عروبة الإخباري – يحيي الأردنيون غدا الجمعة الذكرى الخامسة عشرة ليوم الوفاء والبيعة ، ذكرى الوفاء للمغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الذي تسلم سلطاته الدستورية في السابع من شباط عام 1999 ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية.
وفي وجدان الاردنيين جميعا وفي ضميرهم ما زالت تفاصيل ذلك اليوم الذي ودعوا فيه قائدهم وباني نهضة الاردن الحسين طيب الله ثراه مؤمنين بقضاء الله وقدره وملتفين حول قائدهم جلالة الملك عبدالله الثاني مجددين العهد والولاء ومواصلة مسيرة الصمود والبناء والتقدم.
عصر ذلك اليوم وامام مجلس الامة وفي مشهد تاريخي اذهل العالم بسلاسته، اقسم جلالة الملك عبدالله الثاني اليمين الدستورية متوليا أمانة المسؤولية الأولى، مستعينا باسم الله وبركته على المضي قدما نحو مواصلة المسيرة وتعزيز ما بناه الآباء والأجداد الذين قدموا التضحيات الجسام لرفعة الوطن وتقدمه.
كان الالتزام بالنهج الهاشمي القائم على العقيدة الاسلامية السمحة والانتماء للامة العربية والسير على خطى الراحل الباني الحسين طيب الله ثراه برؤى معاصرة وبثوابت وباستشراف المستقبل، ثوابت راسخة انتهجها جلالة الملك عبدالله الثاني منذ توليه سلطاته الدستورية، فكان الاردن في عهده الذي ابتدأ مع بدايات القرن الواحد والعشرين الدولة الانموذج سياسيا في محيط متقلب وظروف وتحديات جمة .
يقول جلالته في احدى المقابلات الصحفية ” إننا سوف نبقى نستلهم من الحسين الباني إيمانه العميق بقدرة الأردن والأردنيين على الإنجاز ومواجهة التحديات وصولا إلى بناء المستقبل الأفضل.. وسنبقى نسير على خطى أجدادنا الهاشميين، نعمل من أجل الوطن والمواطن والدفاع عن مصالح أمتنا العربية والإسلامية”.
ولعل الاهم والاكثر سطوعا في حكمة ورؤية الحسين الراحل وقدرته على استشراف المستقبل الافضل لصالح الاردن والاردنيين وهو ما اثبتته السنوات الخمس عشرة الماضية تلك الرؤية الثاقبة في رسالته الى ابنه البكر والوريث الدستوري للعرش الهاشمي جلالة الملك عبد الله الثاني في السادس والعشرين من كانون الثاني 1999 يوم اختاره وليا لعهد المملكة، والتي قال فيها: “وإنني لأتوسم فيك كل الخير وقد تتلمذت على يدي وعرفت أن الأردن العزيز وارث مبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها العظيمة وانه جزء لا يتجزأ من أمته العربية وان الشعب الأردني لا بد وان يكون كما كان على الدوام في طليعة ابناء أمته في الدفاع عن قضاياهم ومستقبل أجيالهم ، وان هذا الشعب العظيم قد قدم عبر العقود الماضية كل التضحيات الجليلة في سبيل هذه المبادئ والقيم النبيلة السامية، وانه تحمل في سبيل كل ذلك ما تنوء بحمله الجبال، وان النشامى والنشميات من ابناء أسرتنا الأردنية الواحدة من شتى المنابت والأصول ما توانوا يوما عن أداء الواجب ولا خذلوا قيادتهم ولا أمتهم وأنهم كانوا على الدوام رفاق الدرب والمسيرة الاوفياء والمنتمين لوطنهم وأمتهم القادرين على مواجهة الصعاب والتحديات بعزائم لا تلين وبنفوس سمحة كريمة معطاءة وان من حقهم على قيادتهم ان تعمل لحاضرهم ومستقبلهم ولتحقيق نهضتهم الشاملة حتى تتسنى لهم الحياة الكريمة وتصان حقوقهم التي كفلها لهم الدستور وان تبقى جباههم مرفوعة لا تنحني الا لله او لتقبيل ثرى الوطن العزيز”.
ونقرأ في رسالة الاب عبدالله الثاني بعد عشر سنوات من توليه امانة المسؤولية لولي عهده الحسين بن عبدالله الثاني وبمناسبة عيد ميلاد سموه الثامن عشر ما يؤكد استمرارية النهج وديمومة العطاء الهاشمي اذ يقول جلالته حفظه الله ورعاه : “وقد تعلمت من جدك الحسين ، رحمه الله ، أنه يجب أن أنظر إلى كل واحد من شعبي على أنه بمكانة الأخ أو الأب أو الابن ، فأوقّر كبيرهم، وأرحم صغيرهم وضعيفهم، وأساوي بينهم في الحقوق والواجبات، وأصفح وأعفو عمن أساء منهم ، وأصل الليل بالنهار لخدمتهم والسهر على مصالحهم ، ومستقبل أجيالهم القادمة، ولم تكن العلاقة بيننا نحن الهاشميين وبين الشعب الأردني الوفي العزيز علاقة حاكم ومحكوم، بل كانت علاقة محبة واحترام وتراحم وتكافل، علاقة أفراد الأسرة الواحدة المتحابة بعضهم ببعض، وقد مرّ الشعب الأردني الوفي من كل المنابت والأصول بأصعب الظروف وأقسى التجارب وظلوا أسرة واحدة متحابة متماسكة، وما خذلوا قيادتهم في أي يوم من الأيام، ولا توانوا عن النهوض بالواجب أو تقديم التضحيات مهما عظمت، فلهم علينا حق المحبة والاعتزاز والتقدير والعرفان”.
