أعلام السلطنة عادت مرفرفة كما أراد لهــا دومــًا الســلطان قابـــوس – طـيب الله ثراه –
عروبة الإخباري – منذ رحيل باني نهضة عُمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه – في العاشر من شهر يناير الماضي وعلى امتداد الأيام الأربعين الماضية وكل أبناء الشعب العُماني الأوفياء وهم يعيشون الحزن والألم على رحيله «رحمه الله» يشاركهم في ذلك مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة.
وذلك إنما يعود لإدراك وتقدير العالم للدور الإيجابي والبناء الذي قام به السلطان الراحل على امتداد الخمسين عامًا الماضية ليس فقط على الصعيد العماني إنما على مختلف الأصعدة الخليجية والإقليمية والعربية والدولية وهو ما عبر عنه الكثيرون من قادة العالم وكبار المسؤولين في المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية بطرق عديدة ومؤثرة.
وأمس كان اليوم الأربعين على رحيل أعز الرجال وأنقاهم، حيث انتهت فترة الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام حدادًا على رحيله وتعود اليوم أعلام السلطنة مرفرفة، كما أراد لها دومًا السلطان قابوس، طيب الله ثراه.
إن عزاء أبناء الشعب العماني الوفي، وكل محبي عُمان على امتداد المعمورة يتمثل في الإيمان العميق بمشيئة الله تعالى، وفي تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – مقاليد الحكم خير خلف لخير سلف، وفي الالتفاف العميق من جانب أبناء الشعب العماني الوفي خلف قيادته والسير على النهج القويم للسلطان الراحل – طيب الله ثراه – والبناء عليه لترقى عُمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها.
وإذا كانت فترة الحداد الرسمي انتهت امس فإن السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ يظل حاضرا دوما في قلوب وعقول وعيون العمانيين ليس فقط لما حققه لأبناء الشعب العماني على العقود الماضية على مستوى الدولة والمجتمع والمواطن وفي كل المجالات، وهو ما نعيشه يوميًا وعلى كل مستويات حياتنا ولكن أيضا لما حققه السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – على صعيد العلاقات مع كل الدول الشقيقة والصديقة على امتداد المنطقة والعالم والمكانة التي بناها لعُمان في عالم اليوم، وهو ما يشعر به المواطن ويستمتع بنتائجه بصور عديدة، لدى انتقاله في أرجاء العالم، وعند تفاعله مع الشعوب الأخرى.
ومع الوضع في الاعتبار أن ما حققه السلطان قابوس – رحمه الله – لأبناء الشعب العماني الوفي على مختلف المستويات وفي كل المجالات هو أمر ملموس وماثل للعيان و«لا يحتاج إلى برهان وهو أكبر من كل بيان» ومن ثم فانه من غير الممكن الإحاطة به في هذا الحيز الضيق فإن مما له أهمية ودلالة أن ما تعيشه السلطنة من أمن واستقرار وسلام وعلى نحو جعل منها واحة سلام في المنطقة برغم ما تعانيه المنطقة على امتداد السنوات الأخيرة من اضطراب وبرغم الحروب الضارية التي شهدتها.
إن هذا الأمن والأمان إنما هو نتيجة لسياسات السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – وما اتسمت به من حكمة وبعد نظر وتقدير صحيح للأمور وهو ما أدركه الكثيرون وحاولوا الاستفادة منه بالاستماع إلى تقييم جلالته – رحمه الله – للتطورات في المنطقة وما حولها من ناحية والاستفادة أيضًا من الجهود والمساعي الحميدة لجلالته في حل الكثير من الخلافات وتقريب وجهات النظر وحل أية خلافات بالطرق السلمية وفي إطار التوافق والاحترام المتبادل وحسن الجوار ونبذ الحروب والعنف بكل أشكاله في التعامل بين الدول من ناحية ثانية.
ويقدر العالم للمغفور له بإذن الله تعالى أنه «رحمه الله» مارس سياساته وحدد مواقف السلطنة حيال كل التطورات من حولها بصراحة ووضوح وشفافية بالغة، وبلغة واحدة ومحددة على موائد المفاوضات وعلى المستوى العلني، وهو ما أكسب السلطنة ثقة الجميع أشقاء وأصدقاء ومن ثم لجأ ويلجأ إليها الكثيرون لحل خلافاتهم وللتقريب بينهم ولاستعادة بناء الثقة فيما بينهم والأمثلة في هذا المجال أكثر من أن تحصى كما تعبر عنها العلاقات الطيبة والوطيدة مع الكثير من الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة والعالم خاصة وأن السلطنة ليست على خلاف مبدئي مع أية دولة أخرى وتقبل بصداقة الدول الأخرى التي تمد يد الصداقة إليها وعلى الأسس والمبادئ التي تؤمن بها السلطنة وتستند إليها سياساتها المعلنة والمعروفة.
وفي الوقت الذي تمكن فيه السلطان الراحل – طيب الله ثراه – وبجهد وتصميم وإرادة ومثابرة من إرساء أُسس دولة عمانية حديثة تقوم على المؤسسات وحكم القانون وعلى مبادئ المواطنة والمساواة والتكامل بين مؤسسات الدولة من أجل تحقيق مصالح الوطن والمواطن وحماية مكتسبات النهضة العمانية الحديثة فإن الشعب العماني الوفي عبر على نحو بالغ الوضوح عن عزمه السير على النهج القويم الذي أرساه «رحمه الله» في كل المجالات وهو ما أكد عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – في أول خطاب له عقب توليه مقاليد الحكم في الحادي عشر من شهر يناير الماضي بناء على تزكية السلطان الراحل له لتولى هذا المنصب الرفيع ووفق الإجراءات القانونية التي حددها النظام الأساسي للدولة في هذا المجال.
وبينما يعتبر الالتفاف حول جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – أعزه الله – ومساندة كل أبناء الشعب العماني الوفي لخطواته وسياساته التي حددها جلالته في خطابه الأول سيرًا على النهج القويم للسلطان الراحل والبناء عليه خيارًا وطنيًا بالغ الأهمية وفاء له وحفاظًا على المصالح الوطنية العمانية في كل المجالات وعلى كافة المستويات فإن الأيام والأشهر القادمة تحتاج إلى حشد كل الطاقات العمانية وفي المقدمة منها طاقات الشباب العماني الخلاقة لمواصلة السير وإعطاء دفعة كبيرة لتحقيق الأهداف الوطنية وحماية المكتسبات التي تحققت في كل المجالات، بما في ذلك العمل على تنويع مصادر الدخل والاستعداد للدخول إلى الرؤية المستقبلية «عُمان 2040» اعتبارًا من بداية العام القادم لإكمال ما أراد السلطان الراحل – طيب الله ثراه – تحقيقه لهذا الشعب العظيم وهو ما أكد عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – ودعا إلى حشد كل الجهود الممكنة لتحقيقه والمؤكد أن الشعب العماني قادر على ذلك بجهوده وحشد طاقاته تحت قيادة جلالته الحكيمة.