لا يوجد فلسطيني وطني وشريف قادر أن يوافق أو حتى يتعامل مع ما جاء في محتوى صفقة القرن الأمريكصهيونية، لا من حيث المحتوى ولا المضمون ولا يمكن أيضا أن يتقبل اللغة العنصرية المستخدمة في صياغتها.
نحن وعلى لسان الاخ الرئيس أبو مازن عبر الشعب الفلسطيني عن رفضه المطلق في التعامل مع ما جاء في صفقة القرن، واستطاع الرئيس أن يأخذ موقفا عربيا يمكن اعتباره ايجابيا من حيث عدم قيام الدول العربية أو بعضها إن صح التعبير في الضغط على الفلسطينيين أو في التعامل مع هذه الصفقة اللاغية للحق الفلسطيني المشروع في العودة والحرية والاستقلال.
الموقف الفلسطيني الرسمي جاء متناغما مع الموقف الشعبي الرافض لهذه المؤامرة، والكل استشعر بالخطر المحدق على المشروع الوطني، لذلك كان النداء الأول هو العمل على إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني من خلال الاتفاق على برنامج سياسي جامع، واتخذ الرئيس الخطوة الأولى حين اتصل بالاخ اسماعيل هنية، واعتقد أن هذه هي الخطوة الأولى وسيتبعها خطوات عملية وسريعة حيث تم الاتفاق على تشكيل وفد من بعض فصائل المنظمة والشخصيات المستقلة للذهاب إلى قطاع غزة والبدء الفعلي في انهاء الانقسام. وكنا في التجمع الوطني للمستقلين ومنذ بداية الانقسام ندعو لانهاء الانقسام والاتفاق على برنامج سياسي، وشاركنا بجميع الجهود الهادفة الى انهائه منذ البداية وما زلنا.
قد يكون الحديث عن إنهاء الانقسام بالنسبة للشارع الفلسطيني حديث ممجوج ولا أهمية له، وذلك بسبب أن الجهود المبذولة وعلى مدار ثلاثة عشر عاما، تقريبا كانت تدور في حلقة مفرغة لتصل إلى الفشل، ولكن هذه المرة الفشل ممنوع لان هذه المحاولة هي فرصتنا الأخيرة في ترتيب بيتنا الداخلي، وإلا فإن الطوفان سيغرقنا جميعا، فالانقسام أساس البلاء وإنهاؤه هو بداية الدواء.
إن العمل الجاري في مواجهة صفقة القرن أو ما لم يطبق بعد منها بحاجة إلى الاتفاق داخليا على برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي يجمع عليه الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بكافة توجهاته الفكرية والسياسية، وبحاجة إلى حشد عربي واقليمي ودولي رسمي وشعبي من أجل اسناد النضال الوطني الفلسطيني، وبحاجة إلى البناء على المواقف الرسمية التي صدرت من جامعة الدول العربية، ودول الاتحاد الاوروبي وروسيا الاتحادية وغيرها من الدول التي تستند مواقفها إلى الشرعية الدولية.
المبادرة العربية للسلام هي أحسن السيء، وقد تكون، ولها أن تكون، أساسا لانهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، والتمسك بها في هذه اللحظة التاريخية قد يكون جيدا للحفاظ على الحقوق الفلسطينية ولمجابهة ما تعرضه الحركة الصهيونية ومن خلفها الإدارة الأمريكية، لذلك علينا كفلسطينيين أن نبادر في طرحها مرة أخرى على المجتمع الدولي كأساس للحل وبخاصة أن الأخ الرئيس أبو مازن ذكرها وأكد عليها في خطابيه الأخيرين، وهناك اجماع عربي واسلامي عليها طالما قبل بها الفلسطينيون.
الأهم الآن هو استخدام كل الأدوات الداخلية والخارجية من أجل اسقاط صفقة القرن فعلا لا قولا، وكما ذكرت فإن إنهاء الانقسام والاتفاق على برنامج سياسي نضالي هو الخطوة الأولى، وهذه المهمة (إنهاء الانقسام والبرنامج السياسي النضالي) هو مهمة القائمين على المشروع الوطني الفلسطيني في الوقت الحالي، فهم الذين يتحملون المسؤولية الوطنية والتاريخية، وعليهم الآن انجاز هذه المهمة في أسرع وقت، لأن انجازها يعني بداية إعادة ثقة الشارع بهم، وتأسيسا عليه فإن أي تحركات جماهيرية في الشارع الفلسطيني داخليا وخارجيا تعتمد على قدرة القيادة في بث الأمل لدى الفلسطينيين وهذا يأتي من خلال خطة سياسية واضحة المعالم.
لا شك بأن تطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني وكذلك إعادة التفكير في الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية هو بداية الأمل لدى الشارع الفلسطيني المستعد دائما لدفع الثمن… ثمن تحرره واستقلاله، الكل الآن، وبعد خطابي الاخ الرئيس أبو مازن، وما سمعنا من تصريحات لقادة فلسطينيين من مختلف الطيف السياسي الفلسطيني، ينتظر خطوات عملية على الأرض تترجم ما قيل منذ اعلان صفقة القرن.
النوايا الطيبة وحدها لا توصلنا إلى مكان، والكلمات وحدها لن تسقط صفقة القرن، علينا أن نلتقط هذه اللحظة التاريخية الصعبة ونوظفها لترتيب بيتنا الداخلي، ولإعادة الاعتبار للقضية الوطنية الفلسطينية، فقد تكون هذه فرصتنا الأخيرة…
قد تكون الفرصة الأخيرة /منيب رشيد المصري
10
المقالة السابقة