تلك هي معاني الوفاء الهاشمية المتوارثة جيلا عن جيل تظهر جليا في هذا الحرص على خدمة الشعب والتطلع الى المستقبل المشرق والسعي لضمان الحياة الكريمة لأبناء الاسرة الاردنية الواحدة .
ووفاء للراحل الكبير الحسين، الذي نذر نفسه لخدمة وطنه وامته على مدى سبعة واربعين عاما، نعيد قراءة التاريخ المشرف ومحطات البذل والعطاء التي سطر فيها الاردنيون مع قائدهم اروع معاني التضحية والوفاء والبذل من اجل بناء الدولة الاردنية الحديثة ، ففي الحادي عشر من آب من عام 1952 اعتلى جلالة الملك الحسين العرش، وفي الثاني من أيار عام 1953 تولى جلالته سلطاته الدستورية ، فكان مليكا شابا سابقا سني عمره يحكم بشجاعة وصمود امام تحديات اقليمية فائقة الخطورة والدقة.
في خطاب للمغفور له في الخامس عشر من آذار عام 1972 قال رحمه الله : “في عام 1948، وحين دخلت الجيوش العربية الى فلسطين، كان أصغر تلك الجيوش عدداً وعدة، هو ( الجيش الاردني ) ومع ذلك، فقد استطاع هذا الجيش، ان ينقذ من فلسطين تلك الرقعة الممتدة من جنين شمالا الى الخليل جنوباً، ومن نهر الاردن شرقاً الى نقطة لا تبعد اكثر من – 15 – كيلو متراً عن شاطئ البحيرة غرباً. كما استطاع أن ينتزع بيت المقدس المدينة المقدسة بكاملها، ومناطق أخرى تقع خارج السور القديم، شمالا، وجنوباً، وشرقاً، مما أصبح يعرف فيما بعد بالقدس العربية، وكانت تلك الرقعة التي أصبحت تعرف بالضفة الغربية – كل ما تبقى للعرب من فلسطين بالاضافة الى تلك الرقعة الضيقة التي صارت تسمى فيما بعد بقطاع غزة”.
وقف الحسين الشجاع في الحرب والسلام ومعه الاردنيون جميعا في وجه تلك المخططات الاسرائيلية الآثمة ، واقتسم مع الشعب الفلسطيني لقمة العيش على اراضيه في موجة هجرة قسرية هي الاكبر في التاريخ الحديث ، وفي ظل تقاعس دولي وتشتت عربي ليستوعب مخاطر حال عصيبة آلت اليه الامة العربية جمعاء .
وفي 24 نيسان عام 1950، عقد مجلس الامة الممثل للضفتين ، بشقيه الاعيان والنواب، جلسة تاريخية تمت فيها أول خطوة حقيقية في التاريخ العربي الحديث، على طريق الوحدة العربية التي نادت بها الثورة العربية الكبرى منذ فجر انطلاقها, وكان ذلك بإعلان وحدة الضفتين، واندماجهما في دولة واحدة عربية مستقلة، ذات نظام نيابي ملكي تعرف باسم المملكة الاردنية الهاشمية.
تجاوز الاردن بقيادة حكيمة وثاقبة خمسينيات القرن الماضي بكل ما فيها من تقلبات وتطورات متسارعة ،وبسياسة اعتمدت التوازن وتوطيد العلاقات مع سائر دول العالم ليضع الحسين ومعه الاردنيون لبنات اولى في البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي فكانت اولى الخطوات الشجاعة والمؤثرة تعريب قيادة الجيش العربي عام 1956 والغاء المعاهدة البريطانية عام 1957 لإكمال السيادة الوطنية والاعتماد على الذات في مواجهة المستقبل .
وسارت خطط التنمية والنهوض بشكل ملفت وفعال الى ان تجددت المخاطر والتحديات حين شن العدو الاسرائيلي الحرب على الاراضي العربية عام 1967 فوقف الجيش العربي الباسل وقائده الاعلى جلالة المغفور له الحسين طيب الله ثراه شجاعا ومقداما لصد الهجوم الغاشم وبلغت وحدة الدم والمصير بين أبناء الضفتين قمة معناها عام 1967 ، حين وقف أبناء الضفتين على أرض الضفة الغربية يضرجون ترابها الطاهر بدمهم المشترك .
