عروبة الإخباري- كتب سلطان الحطاب
هذا عام أول جديد ينهيه السلطان هيثم بن طارق الذي جاء الى تولي مسؤولياته ليتميز باستمرار الاقتراب من مواطنيه، والدراية بشؤونهم والحرص على اوضاعهم وإسناد الأكثر حاجة منهم للرعاية في مختلف المجالات ..
نهج السلطنة كان ثابتاً منذ بدء النهضة عام 1970، ولكن تمتاز هذه المرحلة من تولي السلطان هيثم بنكهة مختلفة من حيث تجديد الانطلاقة وصيانتها وتوفير مستلزماتها بعناية ودقة، وإحسان الرقابة على المال العام وانتظام الخطط ووضع الرؤية العمانية التي اسهم في وضعها السلطان هيثم بن طارق شخصياً حين كان عضوا في الوزارة ويدير احدى الحقائب، وها هو الوقت قد جاء لإنفاذ الرؤية العمانية كما كان يتصورها مع بعض التعديلات الطفيفة التي تناسب التكيف مع المراحل القائمة والقادمة.. والرؤيـة حتى تكون ممكنة النفاذ توزعت على خطط ومحاور رئيسية أربع تحدث عنها السلطان في اكثر من مناسبة ووضعها بين يدي حكومته لتنطلق بها مع مطلع هذا العام 2021 ، وقد جاءت المحاور الاربعة في عدة محطات رئيسية تشمل مجتمع (انسانه مبدع) و(اقتصاد بنيته تنافسية) و(بيئة مواردها مستدامة) و(دولة اجهزتها مسؤولة)،وهذه العناوين التي تنطلق بها الرؤية العُمانية ليست مجرد شعارات، بل انها اطارات لا بد ان تملأ بالعمل والخطط التفصيلية التي تضع سقوفاَ زمنية مناسبة تبدأ من العتبة الى السقف، وتكون قابلة للمعاينة والقياس والمحاسبة…
لدى السلطان قدرة مميزة على المتابعة وذاكرة قوية تطلق الاسئلة، وفي ذهنه المواطن العماني ومدى استفادته من الخطط ومن التنمية والمدى الذي يتمكن فيه من المشاركة في احداثها وانعكاس ذلك عليه، و رغم الظروف التي تمر بها المنطقة كلها من اوضاع اقتصادية واجتماعية وانتشار جائحة الكورونا إلا ان السلطان هيثم بن طارق والطاقم الوزاري الذي يعمل الى جانبه و كل اجهزة الدولة اصبحت بتوجيهاته معنية تماما والى ابعد حد بإنفاذ الرؤية العمانية وخاصة في المرحلة الاولى منها، والتي تبدأ الآن و تمتد على مدى خمس سنوات من (2012-2025 )
حيث تبرز الاهداف الوطنية المرتبطة ببرامج تنفيذية تستهدف الابقاء على زخم النمو الاقتصادي ومعالجة اي تراجع فيه نتاج أي ظروف ذاتية او حتى موضوعية..
السلطان حريص أن تبرز النهضة التي بدأت بانطلاقة عام 1970 نفسها، وان تكتسب درجة عالية من التحديث والمواكبة واستلهام حاجات المواطنين العمانيين وطموحاتهم التي تحفظ حقوقهم وتكرسها وتراكم عليها المزيد من المكاسب والانجازات، وان يتوفر للأسر العمانية ذات الموارد المحدودة المزيد من المكاسب والتسهيلات لمواجهة الازمات والتحديات الطارئة، وهذه المكونات كلها ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي يراها السلطان تتحقق ضمن ما اسمي بالتوازن المالي الذي يخدم نظاما وطنيا متكاملا للحماية…
السلطان في توجيهاته سمى “صندوق الامان الوظيفي” وأشار اليه ونبه الى ضرورة رفده، وشمل الاهتمام به بالرعاية السامية مؤكدا على ان تنال الايدي الوطنية العاملة حقوقها تماما..
كان السلطان دائما يمتلك روحا نقدية ايجابية هادئة وعميقة، وهذه الروح في معالجة القضايا لم تفارق رؤيته ولذا ارادها ان تسري اليوم في الخطط الموضوعة، ولن يتساهل في ذلك لأنه يدرك تماما ان الاستقرار يبدآ من خدمة المواطن، وان التنمية بعيداً عن اشراك المواطن وبعيداً عن مردودها المباشر على حياته انما هي تنمية نظرية تتداولها الاوراق فقط ..
الورشه الاصلاحية العمانية لصيانة المسيرة المستمرة تبدأ الان في سلطنة عمان حيث انطلاقه جديدة رافدة للانطلاقة الأم التاريخية، وقد جرى صب الاهتمام على الداخل في حين تأخذ السياسة العمانية الخارجية صفة الثبات والبناء على ما كان، فقد اصابت السلطنة باستمرار في سياساتها الخارجية وظل تشخيصها لمختلف المعطيات صحيحا، فالحياد الايجابي وعدم التدخل في شؤون الاخرين وقبول الاخرين، والإيمان بالحوار وتعظيم قيم السلام، وتوظيف فائض الجهود في خدمة القضايا الاقليمية، والعمل على تخفيف المنازعات والتوجه الى تصفير الخلافات، والأخذ بمبدأ الشراكة وعدم التسرع في القرارات، والانفتاح على كل الاطراف والتعامل بالمثل، وثبات السياسات وعدم الانقلاب عليها .. كل هذه الصيغ هي مفردات الدبلوماسية العمانية ومكوّن نصها الاساسي ومنطلقاتها التي جعلت من السلطنة دائما موقع تقدير واحترام وقبلة للمختلفين الذين يجدون النصيحة والرؤية الجلية.
مازالت السلطنة تحتفظ بمواقفها الثابتة والواضحة من الحرب في اليمن، وعلى اليمن، من الصراع في سوريا، ومن دورها الاساس في منظومة مجلس التعاون، وعلى تقاليدها في حضوره وحضور المؤتمرات واللقاءات العربية وغيرها، ومازالت تمد يدها كما فعلت الى جانب الكويت في الوساطة لإنهاء الازمة القطرية مع بعض دول مجلس التعاون، وقد جاء النجاح الأخير ليؤكد رؤيتها، وما زالت مواقفها المتميزة والثابتة من القضية الفلسطينية تلهم اطرافاُ كثيرة بضرورة مراعاة المصالح العامة للأمة والإقليم وعدم القفز او حرق المراحل او التطرف او التفرد لما لذلك من مخاطر..
السلطان هيثم بن طارق.. ما الجديد؟
3
المقالة السابقة