عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
نعم بعد جولتك في رام الله وأنت ترسل رسالة لحفظ أرواح شعبك، فإنك ترد على تحديات العدوين..(الكورونا والاحتلال).. وعلى من قال علناً وبشكل وقح وسافر وهو احد أذرعة ترامب ما سمي بمبعوث السلام الامريكي السابق إلى الشرق الاوسط الذي قيل أنه “مثلي” جيسون غرينبلات ،وإطلاق هذه الصفة عليه لا تغضبه لأنه يحبها ويرغب في تعميمها.. قال “إن الضفة الغربية ليست أرضا فلسطينية، وبالتالي لا يعتبر ان ضمها إلى إسرائيل غير قانوني”..
هذا وجه “السحارة” كما يقال.. وهو من فريق فيه نسيب الرئيس ترامب جاريد كوشنر واخرون.. وهم جوقة نتنياهو في الادارة الامريكية.. ومازال نتنياهو “يُهمّر” لضم 30 % من الضفة و تشمل المستوطنات و منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت.
الصبيان الذين لم يغادروا المراهقة السياسية في البيت الابيض لا يقرأون التاريخ، وإن قرأوه فبأقلام صهيونية تخفي الحقائق وتبرز الادعاءات..
ان لم تكن الضفة الغربية وحتى كل فلسطين ارض فلسطينية فمن أين جاء الاسم إذن من قبل الميلاد وحتى اليوم؟ وماذا اذا هي؟
وحين كان العرب الكنعانيون وعرب الجزيرة في فلسطين قبل الاسلام وقد جاءهم عمر بن الخطاب، ومن قبله الفاتحين ابو عبيده وشرحبيل بن حسنه فهؤلاء جاؤوا إلى اين ولمن؟! هل ذهبوا إلى جزر الكناري أم إلى فلسطين..؟ وهذه الكتابات الممتدة في التاريخ وحتى اثناء حروب الفرنجة ومعاركها في حطين كانت أين يا غرينبلات..؟ أيها الغرّ.. هل كانت في حروب الامريكيين بين الشمال والجنوب ام في فيتنام؟
فلسطين موجودة وجذورها قبل الزمان رست، وقبل ان تتكون سلالاتكم الهجينة التي ذبحت الهنود الحمر حين وصل اجدادكم المغامرون ليقولوا ان وطن الهنود الحمر ليس موجودة قبلكم ..!!
هؤلاء الصهاينة الاكثر تطرفا من يهود إسرائيل وهم خلاصة الفكرة الصهيونية ومعهم كبيرهم ترامب الذي أعطى الإشارة والذي يفقد الان صوابه لما تمخض عنه فكره العنصري من سلوكيات واحداث في الولايات المتحدة.. هذا الفكر ما زال يسري داخل الولايات المتحدة وخارجها, وهو الذي سيستدعي “اللحظة السوفييتية” التي اسقطت الاتحاد السوفيتي حين لم يعد يقوى الوقوف على قدميه، وهي برسم أن تستدعي هذه الإدارة..
ما زال نتنياهو يعتقد انه بضم الضفة الغربية سواء دفعة واحدة او بالتقسيط كما ذهب اخيرا وقد كشف عن خطة التوسع الإسرائيلية الصهيونية المكشوفة, منذ وعد بلفور انه سيواصل الذهاب إلى نزهة والى استمرار قطع قالب الجبن في الضفة الغربية بسكينه دون ان يعترض احد..
لم يدرك ان لحظة الاستحقاق قادمة وان الشعب الفلسطيني الذي صبر طويلا خلف قيادته التاريخية القائمة ليعطي مجالا لعملية السلام سوف يرد ردا لن تتوقعه جراء قطط الصهيونية على ارض فلسطين .
