عروبة الاخباري –عقد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي ونظيراه القبرصي نيكوس خريستودوليديس واليوناني نيكوس دندياس اليوم اجتماعاً هو الرابع لوزراء الخارجية في إطار آلية التعاون الثلاثي التي أطلقها القادة في العام ٢٠١٦ لتكريس الشراكة المتنامية بين الدول الثلاث في عديد مجالات حيوية وزيادة التنسيق والتعاون إزاء القضايا الإقليمية وبهدف تحقيق الهدف المشترك تكريس السلام والاستقرار وتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي.
واستعرض الوزراء الخطوات التي اتخذتها البلدان الثلاث لتنفيذ مخرجات قرارات القمتين التي عقدهما القادة في نيقوسيا في العام 2018 وعمّان في العام 2019 في إطار التحضير للقمة القادمة المزمع عقدها في اليونان العام القادم.
وبحث الوزراء خلال اللقاء الذي تم في وزارة الخارجية أجندة تعاون واسعة شملت ١١ موضوعًا مرتبطة بالتعاون في إطار الآلية الثلاثية والتطورات الإقليمية.
واتفق الوزراء على المضي في التحضير لاجتماع القمة عبر عقد اجتماع للوزراء المعنيين لبحث آفاق زيادة التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية والتعليمية والصحية وغيرها من مجالات التعاون وتحد الخطوات المستقبلية لتفعيله.
وخلال تصريحات صحافية مشتركة بعد اللقاء أكد الصفدي أهمية الاجتماع وهو الرابع في إطار “آلية التعاون الثلاثي التي أطلقها القادة، آلية عملية لتفعيل التعاون الاقتصادي فيما بيننا، ولزيادة التنسيق إزاء القضايا الإقليمية.”
وقال الصفدي “نحن قريبون إلى بعضنا البعض جغرافيا وثقافيا ونتأثر مجتمعين بالتطورات في المنطقة ما يجعل التنسيق إزاء مختلف القضايا ضرورة ومصلحة مشتركة. ” وزاد “جزء من التنسيق الذي نعمل على مأسسته هو التنسيق إزاء حل الصراعات الإقليمية وضمان منطقة مستقرة، منطقة آمنة، تكون فيها العلاقات مبنية على أساس القانون الدولي، على أساس عدم التدخل بشؤون الآخر، احترام مصالحه المشروعة، وبناء الأمن والاستقرار الذي يتيح لنا جميعا أن نتقدم باتجاه تحقيق التنمية الحقيقية ومواجهة عديد تحديات، اجتماعية، اقتصادية.”
وقال الصفدي إن الاجتماع ارتكز إلى أجندة موسعة تناولت 11 قضية تنوعت بين العلاقات في إطار العلاقة الثلاثية، العلاقات الأردنية-الأوروبية وقضايا المنطقة.
وأشار إلى أن الاجتماع ركز على “القضية المركزية، القضية الأساس بالنسبة لنا في المملكة، وهي القضية الفلسطينية، وجهودنا المشتركة من أجل إيجاد أفق سياسي يتيح لنا استئناف مفاوضات جادة وفاعلة لحل الصراع على أساس حل الدولتين، الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق القانون الدولي ووفق مبادرة السلام العربية.”
وقال الصفدي إن الأردن يثمن الموقفين اليوناني والقبرصي الداعمين لحل الدولتين ولجهود العودة إلى المفاوضات. وأضاف “نحن نعمل معا، وبالتنسيق مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي وفي العالم العربي من أجل كسر الجمود والعودة إلى المفاوضات لأن الفشل في ذلك سيعمق الصراع، والخطوات الإسرائيلية الأحادية اللاشرعية في الضفة الغربية التي تقوض حل الدولتين شيء نحن نحذر منه بشكل مستمر في المملكة ونعمل من أجل إيجاد أفق سياسي يوقف هذه الخطوات ويأخذنا باتجاه الحل سياسي المطلوب.”
وحول الأزمة السورية أكد الصفدي أنه ونظيريه القبرصي واليوناني متفقون على ضرورة تفعيل كل الجهود التي تتيح التقدم نحو التوصل لحل سياسي لهذه الأزمة، “يحفظ وحدة سوريا واستقلالها، يحول دون التدخلات الخارجية في سوريا، يخلص سوريا من الخطر الإرهابي، ويتيح أيضا الظروف لعودة اللاجئين الطوعية إلى بلادهم. وفي هذا السياق، نحن نثمن عالياً مواقف الدولتين الصديقتين فيما يتعلق بدعم الأردن لمساعدته على تحمل عبء اللجوء السوري.”
وقال الصفدي إن اللقاء تناول أيضاً الوضع في ليبيا وثمة اتفاق على وجوب تفعيل الجهود لإنهاء الأزمة. وأكد “يجب أن نحول دون المزيد من التدهور في ليبيا، وندعم الجهود السياسية القائمة حالياً للتوصل إلى اتفاق ليبي يحفظ ليبيا من الوقوع في هاوية أزمة ستكون انعكاساتها خطيرة على الجميع، وما نريده هو ليبيا مستقرة، آمنة، لا تدخل خارجي في شؤونها ولا وجود للإرهاب فيها أيضاً.”