ومضى جلالة الملك الحسين رحمه الله في محو آثار تلك الحرب حتى جاء يوم الحادي والعشرين من آذار عام 1968 ليكون يوما لاستعادة الكرامة العربية والثقة بالانتصار حين صد جيشنا الباسل القوات الاسرائيلية في معركة تاريخية سطر فيها الاردنيون اروع معاني التضحية والفداء والدفاع عن ارض الاردن الطهور .
وفي عهد جلالته طيب الله ثراه اسهم الاردن بفاعلية في تأسيس جامعة الدول العربية وبقي ملتزما بقراراتها ومؤيدا لكل خطوة تؤكد التعاون والعمل العربي المشترك ودعم القضايا العربية خاصة القضية المركزية فلسطين للوصول الى حل عادل وشامل يحفظ كرامة الامة ويعيد الارض لشعبها مقابل سلام يعم منطقة الشرق الاوسط بأكملها .
ورعى جلالته مسيرة الحياة السياسية وتعزيز نهج الديمقراطية وقد واجه الأردن مسألة دستورية بسبب احتلال الضفة الغربية، فكان الميثاق الوطني الأردني ومجالس الشورى لملء الفراغ الدستوري، وعندما كانت إرادة الأشقاء بان يتولوا المسؤولية بأنفسهم كان القرار الأردني في مؤتمر الرباط عام 1974 بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، وليتبع ذلك قرار فك الارتباط القانوني والإداري عام 1988، وبالتالي تسنى للأردن استئناف مسيرته الديمقراطية الدستورية، عام 1989 على قاعدة التعددية السياسية وتأكيد نهج الشورى وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية لتشمل المرأة، مرشحة وناخبة.
وتمكن المغفور له جلالة الملك الحسين، من بناء دولة المؤسسات الأردنية، فقطع الأردن في عهده أشواطا طويلة على طريق التطور والتنمية والتحديث، شملت مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والعمرانية والعلمية والثقافية، وتم تنفيذ العديد من المشروعات السياحية والزراعية الكبيرة .
وكان الراحل الكبير، دائم التواصل مع أبناء أسرته الأردنية الواحدة يزورهم في مضاربهم ومدنهم ومخيماتهم، يتفقد أحوالهم ويتلمس احتياجاتهم ويصدر توجيهاته للحكومات لتنفيذ المشروعات التنموية وتوزيع مكتسباتها بعدالة على الجميع ، فاعتمدت الحكومات المتعاقبة الخطط التنموية لتشكل حزما من البرامج للنهوض بالمجتمع الأردني، فارتفعت نسبة التعليم وعدد المدارس والمعاهد والجامعات، وارتفع مستوى المعيشة وتحسنت نوعية الحياة، وازدهرت الحياة الاقتصادية، ونشطت الصناعات المختلفة، كالتعدين والفوسفات والبوتاس والاسمنت وغيرها، ونمت التجارة خاصة مع توفر شبكة من الطرق والمطارات الدولية وميناء قادر على استيعاب حركة التجارة العالمية.
وأولى الملك الحسين طيب الله ثراه القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية جل عنايته واهتمامه، لتبقى درعا منيعا في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره، حيث شهدت، في عهد جلالته، تطورا في مجالات التدريب والتأهيل والتسليح ، كما كان لها إسهاماتها في مسيرة البناء والتنمية.
وكان شعار المغفور له الملك الحسين الإنسان أغلى ما نملك ترجمة لاهتمامه بالإنسان الأردني ودعوته إلى أن يكون الاستثمار في الإنسان الأردني تعليما وتدريبا هدفا ساميا، لإعداد جيل قادر على التحليل والتفكير والإبداع ومواجهة التحديات.
ومثلما كانت معركة الحرب التي خاضها الأردن بقيادة جلالته رحمه الله بكل شرف وشجاعة، كانت معركة السلام حيث تم توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 1994.
في كلمته التي نعى فيها الحسين للعرب والعالم، قال جلالة الملك عبد الله الثاني: “رحم الله الحسين الأب والأخ والقائد والإنسان، فصبراً مؤمنين بالله الواحد الأحد، وسوف تبقى روح الحسين معنا وبيننا ولن يغيب عن قلوبنا وأرواحنا وسوف نحافظ على عهد الحسين في البناء والعطاء بكل إخلاص ووفاء ومن أجل الأردن الأعز والأقوى بكل قوة وايمان صفاً واحداً وقلباً واحداً وأسرة واحدة”.
ويخلد الاردنيون اسم الملك الحسين في وجدانهم، وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني اطلق اسم الحسين على عدد من الجوائز الريادية في المجالات الانسانية والاعلامية واكثر من صرح طبي وعلمي واكاديمي وثقافي من ضمنها جائزة الملك الحسين للقيادة الانسانية وقصر الملك الحسين للمؤتمرات ومطار الملك الحسين في العقبة ومركز الحسين للسرطان.
