من الصعب ان نصدق ان النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي المستمر منذ عقود يمكن ان يحل السنة المقبلة باعلان طرفي النزاع الموافقة على اطار الاتفاق الذي يزمع الأميركيون طرحه الشهر المقبل، والذي من المنتظر ان يحمل الاعلان عن نشوء الدولة الفلسطينية التي لطالما حلم بها الفلسطينيون. كما من الصعب ان نصدق ان السياسة الأميركية المترددة والمرتبكة حيال سبل حل النزاع في سوريا، ستتمكن من ان تحسم اقدم واكثر النزاعات دموية في الشرق الأوسط، والذي تسبب بأكثر من حرب عربية –إسرائيلية، وكان وراء عدد من العمليات العسكرية الإسرائيلية المدمرة ضد لبنان والضفة وقطاع غزة. ولكن على رغم هذا كله يبدو للمرة الاولى منذ فترة من الزمن اننا على عتبة احراز تقدم حقيقي على صعيد التوصل الى حل سلمي للنزاع الفلسطيني –الإسرائيلي.
يشكل اطار الاتفاق الذي يتحدث عنه الأميركيون سبيلاً خلاّقاً للخروج من النفق المسدود الذي وصلت اليه المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية منذ معاودتها في تموز الماضي، ووسيلة للحؤول دون انهيارها وضياع الفرصة وتأجيلها سنوات أخرى. والسؤال المطروح ما هو الموقف الإسرائيلي الفعلي من هذا الاقتراح؟
قد تكون أهم عقبة يواجهها الاقتراح الأميركي هو الائتلاف الحكومي الذي يحكم إسرائيل، وهو ائتلاف يميني متطرف من الصعب ان يقبل بتقديم التنازلات التي يتطلبها الاقتراح الأميركي مثل تقسيم القدس، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من مدن الضفة الغربية مقابل ترتيبات أمنية بعيدة المدى وتنازل الفلسطينيين عن حق العودة. ومن المنتظر أن تؤدي اي استجابة من نتنياهو لاطار الاتفاق الذي يطرحه الأميركيون الى تعريض الائتلاف الحكومي الذي يرأسه لخطر الانهيار.
يأخذ الأميركيون هذا الاحتمال في اعتبارهم، وسعياً الى تجنب نشوء ازمة حكومية بدأوا سلسلة اتصالات لمعرفة مواقف القوى والاحزاب السياسية الإسرائيلية من مقترحاتهم وللحصول على تأييدها، وتالياً طرح بدائل في حال خروج الاحزاب اليمينية من الحكومة احتجاجاً على المقترحات الأميركية، او بالعكس في حال استقالة حزبي الوسط في الحكومة بزعامة يائير لبيد وتسيبي ليفني من الحكومة احتجاجاً على رفض الحل الأميركي.
يجد نتنياهو اليوم نفسه امام خيارين: خيار الاقتراح لاطار اتفاق للحل السلمي الذي سيفتح صفحة جديدة في تاريخ النزاع، او البقاء اسير ايديولوجيا اليمين الإسرائيلي المتمسك بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتأبيد النزاع. وهو يدرك اليوم اكثر من اي وقت مضى ان التوصل الى وضع اطار لتسوية سلمية للنزاع مع الفلسطينيين ستكون له انعكاساته الايجابية العميقة والشاملة على علاقة إسرائيل بدول المنطقة في هذه المرحلة الحساسة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
رندة حيدر/هل تشهد 2014 نشوء الدولة الفلسطينية؟
24
المقالة السابقة