استأسد من يسمى “رئيس وزراء العراق” نوري المالكي هذه الأيام على أهلنا في الأنبار، المنطقة الممتدة من الموصل شمالا حتى عرعر جنوبا على الحدود السعودية الكويتية، وتحلقت من حوله، أعني المالكي، الجوقة الطائفية الصفوية البشعة.
راح المالكي يؤلب النعرات الطائفية التي لم تكن سائدة في العراق الشقيق قبل احتلاله عام 2003 وتسليمه، أي العراق، للهيمنة الإيرانية عبر عملائها في بغداد. يقول المالكي في خطاب جماهيري في مدينة كربلاء في تحشيد جماهيري طائفي لا سابقة له ــ لحد علمي ــ في تاريخنا المعاصر ضد أهل الأنبار وأهلنا في محيط مدينة بغداد، يقول لجماهيره: “إننا نحن جيش الحسين في مواجهة جيش يزيد”، هل هناك دليل أبلغ من هذا القول على طائفية المالكي وائتلافه؟ ويلحق هذا القول بقول آخر قاله عبر وسائل الإعلام: “إننا في حرب مقدسة”، والحرب المقدسة إذا قيلت من مسلم فإنها تعني الحرب ضد الكفر بالله ، فهل أهل الأنبار ومن في حكمهم من الكافرين الذين يجب أن تشن عليهم حرب مقدسة وكذلك سكان بغداد أشقاء الأنبار وحزامها السني؟ لقد أعلن المالكي “رئيس وزراء المنطقة الخضراء” في بغداد أن القبلة كربلاء. وفي هذا السياق هل علماء الشيعة وفقهاؤهم يوافقون المالكي على أن القبلة هي كربلاء، وهل يعني ذلك أن كربلاء قبلة الشيعة ومكة قبلة أهل السنة؟ نريد موقفا واضحا من آيات الله العظمى، علماء الشيعة في النجف وقم وطهران في هذا الشأن.
يعلن المالكي صاحب الوجه القبيح والعقل الطائفي المتطرف أنه لا هوادة ولا تفاوض مع أهل الأنبار وأشقائهم في عراقنا الحبيب.
( 2 )
لقد استقوى المالكي بجحافل قاسم سليماني المكلف بإدارة العراق من قبل طهران وأعلنت إيران أنها مستعدة لإرسال مجندين مكتملي التدريب والتسليح لإخضاع ثورة الأنبار المطالبين بالمساواة والعدالة أسوة بغيرهم من أهل العراق، لقد بقوا في حالة اعتصام في العراء، اعتصام سلمي لمدة عام ونيف، لم يشهروا سلاحا في وجه حكومة المالكي وجيشها، ولم يعبثوا بأمن البلاد وسلامتها وراح المالكي بجيشه ومليشياته الطائفية لفض الاعتصام بالقوة دون الاستجابة لأي مطلب من مطالب أهل الأنبار.
المالكي وحزبه يكذب على العالم وخاصة أمريكا، بأنه في حرب مع الإرهاب في الفلوجة والرمادي وشقيقاتهما مدن الأنبار. “إدارة الرئيس أوباما” وجدتها فرصة لتثأر لهزيمة أمريكا في العراق على سواعد المقاومة العراقية التي انطلقت من الفلوجة وشقيقاتها مدن الأنبار ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، وهكذا أعلنت الإدارة الأمريكية مناصرتها للمالكي ومدته بأسلحة متطورة وطائرات بدون طيار، وهنا نقول: اتفقت إيران وأمريكا على دعم عميلهما المالكي في المنطقة الخضراء ضد الشعب العراقي أحد أركان الحضارة الإنسانية.
( 3 )
لم يقتصر الأمر على دعم الدولتين أمريكا وإيران وإنما امتد النفوذ الأمريكي إلى مجلس الأمن الدولي لإضفاء الشرعية على حرب المالكي في الأنبار بإصدار بيان رئاسي من المجلس، جاء فيه: “يعرب المجلس عن دعمه القوي لجهود الحكومة العراقية في تلبيتها للاحتياجات الأمنية ….” وهذا يعد تشجيعا للإجراءات المسلحة التي اتخذها المالكي ضد أهلنا في الفلوجة والرمادي. الأكثر غرابة في بيان مجلس الأمن المشار إليه أنه “رحب بما أبداه آية الله السستاني من ترحيب بالسكان المشردين من مدن الأنبار إلى النجف وكربلاء”.