وقف الأردنيون بعزة وإباء إلى جانب الابن الملك والأسرة الهاشمية بهذا المصاب الجلل، فكان الوداع المؤثر للحسين في السابع من شباط 1999، يوم تجديد البيعة للقيادة الهاشمية الحكيمة.
وكانت جنازة الحسين طيب الله ثراه التي وصفت بأنها جنازة العصر كشهادة عالمية بمكانة الأردن الرفيعة ، واعترافا بحكمة الحسين طيب الله ثراه ، إذ التقى قادة العالم وزعماؤه على الأرض الأردنية وفاء للراحل الكبير وثقة بالقيادة الهاشمية التي تسلم رايتها جلالة الملك عبدالله الثاني الذي سار بالأردن على درب الانجاز وتعزيز البناء الذي أرسى دعائمه الراحل الكبير.
ومنذ أن تولى جلالة الملك عبدالله الثاني أمانة المسؤولية، وجه جلالته حكوماته المتعاقبة للعمل على مواكبة تحديات العصر التي تفرض إطلاق طاقات جميع الأردنيين ، والإفادة من فرص تمكين جميع الأردنيين والأردنيات من أدوات العلم والمعرفة والتأهيل.
في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الثالثة لمجلس الأمة الثالث عشر في الاول من تشرين الثاني عام 1999 قال جلالته: “فباسم الله وعلى بركة الله نفتتح الدورة الثالثة لمجلس الأمة الثالث عشر، وهي الدورة العادية الأولى في عهدنا، الذي سنعمل فيه بعزم وإرادة قوية، من أجل رفعة الأردن وازدهاره، والدفاع عن قضايا أمته ومستقبل أجيالها، وذلك وفاء للرسالة العظيمة، التي تحدرت إلينا من الآباء والأجداد، بعد أن قدموا في سبيلها التضحيات الجسام، ووفاء للأهداف النبيلة التي سعى الحسين العظيم رحمه الله إلى ترسيخها، فكان هذا البناء الشامخ الذي ورثناه، والاحترام الكبير الذي نلمسه حيثما نذهب، وقد استقر في الضمير والوجدان منذ اللحظة الأولى، التي أكرمني الله فيها، بشرف أمانة المسؤولية الأولى في الأردن العزيز، اني نذرت نفسي لخدمة الشعب الأردني الوفي، العربي الوجه والضمير والرسالة والذي أعتز بالانتماء إليه، وأفاخر الدنيا بأصالته، وقدرته على مواجهة التحديات والصعاب، والحرص على النهوض بالواجب، دفاعا عن قضايا أمته، وإسهاما في صياغة مستقبلها، الذي يليق بتاريخها، ورسالتها الإنسانية والحضارية العظيمة”.
وجلالته يؤكد دوما أهمية تكريس مبدأ الشفافية والمساءلة وسيادة القانون وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز منظومة مكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين والمفسدين ويشدد دوما على أهمية التعاون والتنسيق بين جميع المؤسسات الرقابية وتفعيل أنظمة المساءلة على أسس شفافة ونزيهة وموضوعية ووفق أفضل المعايير والممارسات الدولية .
وخلال تسلم جلالته ميثاق منظومة النزاهة الوطنية كانون الاول الماضي اكد جلالته أن تكريس مفاهيم النزاهة، كمنظومة للعمل في القطاعين العام والخاص، يعد بمثابة مرتكز رئيس للتحول الديمقراطي ، ومؤشر واضح على جدية عملية الإصلاح والتطوير والتحديث، وتجذير لنهج مكافحة الفساد بكل أشكاله، وملاحقة الفاسدين للقضاء على هذا الوباء قبل أن يستفحل في هذه الأرض الطيبة ويشكل خطراً على الوطن ومنجزاته .
وشهد الأردن في عهد جلالته إصلاحات سياسية عديدة من خلال التعديلات الدستورية وتضمنت نصوصا جديدة تتعلق بإنشاء محكمة دستورية وهيئة مستقلة للانتخابات ، ويركز جلالته على الدور المهم لمجلس النواب في تسريع عملية الاصلاح والتنمية الشاملة ، وفي كتاب التكليف السامي الثاني لحكومة الدكتور عبدالله النسور اكد جلالته اهمية الحوار مع مجلس النواب والقوى السياسية الأخرى حول برنامج عمل الحكومة والفريق الوزاري القادر، ليس فقط لتقديم أفضل الحلول للتحديات الراهنة، بل وضع وتنفيذ برنامج عمل وطني شامل يجدد انطلاقة الأردن على مسار النمو المستدام، ويمكن الأردنيين من توظيف طاقاتهم وقدراتهم في مختلف المجالات للنهوض بالوطن، وتعزيز دوره الريادي في المنطقة والعالم.
