بعد وضوح مخطط دولة الاحتلال بشكل لا يقبل التأويل في عزمها على ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة، وبعد خطاب الأخ الرئيس ابو مازن الذي قال فيه بأن الفلسطينيون في حل من الاتفاقيات مع الاسرائيليين ومع الامريكان، وما ترتب على ذلك من أوضاع أمنية ومدنية جديدة تُحتم على القيادة أخذ إجراءات ووضع خطط وآليات للتعامل مع الواقع الجديد، فإنه من مسؤوليات الجميع التعاون والتشارك فيما بينهم لمواجهة عملية “قرصنة” الضم وأيضا مواجهة سياسات الاحتلال الهادفة إلى سلب الشعب الفلسطيني حقه في دولة مستقلة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967 بعاصمتها القدس.
لا أحد يمكنه الإنكار بأننا نعيش اوضاعا سياسية صعبه جدا، وبخاصة أن الانقسام الفلسطيني لا يزال يعصف بالساحة الفلسطينية، ولا أحد يمكن أن ينكر بأنه وبعد الاعلان الرسمي بأننا في حل من الاتفاقيات فإن الأوضاع الاقتصادية ذاهبة إلى ما هو أسوء مما نحن فيه، وهذا يتطلب إعادة النظر في كل السياسات الاقتصادية والمالية باتجاه تقليل الخسائر قدر المستطاع وتوزيع الاحمال على الجميع بحيث تستمر الحياة العامة بحدها الأدنى مع الحفاظ على السلم الأهلي الذي هو أساس وسر قوتنا والركيزة الأساسية لمواجهة الاحتلال وسياساته.
كذلك وفي ذات السياق فإنه من الواجب العمل على ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وإعادة مفهوم الشراكة السياسية الكاملة، واتخاذ سياسات وإجراءات وتدابير من شأنها أن تعزز ثقة المواطن بالقائمين على المشروع الوطني، وإشراك الشتات الفلسطيني في كل مفاعيل الحياة الفلسطينية العامة، وتعزيز صمود مواطني مدينة القدس، والحفاظ على طابعها الفلسطيني والعربي المسيحي والإسلامي.
وهناك حاجة إلى إعادة رسم خطة مقاومة شعبية سلمية أساسها حماية المناطق التي تعتزم دولة الاحتلال ضمها، وأيضا الاشتباك مع الاحتلال اقليميا، وتوسيع رقعة المقاومة الشعبية واشراك كافة فئات الشعب الفلسطيني كل بحسب قدرته واستطاعته، في هذا النوع من المقاومة الذي يعمل على رفع كلفة الاحتلال وتقليل الخسائر في صفوف الشعب الفلسطيني مع اهمية دعم حركة ال BDS وتفعيل الدور العربي في دعم مقاومة الشعب الفلسطيني.
كذلك نحن بحاجة إلى فتح جبهة قانونية ضد دولة الاحتلال (وهذا ما يعمل عليه كاتب هذه السطور بالشراكة مع وزارة العدل وجامعة القدس) عن طريق تنظيم حملات ومحاكمات شعبية للاحتلال وقادته، وهذا العمل بالإضافة إلى مردوده الاخلاقي والقانوني والسياسي في فضح الاحتلال وجرائمه، فإن مردوده المعنوي والإعلامي سيساعد في مواجهة قرار الضم “القرصنة”، وفضح الاحتلال وكل من يقف معه وبخاصة الإدارة الأمريكية التي قدمت صفقة القرن وتعمل على تطبيقها غير آبه بالشرعية الدولية، مما يؤكد أن الاحتلال والإدارة الأمريكية هما وجهان لعملة واحدة.
إننا مقبلون على نكبة جديدة إن لم يكن لدينا خطة واضحة ومتفق عليها من قبل جميع مكونات النظام السياسي الفلسطيني لمواجهة سياسة الضم القادم لا محالة، هذا الضم سوف يحول الضفة الغربية إلى معازل سكانية ويقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية. فجميعنا متفقون بأننا امام مشروع أمريكي صهيوني يهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني وتصفية القضية الوطنية، وهذا يتطلب أن نعمل جميعا ضمن خطة واحدة، لأن مصيرنا واحد وهدفنا واحد، وجميعنا في خندق واحد، وبإعلان حكومة دولة الاحتلال في عزمها وجديتها في ضم غور الأردن واجزاء اخرى من الضفة الغربية المحتلة في بدايات شهر تموز القادم، فقد بدأ العد التنازلي وهنا نقول نحن اهل وام القضية ونحن فاعلون.
بدأ العد التنازلي: ماذا نحن فاعلون؟ / منيب رشيد المصري
8
المقالة السابقة