وأكد ضرورة أمن ليبيا وأمن المنطقة، لافتاً إلى أنه بالنسبة للمملكة فإن “أمن جمهورية مصر العربية الشقيقة جزء من أمننا، وبالتالي نريد أن نضمن أن لا تكون ليبيا ساحة لمزيد من الصراع يهدد أمن الجوار الليبي.”
وحول التوتر في شرق المتوسط قال الصفدي “كما نؤكد دائماً، لا منطقتنا لا تحتاج المزيد من الصراعات. لا بد من اعتماد الحوار لإنهاء هذا التوتر على أساس القانون الدولي، على أساس احترام مصالح الجميع، على أساس وجود آليات تضمن الاستقرار الحقيقي والطريق الى ذلك هو احترام القانون الدولي، وحل هذا التوتر عبر مفاوضات ترتكز إلى القانون الدولي.”
وبين الصفدي أن الاجتماع بحث الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب الذي يمثل عدواً مشتركاً لا علاقة له بالقيم الإنسانية المشتركة، “ولا علاقة له بديننا الإسلامي الحنيف، على العكس هو نقيض لقيم السلام والمحبة واحترام الآخر التي يحملها الدين الإسلامي الحنيف.”
وأكد الصفدي ضرورة العمل الجماعي “من أجل أن نحول دون أن نقع في الفخ الذي يريده الإرهابيون، وهو تصوير الحرب ضد الإرهاب على أنها حرب بين الإسلام والآخر. على العكس من ذلك، هي حرب بين الإسلام وبيننا جميعا ضد قلة من التكفيريين الذين لا يمثلون الإسلام، ولا علاقة لهم به.”
وأشار الصفدي إلى أهمية اعتماد اللغة الصحيحة في توصيف الإرهاب إذ “لا يجوز أن نتحدث عن إرهاب إسلامي، لأنه لا يوجد هناك شيء اسمه إرهاب إسلامي، هنالك إرهاب من مجموعة يسميهم جلالة الملك بشكل واضح الخوارج، الخارجين عن القانون، التكفيريين الذين لا علاقة لهم بالإسلام.”
وقال الصفدي “كان حوارنا معمقاً، كان حوارنا مثمراً ونتطلع إلى المضي قدماً في تعاون نثق بأنه سيكون مثمراً لنا جميعاً، ونستفيد منه كلنا في المنطقة”، مستذكراً في هذا السياق دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني العراق الشقيق للمشاركة في القمة الثلاثية التي استضافتها عمان، “لأننا نريد لهذا التعاون أن ينعكس إيجابياً على الجميع.”
وأشار الصفدي إلى التوافق “على ضرورة دعم الحكومة العراقية في الجهود التي تقوم بها من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار، إعادة البناء، وتحييد العراق من تبعات الصراعات في المنطقة.”
وقال الصفدي: “المنطلق الأساس أننا ندرك أن ثمة أهمية في التعاون، ونريد لذلك أن يترجم في خطوات عملية ملموسة في التعاون الاقتصادي، الاستثماري، السياحي، وأيضا فيما يتعلق بالتنسيق إزاء القضايا الإقليمية.” وأكد “لسنا، كما قال معالي وزير خارجية اليونان، ضد أحد، ما نريده هو الاستقرار، ما نريده هو الأمن في المنطقة، وما نريده هو أن نبني علاقات إقليمية قائمة على احترام مصالح الجميع، واحترام حقوق الجميع، وعلى أساس القانون الدولي، لأن القانون الدولي هو الأساس، وهو الضامن لعلاقات إقليمية صحية.”
وزاد “نحن مستمرون معاً من أجل تحقيق ذلك الهدف، تحقيق الاستقرار، والمملكة الأردنية الهاشمية بقيادة سيدي صاحب الجلالة ستبقى دائماً قوة من أجل الاعتدال، قوة من أجل السلام، وأيضا ستستمر في دورها الفاعل من أجل الإسهام في حل كل الخلافات وفي تقريب وجهات النظر وفي العمل على التوصل إلى حلول لكل التوترات في المنطقة حتى تستطيع دولنا وشعوبنا جميعاً أن تركز على ما هو ضروري من أجل إيجاد البيئة التي تكفل تحقيق النمو الاقتصادي وتقديم أفضل الخدمات لشعوبنا.”
وقال الصفدي “إن حللنا النزاعات، إن تعاونا معاً، استطعنا أن نتقدم بشكل أكبر في ذلك الاتجاه، وكما قال الزميلان، لقائنا في ظروف كورونا، مؤشراً على أننا ندرك أهمية هذا الاجتماع، ومن أجل أن يكون ذلك متاحاً، أجرينا جميعاً قبل اللقاء فحوصات لكورونا، وكانت النتيجة سلبية للجميع.”
بدوره، قال وزير الخارجية القبرصي نيكوس خريستودوليديس إن العلاقات القبرصية – الأردنية نموذج يحتذى به، وأنها علاقات تاريخية تزداد قوة ومتانة كل يوم. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى المملكة كمنارة للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم، مبيناً بأن للمملكة دوراً محورياً أساسياً في المنطقة، معرباً عن التزام بلاده في العمل مع المملكة خدمة للمصالح المشتركة.