وجلالته يؤكد دوما أن الحفاظ على الوحدة الوطنية هي مسؤولية جماعية يتحملها كل من الحكومة وجميع مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين، وأن وحدتنا الوطنية خط أحمر لن نسمح لأي كان العبث بها، وفي خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السادس عشر قال جلالته ” لقد تأسس الأردن على مبـادئ البيعة وتقوى الله والعدالة للجميع أمام القانون ، ومن هنا انطلقت الثـورة العربية الكبرى ، مطالبة بالوحدة والحرية، وأصبح الأردن موئلا لجميع الأحرار من إخوتنا في القومية والعقيدة ، وقد بنى أجدادنا الأردنيون في هذا الحمى وطنا للحرية والعدالة والمساواة ، فالأردن لكل الأردنيين، والانتماء لا يقاس إلا بالإنجاز والعطاء للوطن ، أما تنوع الجذور والتراث فهو يثري الهوية الوطنية الأردنية ، التي تحتـرم حقوق المواطن، وتفتح له أبواب التنوع ضمن روح وطنية واحدة تعزز التسامح والوسطية”.
وجلالته كضامن لعملية الإصلاح السياسي عازم على المضي قدماً ، وفي مقالته “التعددية والوحدة الوطنية: العمود الفقري لأمن الأردن ” لمجلة وورلد بوليسي جورنال يقول جلالته ” فقد سعيت من خلال أربع أوراق نقاشية إلى إطلاق حوار عام حول الخطوات المستقبلية ، كما أننا عززنا من ضوابط الفصل والتوازن بين السلطات بهدف حماية التعددية ، وجعل العمل السياسي متاحا بشكل متساوٍ أمام الجميع، وذلك عبر إجراءات تحول دون إساءة استخدام السلطة من أجل التضييق على الآخرين أو تهميشهم . والآن ، بات من الضروري لثقافة الأحزاب السياسية أن تستمر بالتقدم، وأن يتم تطوير الجهاز الحكومي من أجل دعم الانتقال التدريجي نحو نظام حكومي برلماني مكتمل العناصر. كما لا بد من تدعيم مستوى الثقة الشعبية في المؤسسات العامة ( ولهذه الغاية تم تشكيل لجنة للنزاهة الوطنية ، ولجنة لتقييم التخاصية ، وإجراءات للقضاء المستعجل للنظر في قضايا الفساد ، وبما يضمن أن تأخذ العدالة مجراها “.
وفي المجال الاقتصادي تبنى الاردن في عهد جلالته ، مبادئ التحرر الاقتصادي لتصير جزءا من استراتيجية المملكة للتنافس الفعال في الاقتصاد العالمي الجديد ونتيجة لذلك أدخلت إصلاحات اقتصادية وبنيوية رئيسية لدمج الاقتصاد الأردني بصورة فعالة بالاقتصاد العالمي أدت إلى توقيع عدد من الاتفاقيات المهمة على الصعيدين العربي والدولي.
ووقع الأردن عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية ، في مقدمتها الانضمام إلى عضوية منظمة التجارة العالمية، واتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأميركية، واتفاقية الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي، واتفاقية إقامة منطقة التبادل التجاري الحر بين الدول العربية المتوسطية (اتفاقية أغادير) كما وقع اتفاقية مع رابطة الدول الأوروبية (الافتا)، واتفاقية إقامة منطقة تجارة حرة مع سنغافورة، وكان من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية.
وتشكل استضافة الاردن للمنتدى الاقتصادي العالمي اكثر من مرة قصة نجاح لما تظهره من مكانة مميزة للأردن بين دول المنطقة ولما تأسس فيها من شراكات ناجحة وجذب للاستثمار عبر شراكات اقتصادية مع البلدان والمجموعات الدولية المؤثرة .
وفي كلمة جلالته في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ايار الماضي قال جلالته: “اننا نسعى إلى النمو الشامل، الذي يعد مفتاحا لتوفير فرص العمل في الحاضر والمستقبل. ويدرك الأردن الدور المحوري للقطاع الخاص. فمنذ أكثر من عشر سنوات ونحن نعمل على إزالة المعيقات أمام المشاريع، وعلى الاندماج في الاقتصاد العالمي والإقليمي. ولدينا اتفاقيات تجارة حرة توصلنا إلى أكثر من مليار مستهلك. وقد استثمرنا في البنية التحتية والخدمات العامة، وفي أعظم وأعز ما لدى الأردن – في شعبنا. وقد التفتت شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها إلى قوانا العاملة الشابة الماهرة في شؤون التكنولوجيا ، مما ساعد في جعل الأردن رائدا في المنطقة في هذا المجال”.
وتأتي مبادرات جلالة الملك في إطلاق سبع مناطق تنموية في مختلف محافظات المملكة ضمن سلسلة من المبادرات الرامية إلى تحقيق نهضة اقتصادية حقيقية، هدفها تكريس مبدأ التوزيع العادل لمكتسبات التنمية ، كما تأسس في عهد جلالته صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية قبل نحو عشر سنوات .
