تعمل الحكومة كل ما بوسعها لاحتواء فيروس كورونا بعد أن تفشى على نطاق واسع في الأسابيع الأخيرة.
تغيير الحكومة حمل معه تشكيلا جديدا للفريق الصحي الذي يقود القطاع الطبي، ويشرف على ملف كورونا.
لا نعلم بعد مستوى التغييرات التي ستطال خطط التعامل مع الوضع الوبائي، ومدى اختلافها عن البروتوكولات المعتمدة سابقا. لكن مهما حصل فنحن أمام مواجهة مفتوحة قد تمتد لعدة أشهر. المهم في هذا الصدد، الحد من عدد الوفيات والاصابات اليومية، وصولا إلى تسطيح المنحنى بشكل كامل.
لكن يتعين علينا أن نتعلم دروس التجربة السابقة. لقد اتخذت الحكومة السابقة كل الإجراءات الممكنة لمنع انتشار الفيروس في الأردن، ونجحت في البداية نجاحا كبيرا، بفعل سياسات الإغلاق والحظر ووقف عمل المطارات والمعابر.
حظي هذا الجهد في البداية بتقدير كبير من الرأي العام، لكن سرعان ما تبددت المكاسب مع انكشاف حجم الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن تلك السياسة الصحية المتشددة.
ولا ننكر هنا أهمية الإجراءات التي اتخذتها حكومة الرزاز للتعامل مع التداعيات الاقتصادية للجائحة، والتخفيف من أثر الأزمة على القطاعات المتضررة، ناهيك عن مبادرة البنك المركزي لتقديم قروض ميسرة للشركات الصغيرة والمتوسطة. وحزم الضمان الاجتماعي لمساعدة العمال المتعطلين، وتسهيل ممارسة الأعمال على المؤسسات المشتركة بالضمان الاجتماعي. والدور الذي لعبه صندوق همة وطن في جمع وتوزيع المساعدات المالية على الآلاف من المواطنين المتضررين.
بيد أن التداعيات أكبر من أن تحتويها خطط المساعدة، خاصة مع عودة الفيروس بقوة أكبر من السابق، واستمرار تعطل قطاعات حيوية كالسياحة بكل منتجاتها، وتراجع الصادرات، وفقدان الآلاف لوظائفهم، وعودة أعداد غير قليلة من المغتربين بدول الخليج.
استفحال الأزمة الاقتصادية على مختلف المستويات، والتوقعات بتفاقمها في الأشهر المقبلة، يضع الحكومة الجديدة على المحك، ولا يترك أمامها هامشا واسعا من المناورة في الوقت والقرارات.
صحيح أن المواطن الأردني معني بدرجة كبيرة بصحته ويرغب بشدة في تجنب الاصابة بالفيروس، ويود أن يتخلص من هذا الكابوس في أسرع وقت ممكن. لكن ما يهمه أكثر أن لا يفقد وظيفته، ويحافظ على مستوى معيشي لائق، ويوفر حياة كريمة لعائلته. هذا هو الحال هنا في الأردن وفي سائر دول العالم.
تشكيل حكومة الخصاونة تزامن مع استحقاق دستوري واجب يتمثل بالانتخابات النيابية المقررة في العاشر من الشهر المقبل.هذه أولوية للوطن بلا شك، لكن دعونا نتحدث بصراحة، بالنسبة للمواطن الأمر ليس كذلك. الأولوية القصوى للمواطنين هي الاقتصاد وتحسن الأحوال المعيشية، وتوفير فرص عمل، والمحافظة على القائم منها في وقت تسجل فيه معدلات البطالة ارتفاعا غير مسبوق، وتتسع دائرة الفقر والعوز، لحدود مقلقة وخطيرة.
كل إنجاز حققته الحكومة السابقة في مجال مكافحة الفيروس، تهاوى تماما أمام تردي الأوضاع الاقتصادية.
ينبغي على الحكومة الجديدة أن لا تكرر الخطأ، وتكرس كل وقت وجهد للتصدي للمشكلات الاقتصادية وتبحث عن مقاربات جديدة وخلاقة لتفادي المزيد من المشكلات ووقف التدهور في الأحوال المعيشية. هنا يكمن الاختبار الكبير الذي يفصل بين النجاح والفشل.