وبيّن الوزير القبرصي أن التحضيرات جارية لعقد قمة على مستوى القادة والتي ستستضيفها اليونان خلال العام القادم. وأكد الوزير خريستودوليديس على أهمية إدامة التنسيق وتعزيز الجهود المستهدفة تطوير التعاون على المستويين الثنائي والثلاثي واستمرار التشاور والتنسيق إزاء التحديات الإقليمية وسبل تجاوزها. وأشاد بمأسسة آلية التعاون الثلاثي من خلال إنشاء سكرتاريا دائمة للآلية مقرها العاصمة القبرصية نيقوسيا.
وأشار الوزير القبرصي إلى أن الاجتماع الثلاثي قد بحث المستجدات الإقليمية خاصة تلك المرتبطة بعملية السلام في الشرق الأوسط وجهود حل الأزمة السورية والأزمة الليبية. وزاد خريستودوليديس إنه تم الاتفاق على قيام الوزراء الثلاثة بزيارة العراق قريباً لبحث سبل ترسيخ الشراكة وتعزيز العلاقات معها في إطار الآلية.
وأشار خريستودوليديس إلى ضرورة استمرار العمل المشترك الهادف إلى تعميق التعاون في المجال الاقتصادي والأمني والدفاعي بين الدول الثلاثة، مؤكداً التزام قبرص بدعم الأردن في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي على المستوى الثنائي وضمن آلية العمل الثلاثي.
كما أكد في هذا السياق، التزام بلاده بتوفير الدعم المالي لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) خلال العام القادم بما سيمكنها من القيام بمهامها وفق تكليفها الأممي. وأكد الوزير القبرصي على دعم بلاده لقرار صرف مبلغ 250 مليون يورو كدفعة أولى من برنامج المساعدة المالية الكلية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى المملكة. وأشار إلى الإنجازات التي تتحقق بين البلدين على المستوى الثنائي في المجال السياحي والتجاري والاقتصادي، موضحاً عزم بلاده تقديم مبادرتين في العام المقبل لم يتم الاتفاق على تفاصيلها بعد.
وأكد الوزير القبرصي على متانة الشراكة الأردنية – الأوروبية مشيداً بالتطور الذي تشهده علاقات المملكة مع الاتحاد الأوروبي. وبيّن الوزير القبرصي التزام بلاده بتقديم كافة سبل الدعم المتاحة لإسناد المملكة وشركتها مع الاتحاد الأوروبي.
وأشار وزير الخارجية القبرصي إلى أنه تم خلال اللقاء بحث القضية القبرصية والجهود المبذولة لحلها. وأكد الصفدي موقف الأردن على ضرورة حل القضية على أساس قرارات مجلس الأمن والداعم لجهود الأمين العام للأمم المتحدة لتحقيق هذا الحل.
من جانبه اكد وزير الخارجية اليوناني نيكولاس دنديداس أهمية الاجتماع الذي انعقد رغم ظروف كورونا تأكيداً على اهتمام الدولة الثلاثة به. وقال “أود أن أثمن دور الأردن، ونحن نعلم التحديات الكبيرة التي تواجه الأردن ليس فقط بسبب جائحة كورونا ولكن أيضـاً بسبب استضافة الأردن لعدد كبير من اللاجئين”.
وأشار إلى عديد الأزمات التي تواجه المنطقة والتي تشمل ليبيا وسوريا والعملية السلمية والهجرة واللجوء في شرقي المتوسط والمسألة القبرصية.
وقال الوزير اليوناني “وجدنا مقاربة أو منهجاً مشتركاً وهذا هو سبب الاجتماع الثلاثي للأمانة التي ستتأسس في نيقوسيا وأيضاً اتفقنا على أن نزور العراق”، لافتا إلى أنه سيتم ذلك بالتنسيق مع مصر التي تمتلك أيضاً آلية تعاون ثلاثية مع بلاده وقبرص لدراسة القيام بزيارة رباعية إلى العراق لبحث التعاون.
وأضاف “أود أن أكرر ما هو واضح، فإن التعاون بين بلداننا ليس ضد أي أحد ولكنه مفتوح للجميع على أن نتشارك في ذات الفهم وهو السلام والاستقرار والقانون الدولي.”
وأشار دنديداس إلى أن الخلاف مع تركيا والتوتر في شرق المتوسط والجهود المبذولة لحله واحتواء التوتر، وعرض وجهة نظر بلاده حول أسباب الخلاف وسبل حله، مؤكدا التمسك بالقانون الدولي وبالعمل على تحقيق الاستقرار.
وأضاف “قمنا بعمل مهم للتحضير لقمة القادة في 2021 وأنه شرف كبير لبلادي أن تستضيف هذه القمة، وأعتقد بأنه بهذا الاجتماع يمكننا أن نتقدم للأمام أيضاً ونحن نثمن خبرتكم الكبيرة في المنطقة والمشاكل الكبيرة التي تواجهونها.”