وتمثل منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة احدى المبادرات الملكية السامية انموذجا ناجحا للشراكات الاقتصادية بين القطاع الحكومي والقطاع العام حيث حققت اكثر من ثلاثة اضعاف الهدف الرئيس لخطتها الاستراتيجية ، اذ بلغت قيمة الاستثمارات الملتزم بها على ارض الواقع حتى هذا العام ، 20 مليار دولار في حين ان الرقم الاستثماري المستهدف بحلول العام 2021 هو ستة مليارات دولار.
ويعد ميناء العقبة واحدا من أفضل ثلاثة موانئ واكثرها تطورا في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا وخلال شهر تشرين الأول الماضي تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني بتدشين مشروع توسعة رصيف ميناء العقبة ، الذي يعتبر ترجمةً حقيقيةً للرؤية الملكية الرامية الى فتح المزيد من الآفاق أمام مدينة العقبة وتعزيز مكانتها كبوابة للخدمات اللوجستية في المملكة والمنطقة.
وشهدت النهضة العمرانية والبنى التحتية في عهد جلالته اضطرادا مستمرا ونقلة نوعية هائلة تمثلت بالاضافة الى انشاء المناطق التنموية في عدد من المدن الأردنية بتنفيذ مشروعات متعددة عمرانية وسكنية ومائية شملت جميع محافظات المملكة مع إعطاء الأولوية لإيجاد السكن الملائم للعديد من الفئات المجتمعية .
وتستند رؤية جلالة الملك فيما يتعلق بالشباب إلى أهمية زيادة مشاركتهم والتواصل معهم وتنمية قدراتهم ورعايتهم وترسيخ جذور الثقة لديهم، وفي اطار تعزيز مشاركتهم السياسية تم تخفيض سن الانتخاب لسن الثامنة عشرة لتمكين اكبر عدد ممكن من الشباب في المشاركة في العملية الديمقراطية .
وانشىء في عام 2001 صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ومن ضمن اهدافه دعم الأنشطة وتوفير البرامج التي تحفز طاقات الإبداع والتميّز لدى الشباب الأردني وتنمية مواهبهم من خلال الاستثمار الأمثل لطاقات أبناء الوطن وإمكاناتهم الكامنة، وتعزيز إنتاجيتهم بتدريبهم وتأهيلهم، ودعم أنشطة الإبداع والتميّز بمختلف أشكالها، وصولاً إلى مستوى متميّز في الموارد البشرية المؤهّلة.
وتأسست في عهد جلالته هيئة شباب كلنا الاردن التي حققت العديد من الإنجازات المتراكمة منذ التأسيس الى اليوم عبر جهد وطني شبابي جماعي تطوعي تكلل بالنجاح تم بالشراكة مع العديد من مؤسسات القطاع العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية وبإجمالي مستفيدين (855،658) مشاركا ومشاركة من جميع المحافظات والبوادي والمخيمات .
وجاء برنامج التمكين الديمقراطي تنفيـذاً للمبادرة التي اطلقها جـلالة الملك عبدالله الثاني خـلال زيـارتــه للجـامعـــة الاردنيـة فـي 10 / 12 / 2012 لتـمكيـن المجتـمـع المـدني افــراداً ومؤسسـات مـن ممـارســة دورهـم فـي التحـول الديمقـراطي وارساء قيم المدنية والمواطنة الفـاعلـة وتعزيــز احتــرام الحريات وثقافـة المساءلـة والشفافيـة والعمل التطوعي ، ولتحقيق هذا الهدف يعمل البرنامـج وفـق مبدأ تبــادل وتراكـم المعرفـة والخبـرات مع كافــة الشركـاء، وانطلاقاً من هذا النهج التشاركي عقد البرنامج سلسلـة من اللقاءات الحوارية مع ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقيادات الشبابية والرواد الاجتماعيين وقادة الرأي لبناء البرنامج وتصميمه .
وتم ضمن هذا البرنامج اطلاق عدة نوافذ من ضمنها نافذة التمكين الشبابي والتي اطلق البرنامج دورتها الاولى تحت شعار( كلنا شركاء في الاصلاح والتغيير) ايماناً بقــدرة الشبـاب ومؤسســات المجتمـع المدني على المسـاهمـة في التغييـر الايجابـي والتصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تمـر بها المنطقـة ، حيث توفـر هذه النافـذة الدعـم المالـي والفنـي واللوجستـي لتحـويـل افكـار الشبـاب الى مشاريـع رياديـة او لتوسعـة نطـاق مشاريـع مؤسسات المجتمـع المدني الناجحة وتبنيها على المستوى الوطني.