لو ان الرئيس عباس دعا قبل عشر سنوات إلى الغاء اوسلو لوقف العالم ضده واتهمه بتدمير عملية السلام وعدم الرغبة في تحقيق اي نتائج لها ,ولكنه وقد كشف كل الخطط الصهيونية الإسرائيلية (ليس له ولشعبه لأنهم يعرفون), ولكن للعالم كلّه بما فيه اصدقاء إسرائيل.. ولكنه اليوم وهو يعلن من وسط شعبه ومن رام الله المحتلة انه يلغي اوسلو وكل التزام فيه مع الإسرائيليين ويلغي ايضا ما يتعلق بالدور الامريكي المنحاز لإسرائيل فانه لا يجد اي عتاب من المجتمع الدولي, ولا حتى اي محاولات لثنيه عن ذلك ..
ويستمر الان للأسف صمت معظم المجتمع الدولي ودوله المنافقة لإسرائيل. طالما بقي الأمر كذلك حتى اذا ما نهض الفلسطينيون خلف قيادتهم استجابة للتحديات والاستفزازات والعدوان الإسرائيلي المتمثل في استمرار الاحتلال والإقدام على الضم فإن بعض الدول ستبدأ في التدخل.
فلماذا حين يُذبح الفلسطينيون يصمت الكثير من دول العالم المنحازة وحتى انظمة عربية, وحين يرد الفلسطينيون تبدأ الوساطات التي ما زلنا نذكرها من ثورة 1936 حتى اليوم ..
ألم يقل النظام العربي للفلسطينيين الذين ردوا علي الصهيونية في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 والتي قادها عز الدين القسام (البريء مما يفعل من يتغطون بقميصه, ويواصلون شق الصفوف الفلسطينية والاحتطاب في جبل الاحتلال), ألم يقل النظام العربي انذاك يخاطب الفلسطينيين “عليكم ان تخلدوا لحسن نوايا الصديقة بريطانيا” ولم يتغير الان شيء سوى تغيير بريطانيا بالادارة الامريكية اي ان يخلد الفلسطينيون لحسن نواياها التي عبر عنها امثال غرينبلات الصهيوني, ومن سبقه ومن سيلحقه من افرازات الارعن ترامب..
غرينبلات مسؤول امريكي..والسفير الامريكي في إسرائيل المشتوم بإبن الكلب وهو مستوطن متطرف وقد يضرب حجرا في سور مدينة القدس ويخاطب الرب بحق إسرائيل في المسجد الأقصى ونسيب الرئيس كوشنر كان يأتي لـ أبو مازن بخرائط غير مفهومة مما دفعه إلى طرده وعدم استقباله، إلى ان جاء إلى الاردن وتجاهله الملك وتحدث معه بلغه اخرى!!.
المشكلة اذن هي مع الادارة الامريكية مرة اخرى وأنا ادرك ذلك حين استمعت للراحل عرفات وهو يصرخ في مكتبه في غزة رافضا مقابلة دينيس روس مبعوث السلام الامريكي ويقول: “مش عاوز اقابله عاوز مقابلة بيريس” وحين سالته لماذا؟ قال:بيريس افضل منه!!
اذن هذه هي الحال ولم يبق امام الفلسطينيين الا ان يقبلوا التحدي ويدافعوا عن مصالحهم دون ان يضيرهم من خذلهم من الاعراب الذين هم امتداد للاعراب المرتدين عن الرسول (ص) حين وفاته!!
لم يبق للفلسطينيين وقد انكشفت كل الاغطية إلا ان يقفوا وراء قيادتهم وقفة رجل واحد فهذا الاختبار صعب ولكنهم سينجحوا فيه ولن يموت “طائر العنقاء” الذي نهض من رماد العواصم وخرج من بيروت إلى تونس ثم إلى فلسطين, وما زال يرفرف ويصيح ويقول (الهامة اسقوني) فما زال للفلسطينيين ثأر وحقوق ووطن سليب ..
ما زال لهم الكثير ليدركوه وما زالوا قادرين ان يكونوا حركة تحرير إلى ان يتحرر وطنهم وما زالوا يناضلون كما قال جبريل الرجوب: امين سر اللجنة المركزية لحركة فتح “ليس من اجل تحسين اوضاعنا في السلطة او تحت الاحتلال وإنما من اجل طرد الاحتلال وازاحته بكل الوسائل لإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس الشرقية”..
