دائما، يركز الحديث عن الخصخصة في الأردن على إيرادات الخزينة قبل وبعد التخاصية كمعيار للنجاح أو الفشل، وقد يكون هذا أحد المعايير وليس الأساس، فالتطور التكنولوجي والإداري والتسويقي والإنتاجي والنهوض بالخدمات والتدريب والتوظيف والتصدير ودعم الاقتصاد، معايير أساسية في معرفة ما إذا كانت الخصخصة ناجحة أم لا.
البوتاس، بالأرقام، تعد أنموذجا للخصخصة الناجحة التي تشكل تجربتها مؤشراً مهماً لتطبيقه على أي مشاريع، نظراً للإنجازات القياسية التي تحققت عقب خصخصتها في نهاية عام 2003.
أفضل أرقام مبيعات البوتاس قبل الخصخصة كانت 155 مليون دينار، وأعلى ربح إجمالي كان 67 مليون دينار، وأكبر صافي ربح كانت قيمته 56 مليون دينار، وأعلى نسبة توزيع أرباح على المساهمين كانت 8.7 مليون دينار، وحصص الحكومة التي كانت تمتلك غالبية أسهم الشركة لم تتجاوز في أفضل حالاتها قبل الخصخصة الـ28 مليون دينار، شاملة الأرباح والرسوم والضرائب وكُل ما تتقاضاه الخزينة من مستحقات بموجب الامتياز.
هذا قبل الخصخصة، فكيف كانت الأرقام بعدها؟، ولنأخذ ميزانية 2019 كمثال على ذلك، آخذين في الاعتبار أن حصة الحكومة تبلغ 26 بالمائة فقط من رأسمال الشركة.
إيرادات مبيعات البوتاس وصلت إلى أكثر من 460 مليون دينار، وصافي أرباحها بلغ 152 مليون دينار، و83 مليون دينار توزيعات الأرباح على المساهمين، في حين أن إجمالي المدفوعات للحكومة بلغ 113.4 مليون دينار، موزعة ما بين 91 مليون دينار كضرائب ورسوم ودخل وتعدين، و22.4 مليون دينار توزيعات أرباح لحصتها فقط.
والرقم يرتفع إلى 121.7 مليون دينار إذا ما أضفنا حصة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي والبالغة في رأسمال الشركة ما يقارب الـ10 بالمائة؛ حيث حصل على 8.3 مليون دينار من حصته في توزيع الأرباح.
طبعا باقي المساهمين الكبار حصلوا على أرباح مجزية، فالشريك الاستراتيجي الصيني الذي حل محل الشريك الكندي السابق استحوذ على ما يقارب 23 مليون دينار من توزيعات الأرباح، يليه الشركة العربية للتعدين (16.6) مليون دينار، وباقي المساهمين ما يقارب الـ(11) مليون دينار.
هذه الأرقام تدلل بوضوح على التطور القياسي الكبير الذي حصل في شركة البوتاس العربية، ودليل على أن خصخصتها بالشكل الذي تمت عليه كان لفائدة الاقتصاد الوطني، فالخصخصة تمت على مرافق الشركة بأنشطتها ومستوياتها كافة، فكان النمو شاملاً.
الأكثر أهمية في خصخصة البوتاس هو الاستثمار النوعي الذي قامت به الشركة لتنويع منتجاتها واستثماراتها لتكون رافداً أساسياً للشركة في الصادرات وتحقيق الأرباح، وتعتلي سلم الصناعات الوطنية بالتنوع الإنتاجي والتسويقي في آن واحد، وتحتل مكانة مرموقة من بين نظرائها في شركات العالم.
فمبيعات البوتاس تجاوزت الـ582 مليون دولار العام الماضي، كانت حصة شركة برومين الأردن 410 ملايين دينار، في حين كانت كيمابكو 93 مليون دينار.
هذه المبيعات الكبيرة انعكست على مساهمات مهمة للشركات الحليفة في إجمالي أرباح البوتاس؛ حيث بلغت حصة البرومين من الأرباح بالأرقام ما يقارب الـ52 مليون دينار، و14 مليون دينار حصة كيمابكو، بمعنى أن جميع الشركات الاستثمارية الحليفة للبوتاس كانت على قدم وساق في التطور الإنتاجي والتسويقي الذي انعكس على أرباح الشركة وتوزيعاتها على المساهمين.
لا شك أن نموذج خصخصة البوتاس ما كان يتم بهذا الشكل ولا الإنجاز الرقمي بتلك الصورة لولا الإدارة الحصيفة والرشيدة التي تقود الشركة والتي أوصلتها إلى هذا النحو من الإنجاز القياسي، فالحاكمية والنزاهة والرشد الإداري والعمل الدؤوب، كلها أمور جعلت شركة البوتاس العربية التي نهضت بالمسؤولية الاجتماعية لخدمة مجتمعها وخصصت أكثر من 11 مليون دينار لها سنويا ترتقي بين الشركات لتكون مثالاً حياً على النجاح الذي لا يمكن لأحد إنكاره أو تجاهله.