وفي اطار الاهتمام الملكي بدعم وتعزيز مشاركة المرأة الاردنية تم في عهد جلالته تعديل وسن تشريعات جديدة عملت على رفع نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية وفي السلك الدبلوماسي والقضائي ، وخلال لقاء جلالته مع البرلمانيات الاردنيات في كانون الثاني الماضي والذي جاء في إطار التواصل مع الكتل والتجمعات والمبادرات البرلمانية شدد جلالته على أن “مسيرتنا الديمقراطية في تقدم مستمر ومدروس ومتوازن ومتدرج يكفل المضي في حاضرنا وبناء مستقبل أجيالنا بقوة وثبات وثقة”.
ويعد النظام القضائي الفعّال هو حجر الأساس في تحقيق رسالة الدولة الأساسية المتمثلة بإقامة العدل بين جميع الناس، وإرساء قيم النزاهة والمساواة وتكافؤ الفرص، والحفاظ على حقوق المواطن ومكتسباته التي نصّ عليها الدستور، وكفلتها القوانين والأنظمة المرعية ، وفي الدستور نص واضح بان (القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون) وانطلاقا من ذلك تم في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني اجراء اصلاحات قضائية اسهمت في تطوير القضاء وتعزيز استقلاليته واقر المجلس القضائي الأردني بموجب قانون استقلال القضاء مدونة قواعد السلوك القضائي لسنة 2014 لتعزيز مبدأ الاستقلالية والنزاهة لدى القاضي نفسه .
ومن منطلق سعي جلالة الملك عبدالله الثاني لتحقيق مبدأ العدل أساس الملك ، تشكلت اللجنة الملكية لتطوير الجهاز القضائي انسجاما مع قناعات جلالته أن لا تنمية سياسية وإدارية وتعليمية واقتصادية سوى بإصلاحات جذرية، تطال جميع محاور عملية التقاضي التي من شانها تكريس الأمن والاستقرار والشعور بالطمأنينة وتعزيز المكاسب الاستثمارية في الدولة .
ولجلالته رؤية في تطوير الاعلام تتمحور حول اهمية بناء نظام إعلامي أردني حديث يشكل ركيزة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نريد يتماشى وسياسة الانفتاح الاقتصادي الاجتماعي والثقافي التي ينتهجها الأردن ويواكب التطورات الحديثة التي يشهدها العالم وتأخذ بعين الاعتبار روح العصر وتخدم أهداف الدولة الأردنية وتعبر عن ضمير الوطن وهويته بجميع فئاته وأطيافه وتعكس إرادته وتطلعاته وتتيح لوسائل الإعلام الأردنية القدرة على التنافس مع وسائل الإعلام الأخرى.
وجلالته يؤكد دوما أهمية دور الإعلام في تحقيق مبدأ الشفافية وفتح قنوات الاتصال بين المواطن ومؤسسات الدولة والكشف عن أماكن الخلل أو الفساد، وتحلي الإعلام بالموضوعية والمهنية والمصداقية.
كما أولى جلالته أهمية قصوى لتطوير التعليم بما يواكب التطورات التكنولوجية على المستوى العالمي ، فشهد التعليم قفزة نوعية مهمة تمثلت بحوسبة المناهج الدراسية وتطوير المفاهيم المتعلقة بالسلام وحقوق الإنسان اضافة الى وصول اجهزة الحاسوب الى جميع مناطق المملكة بما فيها المناطق النائية.
ويعتبر وضع الرعاية الصحية ومخرجاتها في الأردن وبحسب تقارير دولية مميزا ، حيث أنه يتم تخصيص 8 بالمئة من الدخل القومي الإجمالي للقطاع الصحي وهذه النسبة تعتبر عالية مقارنة بدول لها نفس مستوى الدخل القومي فيما يشمل التامين الصحي المجاني وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني جميع السكان ممن هم فوق سن الستين والاطفال ممن هم دون السادسة من اعمارهم .
وجاءت المبادرات الملكية التي اطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني لتشرح منهج الإسلام القائم على احترام قيم الإنسان ونبذ العنف والتطرف والدعوة للحوار ومن بينها رسالة عمان وكلمة سواء واسبوع الوئام بين الاديان من اجل تبيان صورة الإسلام الحقيقية المبنية على أسس الخير والعدالة والتسامح والاعتدال والوسطية .
ويولي جلالته القوات المسلحة جل اهتمامه ورعايته فهو رفيق السلاح اذ تخرج من صفوفها وعرف واقعها الدقيق ومتطلباتها وأولاها كل الرعاية والاهتمام لتواكب العصر تسليحاً وتأهيلاً وكان له ما اراد فسعى جلالته جاهداً لتطوير وتحديث القوات المسلحة لتكون القادرة على حماية الوطن ومكتسباته والقيام بمهامها على اكمل وجه لتواكب روح العصر والتطور مثلما يسعى الى تحسين اوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين حيث اصبحت القوات المسلحة الاردنية مثالاً ونموذجاً في الاداء والتدريب والتسليح تتميز بقدرتها وكفاءتها القتالية العالية بفضل ما اولاها جلالة القائد الاعلى من اهتمام كبير بحيث هيأ لها كل المتطلبات التي تمكنها من تنفيذ مهامها وواجباتها داخل الوطن وخارجه.
