عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
مرة اخرى وبصلابة ووضوح تؤكد سلطنة عُمان سياساتها الثابتة البعيدة عن الاستقطاب ومحاولة التجيير حين قالت وعلى لسان وزير خارجيتها السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي الذي ترأس بلاده اعمال الدورة الـ 153 والتي انتهت فترتها اليوم لتسلم الدورة 154 لفلسطين التي مثلها وزير الخارجية رياض المالكي..
السيد بدر بن حمود البوسعيدي استند الى مواقف سلطنة عُمان الثابتة في تأييد حقوق الشعب الفلسطيني، وخاصة حقه في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الموقف العماني المستند لقرارات القمم العربية وخاصة المبادرة العربية عام 2000 والتي اجمع عليها العرب بعد ان قدمتها المملكة العربية السعودية في قمة بيروت…
وكذلك قرارات الشرعية الدولية التي اعطت الفلسطينيين حقوق واضحة وثابتة وغير قابلة للتصرف..
سلطنة عمان التي ظلت باستمرار تتمتع بعلاقات طيبة بعيدة عن الاستقطاب مع كل دول العالم وخاصة دول المنطقة والاقليم، ظلت تُسخر فائض دبلوماسيتها باستمرار لصالح دول المنطقة، خاصة الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، الذي اصيب بضربات بالغة نتاج لحصار قطر وقطع العلاقات معها من دول خليجية اعضاء في مجلس التعاون..
ظل التوازن السياسي العُماني في المسائل الخارجية وكذلك الداخلية، يحافظ على وتائر متتالية تلتزم الحياد والموضوعية والمصالح العمانية التي رأتها السلطنة سواء في زمن السلطان الراحل قابوس او حتى في زمن السلطان هيثم الذي أراد لعُمان ان تحافظ على مكاسبها وتوازن سياساتها وعدم الانخراط او الانجراف او المغامرة او الخضوع الى ضغوط نجحت عند بعض الاطراف التي جرى انتزاع مواقف منها سببت تمزقا اضافيا في تركيبة المجلس الذي بدأ اعضائه يفتقدون الى التشاور داخله، او حتى تغليب مصالحه العامة على اية مصالح اخرى..
لقد كانت هناك محاولات سابقة ومنذ الحكومة العمانية الجديدة لاظهار سياسات السلطنة وكانها مستجيبة للكثير من الضغوط التي وقعت والتي زعزعت مواقف الدول في المجلس..
كنت ممن يعتقدون بثوابت السياسية العمانية واتزانها ورزانتها باعتبارها تنتمي الى تاريخ عميق وبعيد والى تجارب سابقة والى خلاصة سياسة تمسك بالحياد والموضوعية وترفض التذييل والتبعية وتسجيل المواقف السريعة، لقد غادرت عمان رئاسة الدورة 153 باسهامات واضحة وسياس متزنة لم تغضب طرفا بل انها أوفت بالتزاماتها ودافعت عن ما تبقى من ثوابت السياسة العربية التي بدأت متقلبة ومتغيرة وخاضعة لضغوط في مثل المطالبة بشجب السياسة التركية التي قد لا تعجب أطرافا عربية وبالتالي ما كان يجب زج موقف الجامعة الجماعي في ذلك ، وهو نفس الاستقطاب الذي أرادت فيه أطراف خليجية تأييد موقف الامارات على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والى المطالبة باعتذار القيادة الفلسطينية لدولة الامارات .
الجامعة العربية في وضع استقطاب وتماهي في بعض المواقف وهي تخضع الان للعبة شد الحبل التي كانت وراء ترحيلها من القاهرة بعد قمة كامب ديفيد المصرية . وهاهي اللعبة تعود باعتبار الجامعة جامعة للدول العربيةوتعكس تناقضاتها بدل أن توحد المواقف العربية استجابة للمصالح العربية العليا التي تأخذ برأي الشعوب العربية…
استمعت إلى كلمة الوزير البوسعيدي وادركت الموقف العماني الثابت الذي حاولت بعض التصريحات المبكرة تشويهه…
لقد ظل التشخيص العماني لكثير من القضايا العربية تشخيصا علميا وموضوعيا ومراعيا للاجماع والقواسم المشتركة فقد تمتعت عمان بعلاقات طيبة مع كثير من الجوار الذي ظل يتفهم مواقفها ومصالح شعبها. ولذا لم تذهب في موجات الاستقطاب ضد ايران..
كما ظلت على نفس المسافة من القوى اليمنية المتصارعة… وظلت ترى في الازمة بين قطر وجيرانها أزمة لا يجوز ان تطول وان استمرارها ليس في مصلحة الخليج أو استقراره أو حتى أمنه. ومن هنا كانت المبادرة العمانية الكويتية منذ بدء الازمة من اجل رأب الصدع…
لقد لعبت سلطنة عمان دورا في تبريد كثير من الصراعات التي تصيب الإقليم وفي تنفيس الاحتقانات التي كانت تفضي للأزمات. و موقف السلطنة معروف من اجلاس الأطراف الامريكي والايراني على طاولة المفاوضات في مسقط بخصوص انجاز الاتفاق النووي الذي انقلبت عليه إدارة ترامب التي انتقدتها أطراف دولية وحتى اوروبية…
كان الحضور العماني في الجامعة اليوم وهو الحضور الأول لوزير الخارجية العماني الجديد السيد بدر بن حمد البوسعيدي فرصة لقراءة الموقف العماني في تجلياته بعد التغييرات الداخلية. ليجري التأكد على رسوخه وصلابته وموضوعيته وانتصاره للقضايا العربية دون استقطاب أو انفعال….
عمان في نهج السلطان هيثم ما زالت على مواقفها وما زالت تحظى بإحترام دول العالم….
السلطنة: مواقف ثابتة ضد الاستقطاب !!
4
المقالة السابقة