نتنياهو وهو امتداد جابتنسكي الصهيوني لا يرى ان الحل مع الفلسطينيين وهو يرحله ليراه مع بعض العربان من الذين يمكن ان يتفاهم معهم, وحتى في هذه فهو واهن , فهؤلاء وإن وعدوه لن يفوا وعليه ان لا يركن فالذي بحاجة إلى حماية يفتقد القدرة على اعطاء ما يفتقده..
نتنياهو لا يؤمن بالسلام ولذا يشجعه اليمين الإسرائيلي وامتداده في الادارة الامريكية ولو امن بالسلام للحظة او حتى فكر بالسلام لقتل كما رابين فالذي يذهب باتجاه فكرة السلام من الإسرائيليين حتى وان لم يصنع سلاما يقتل او يسجن او يزاح من موقعه ونذكّر برابين وبسجن اولمرت واتهام رئيس الدولة كاتساف بالتحرش وغير ذلك اما الذين ينفذون المخططات الصهيونية بدقة حتى ولو اصطدموا مع العالم فإنه يحظى بتأييد الصهيونية..
الشعب الفلسطيني الذي قاوم الحركة الصهيونيه ومخططاتها منذ عام 1882 حين وضع ما اسمي بالرواد الصهاينة اقدامهم على ارض فلسطين و اقاموا اول مستوطنة في منطقة نابلس ما زال يقاوم حتى وان احتلت إسرائيل ارضه, فإنها لم تحتل ارادته.. اي انه دمّر دون ان يُهزم كما في رواية ” ارنست همنغواي العجوز والبحر” , “الانسان قد لا يهزم حتى وان دمر” في حين ان عواصم عربية للأسف مهزومة امام الصهيونية دون ان تصاب بطلقة.
يجب ان يرد على هذا المثلي غرينبلات وأمثاله ان فلسطين عربية خالصة للفلسطينيين سواء جاؤوا من البحر او من الجزيرة العربية وهم امتداد الكنعانيين وأحفاد اسماعيل هم العرب العاربة والمستعربة هم القيس واليمن , وهذه فلسطين .. وان يرد عليه بالعمل, لا بالقول ليدرك ان ما يهذيه من كلام لن يتمكن من قوله لو كانت الامة مازالت حيّة..
احيّ الرئيس عباس الذي كان رده بأن يبقى الشهداء والأسرى والمعتقلين, هم روح وجذر نضال الشعب الفلسطيني على قوائم الرواتب مهما تضائلت فقد قالها الرئيس”لو بقى عندي دينار واحد لبذلته لهم”.. اذن لن تنجح ضغوط القتلة في إسرائيل والولايات المتحدة في نزع احترام الشعب الفلسطيني لشهدائه واسراه …حتى لو جاع هذا الشعب الذي اصبح قادته الان برسم مشاريع شهداء ان ارادت إسرائيل النيل من حق الشعب الفلسطيني في الحياة والحرية والدولة.
لن يغادر الفلسطينيون وطنهم فقد تعلموا الدرس عام 1948 , وسيظلون مزروعين في ترابه الوطني يدافعون عنه وقد بلغ الآن على ارض فلسطين التاريخية اكثر من عدد من يهود إسرائيل وسيبقى التحدي قائما وسيبقى نشيد محمود درويش على الالسنة:
” أكل الثعلب في برجى حمامة ، سوف ارثيها .. وساحمي البرج ولست استعجل ميلاد القيامة ”
وحتى وان أكل الثعلب الصهيوني كثيرا من الحمام, واستولى على الاعشاش وبيوت الحمام وحتى لو تأخرت القيامة العربية ولم تقم فان الكف الفلسطينية الصلبة بالتجربة والمعاناة والمقاومة, ستناطح المخرز الإسرائيلي وتثنيه, وستتمثل قول الشاعر: “الكف تناطح المخرز ولا تعجز” ولن يجد نتنياهو الا صخرة ستكسر قرنه مهما استمر في النطاح, وسيرد الفلسطينيون على مقولة “الكف لا تناطح المخرز” ليبطلوا هذا التعميم ويكونوا الاستثناء فيه..