وفي اطار الاهتمام بضباط صف وافراد القوات المسلحة اوعز جلالته في كانون الاول الماضي الى رئيس هيئة الاركان المشتركة بزيادة قرض الاسكان العسكري لضباط الصف والافراد من سبعة آلاف وخمسمائة دينار الى عشرة آلاف دينار اعتبارا من بداية العام الجاري وزيادة عدد المستفيدين شهريا الى 350 مستفيدا تقديرا لجهودهم وتفانيهم في اداء واجباتهم والرسالة التي يحملونها كما اوعز بتخصص 400 وحدة سكنية كإسكانات وظيفية لضباط وضباط الصف وافراد القوات المسلحة.
ولعبت القوات المسلحة الأردنية دوراً بارزاً في عمليات حفظ السلام الدولية نظراً للسمعة الممتازة التي أصبحت تميز الجندي الأردني من حيث الاقتدار والانضباطية في السلوك واحترام الوقت والمعاملة الإنسانية وقدرته على فهم ثقافات الشعوب وخصوصية المجتمعات التي يعمل فيها في إطار مهام الأمم المتحدة فأصبح الجندي الأردني رسول سلام ومحبة يجوب العالم ليرفع اسم الأردن عالياً حتى غدت قواتنا المسلحة الباسلة تلعب الدور الأكبر في هذا المجال وأصبح لها حضور متميز في العديد من دول العالم.
وقد أنشئ معهد متخصص لهذه الغاية يقوم بالتدريب على عمليات حفظ السلام ،وشارك في الدورات التي تعقد في هذا المعهد متدربون من دول عربية وأجنبية ، والشهادات التي يمنحها المعهد معترف بها من هيئة الأمم المتحدة ، وتشارك القوات المسلحة اليوم بقوات مدربة في العديد من بقاع العالم إضافة إلى مستشفيات ميدانية مجهزة بأحدث التجهيزات الطبية والكوادر المؤهلة .
وفي سبيل هذه الرسالة الإنسانية السامية قدمت القوات المسلحة خبرتها ومعرفتها في خدمة الأمن والسلم الدوليين وفي قيادات الأمم المتحدة وكمراقبين عسكريين كما جادت بخيرة أبنائها ممن استشهدوا في مواقع عدة من أرجاء المعمورة.
وواصل الأردن بقيادة جلالته العمل على إيجاد حلٍ عادلٍ وشاملٍ للقضية الفلسطينية، ولم يأل جلالته جهدا في اطلاع العالم بأسره على عدالة الحقوق التي يطالب بها الشعب الفلسطيني وأهمية مواصلة تقديم العون والمساعدة له وتمكينه من تحقيق تطلعاته في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وفيما يتعلق بعلاقات الأردن مع الدول العربية، فقد حرص جلالة الملك عبدالله الثاني، على إدامة التنسيق والتشاور مع إخوانه القادة والزعماء العرب، وعمل على تقوية علاقات التعاون وتمتينها في مختلف المجالات، خدمة للمصالح المشتركة، وتعزيز دور الأردن الإيجابي والمعتدل في العالم العربي.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية ، فجلالته يدعو الى ضرورة حلها بالحوار السياسي لحماية الامن والاستقرار في المنطقة ، كما يستضيف الاردن على اراضيه ما يقارب 600 الف لاجئ سوري وما يعني ذلك من زيادة العبء على موارده المحدودة .
وفي عهد جلالته تعزز دور المملكة على المستوى الدولي وكان جلالته صوتا للامتين العربية والاسلامية في الدفاع عن قضاياها العادلة وحث دول العالم جميعا على العمل من اجل السلام ، وفي خطابه في الدورة العادية الثامنة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة قال جلالته : ان مستقبل الأمن العالمي سيتشكل بناء على ما يحدث في الشرق الأوسط الآن، ويمكن لمنطقتنا أن تكون، بل يجب أن تكون، بيتا للسلام والإزدهار، بوجود ركائز قوية من الحكم الرشيد، وفرص متاحة أمام الجميع، خصوصا لشبابنا، وهذا هو بيتنا الأردني الذي نعمل على بنائه، ونحن لسنا وحدنا في هذا الأمر .. لكن علينا أن نتذكر أنه لا يمكن بناء أي بيت للسلام والازدهار في مدينة تحترق. واليوم، لا يمكننا تجاهل الحرائق في المنطقة، التي تمتد إلى العالم أجمع. ولذلك، ومن أجل حماية المستقبل، على العالم أن يتجاوب معنا في إخماد هذه الحرائق.
وايمانا بدور الاردن على المستوى الاقليمي والعالمي انتخب الاردن عضوا في مجلس الامن الدولي لولاية تستمر سنتين وقد انتخب الاردن بأكثرية الثلثين بحصوله على 178 صوتا خلال عملية تصويت اجريت في الجمعية العامة للأمم المتحدة.