يا للهول من هذا البيان!! كيف يتجرأ مجلس الأمن الدولي المكلف بحفظ الأمن والسلم الدوليين وبرئاسة عربية بالترحيب بما قاله السستاني وكأنه زعيم دولة. والحق أن بيان مجلس الأمن الدولي لم يكن عادلا لا في الصياغة ولا الموقف وهذا يعود إلى ضعف رئاسة مجلس الأمن الدولي، كان المتوقع من رئيس مجلس الأمن وهو عربي أن يضمّن بيان المجلس إلى جانب التصدي للإرهاب مطالبة حكومة المالكي بالاستجابة الفورية لمطالب الشعب العراقي في المحافظات الستة وإدانة استخدام القوة المسلحة ضد المدن في الأنبار واعتقال الأبرياء بحجة محاربة الإرهاب.
الأكثر غرابة أن “كهول جامعة الدول العربية” في القاهرة أصدروا بيانا يعلنون فيه عن تضامنهم مع المالكي وحكومته الذين يشنون حرب إبادة واعتقالات ظالمة للأبرياء في العرق.
إنه كان حريا “بعجايز” جامعة الدول العربية أن يناشدوا المالكي بسحب قواته ومليشياته من الأنبار وإدانة قصف المدن عشوائيا.
( 4 )
المالكي وحكومته يشنون حرب إبادة لمدن الأنبار تحت ذريعة محاربة القاعدة “وتنظيم داعش” وهما تنظيمان صنيعة إيرانية وسورية بشار الأسد وعراق المالكي. وزير العدل العراقي السيد الشمري قال في مقابلة تلفزيونية إنه جرى تسهيل هروب المساجين في سجن أبو غريب المتهمين بانتمائهم لتنظيم القاعدة، الأمر الذي سهل وصولهم إلى الحدود السورية للانضمام إلى تنظيم “داعش” وما يجري في سورية اليوم شاهد على ذلك.
الغريب في الأمر أن أمريكا تمد المالكي بأسلحة متطورة وطائرات بدون طيار لمحاربة داعش في الأنبار، لكنها تمنع السلاح والأعمال اللوجستية عمن يحارب داعش في سورية الجريحة.
( 5 )
إن أهل الأنبار يستغيثونكم يا دول مجلس التعاون الخليجي، طالبين عونكم ومدهم بالمال والسلاح ليتمكنوا من مواجهة “تنظيم القاعدة”، وجحافل الطائفية التي يقودها المالكي وسليماني، الحدود مفتوحة بين إيران والعراق وأنتم تغلقون حدودكم في وجه كل عون يأتي إلى أهل الأنبار.
المملكة العربية السعودية تتحمل مسؤولية كبرى تجاه أهلنا في الأنبار والعراق عامة بصفتها الدولة القاعدة في الإقليم، وهي متهمة في كل الأحوال بأنها تزود السلفيين في العراق وسورية بما يريدون.
نريد التفاتة صادقة من القيادة السياسية في المملكة نحو العراق الحر ونجدته من قبل أن يستفحل الخطب وتكونون من النادمين، كما هو حالنا اليوم، الكل يعبر عن ندمه بإسقاط نظام صدام حسين الذي كان حقا حارس البوابة الشرقية للوطن العربي كله.
آخر القول: إليكم يا أحبائي أحرار العراق في الأنبار وفي كل مكان في بلاد الرافدين أوجه وجهي في صبيحة كل يوم وعند الغروب نحو مكة، أدعو لكم الله بأن ينصركم على أعدائكم من بقايا الغزاة وعملائهم من أهل العراق، واعلموا يا أبطال الأنبار أن السنين العجاف ستنتهي وسوف يزاح الستار عن آلامكم وأحزانكم يا حماة عرين الشرف والرجولة، والنصر لكم من الله.
محمد صالح المسفر/العراق يا عرب يستنجد بكم
28
المقالة السابقة