون وثيقة.
قبل ثمانين عاماً تقدم المعلم الغرايبة إلى عمر فائق الشلبي، بطلب الإلتحاق بالرابع ابتدائي في اربد وكان الصف الرابع الوحيد في المنطقة مابين نهر الزرقاء ونهر اليرموك وقال لي: يا أفندي الأمر يحتاج إلى امتحان قبول وتم ذلك، وسألوني عن هويتي فقلت: أنا مسلم عربي حوراني من الأردن.
يحتل عبد الكريم غرايبة مكانة خاصة بالنسبة للكثير من الشخصيات العامة؛ الذين حظيوا بالتتلمذ على يده، فهو فريد في طبعه وسلوكه مع الطلبة، وفي طريقة تدريسه، وفي مؤلفاته التاريخية، و وأسلوب نقاشه وجدله.
ويتمسك الدكتور الغرايبة بقوله: «المستقبل أفضل من الحاضر والحاضر خيرٌ من الماضي لا أريد لأحد أن يفقد الأمل..».
الغرايبة المؤرخ الذي جمع نصوصاً ووثائق عن النضال السوري مابين أعوام 1900-1950 ووضعها في صندوق وشمعه وسلمه إلى الجيش السوري عام 1958 ، رجوهم أن لا يسمحوا لأحد بالإطلاع على ما فيه لفترة طويلة من الزمن، حتى يتجنب الشباب خيبة أمل قاسية بزعماء النضال.
الغرايبة الذي ولد في العشرين من حزيران عام 1923 في قرية المغير شمال إربد وكان عدد سكان القرية لا يزيد عن 200 نسمة وأُطلق عليَه اسم عبد الكريم كغيره من الأطفال الذين ولدوا في تلك الفترة نسبة إلى عبد الكريم الخطابي المغربي الذي قاد ثورة ضد الاسبان وهزم جيشهم وأسس جمهورية الريف.
تلقى الغرايبة تعليمه الأولي (مبادئ الحساب والقراءة والكتابة) في كتّاب القرية على يد الشيخ علي الخليل الحوراني.ودرس الصفوف الأول والثاني والثالث في عدة مدن أردنية بحكم تنقل والده في عمله من مكان لآخر، وانتقل إلى مدينة السلط عام 1939م حيث التحق بمدرستها الثانوية ، وتخرج منها حاصلاً على شهادة الدراسة الثانوية عام 1941.وكان أحد الطلاب العشر الأوائل في دفعته.
حصل الدكتور الغرايبة على درجة البكالوريوس في التاريخ عام 1947م ، وبعدها التحق في جامعة لندن ليقوم بدراسة الدكتوراه فيها.
بحث الغرايبة في رسالته للدكتوراه عن العلاقات التجارية بين انجلترا والدولة العثمانية في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وكان من الطلاب القلائل الذين استخدموا مراسلات التجار المحفوظة في المتحف البريطاني كما استفاد من المصادر العربية المتعلقة بالموضوع.
عاد الدكتور الغرايبة إلى الأردن عام 1951م ليعمل مفتشاً في دائرة الآثار الأردنية.كما التحق بالجامعة الأمريكية في نيسان عام 1953م واتصلت جامعة دمشق وعرضت عليه التدريس فيها بلقب أستاذ زائر في تاريخ العرب الحديث لمدة سنتين ليعود بعد ذلك إلى الأردن للعمل بمنصب رئيس لقسم التشريع في ديوان الموظفين وبعد شهرين جاء طلب إلى الحكومة الأردنية من الحكومة السورية ليقوم الدكتور الغرايبة بالتدريس في جامعة دمشق نظراً لحاجة الجامعة لجهده العلمي.
وفي عام 1956م عاد الغرايبة إلى عمان ليتم تعيينه مديراً عاماً لدائرة الآثار، وأثناء وجوده في سوريا نشر مجموعة من المؤلفات العامة منها: تطور مفهوم النضال العربي ضد الاستعمار 1959م مقدمة تاريخ العرب الحديث 1960 والجزيرة العربية والعراق 1960، أفريقيا العربية في القرن العشرين 1960، العرب والأتراك في التاريخ 1960، سوريا في القرن التاسع عشر 1971م.
انتقل في بداية عام 1962 للعمل في جامعة الرياض وهناك استطاع التعرف على تاريخ الدولة السعودية وقيامها وبعد البحث واستيفاء المعلومات تمكن من إعداد كتاب يحمل مسمى (قيام الدولة السعودية الأولى)، وبعد أن أمضى سنة دراسية في السعودية عاد إلى الأردن في الفترة التي يتم فيها إنشاء الجامعة الأردنية ولأنه أول من حصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ فقد تم تعيينه في الجامعة الأردنية منذ نشأتها فعمل فيها أستاذاً مساعداً ثم مشاركاً ثم أستاذ شرف حتى تقاعده من العمل عام 1997م.
تنقل الدكتور الغرايبة في العديد من المواقع الأكاديمية خلال عمله في الجامعة الأردنية فمن رئيس لقسم التاريخ إلى عميد لكلية الآداب لأربع مرات إلى نائب رئيس الجامعة لشؤون التخطيط والعلاقة مع المجتمع، وعين عضواً في مجلس الأعيان لفترة من الوقت.
ولأنه المعلم ومربي الأجيال فقد قام عدد من زملائه في العمل وطلابه الذين نهلوا من معين خلقه ومعرفته وعلمه بإعداد كتاب تكريمي له عام 1988م ، حمل مسمى بحوث ودراسات مهداة إلى عبد الكريم غرايبة بمناسبة بلوغه الخامسة والستين.