عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
بمناسبة رحيل السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله ، فإن موقع “عروبة الإخباري” ينشر سلسلة حلقات عن حياة الراحل ومسيرته الغنية في بناء الدولة العُمانية، والتي استمرت لنصف قرن استطاع فيها أن يضع عُمان على خارطة العالم المتفاعل، وأن يقدمها كنموذج للسلام والتعاون والشراكة في منطقتها ومحيطها العربي وبعدها العالمي.
لقد كان السلطان قائدا عظيما، التف حول جنازته ومشى خلفها قادة من كل دول العالم وبعضهم لم يلتق مع صديقه أو خصمه إلا في جنازة هذا القائد الذي ظلت سياسته تقبل القسمة على الجميع، ويرى فيه الجميع رجل محبة وسلام وعطاء.
الحلقة العاشرة ..شخصية السلطان
واذا كنا نريد مزيداً من المعرفة عن السلطان في بواكير شبابه فاننا نقرأ لمن تحدثوا عنه .
فالذين عرفوه لم ينسوه ، والذين تعاملوا معه منذ كان شاباً يافعاً ظلوا مطبوعين بشخصيته المميزة وسلوكه المستقيم وأخلاقه الدمثة ولذا فإنهم ادلوا بشهاداتهم عنه دون عناء ودون سؤال
فقد كانت ترد ذكرياتهم عنه عن طيب خاطر وفي أي حديث يمكن أن يفضي إلى سيرته . فالإنطباع الأول عن اللقاء به لا يختلف عن الإنطباع التالي أو حتى الأخير ..
لقد تأثرت به العائلة التي عاش معها حين كان طالباً يدرس في بريطانيا ، فهذا “جون رومانز ” (1) ابن العائلة التي عاش معها السلطان قابوس يترك لنا انطباعاً ورأياً يضيء شخصية السلطان في تلك المرحلة ، فيصفه بأنه ” صادق مع نفسه ومع الآخرين ” ، وصفة الصدق هذه لازمت السلطان طوال حياته قبل تسلمه سلطاته وبعد ذلك وإلى اليوم ، وقد كانت هذه الصفة أتعبته في تعامله مع الآخرين من القادة العرب الذين انتقد طريقتهم في التبرير والتسويغ وعدم طرق الحقائق مباشرة ، وذلك ما كان يُبقي الخلافات قائمة ويزيد من تفاقماتها .
ويرى ” جون رومانز ” أيضاً في شهادته أن السلطان ” كان قدوة حسنة ” ، والقدوة ضرورة في القائد الذي لا يكذب أهله، ولذا ظل العمانيون يتطلعون للسلطان من هذا الباب .. باب القدوة الحسنة في السلوك والأخلاق في المحضر والمخبر ،وهم يرونه يجوب ديارهم ويأكل من طعامهم ويواسي مريضهم ويعطف على فقيرهم، وهو لا يغادرهم وهم بحاجة إليه ولا يبتعد عنهم حين يكون وجوده بينهم ضرورة . وهو قدوتهم في الصدقة وفعل الخير وفي مساعدة الناس أفراداً وجماعات ،وفي التضحية حين يلزم التضحية ،وهو قدوتهم في التقوى وخشية المولى وكذلك في حب عمان وأهلها والإخلاص لها وفي الحرص على أمنها واستقرارها .
وجدوه في مقدمتهم يوم انطلقت النهضة وإلى جانبهم يوم وقع التسونامي، والمعبر على مصالحهم ورؤيتهم في كل ما يمس عمان ومصالحها .. وللسلطان كما يقول صاحب الشهادة ” أسلوب مميز في حياته ” وهذا الأسلوب يتجلى في قلة السفر والبقاء في الوطن وفي القدرة على السماع والمتابعة لكل التفاصيل، وفي قبول المظالم ومناقشتها وفي حب العمل والاستمرار فيه وإتقانه وعدم الملل، وفي إنفاق الساعات الطويلة في مكتبه يتابع ويوجه ويرأس ويقود ويعالج المسائل، ولذا فإنه يعترف في أقواله بأنه ينفق أكثر من عشر ساعات يومياً في مواصلة العمل من أجل أن تقطع عمان مسافات أطول على طريق نهضتها ومن أجل أن تلحق بالركب العالمي، وتختصر الوصول إلى حيث الأهداف التي رسمها لها السلطان .
والسلطان مقل في كلامه وفي مقابلاته وخروجه على وسائل الإعلام ، وهو يرى في الصمت محاسن وفضائل قد لا تكون في الكلام ويرى أن للكلمة مكانها وموجباتها التي لا يجوز أن تزيد في الدلالة أو تنقص في المعنى ، ولذا فإنه يطل بخطاباته على العمانيين مرتين أو أكثر قليلاً في السنة وفي مناسبات يحترمونها ويحبون ظهور قائدهم فيها، وهو إن قال أوجز وإن تحدث أفهم ، يمتلك لغة عربية واضحة وجميلة ونطقاً بيناً بعيداً عن اللحن والأعياء ، يربط القول بالعمل ويفصل القول على قدر العمل ولا يرد أن يصرف كلاماً مجانياً في قضايا الأمة والشعب ليس على مستوى قيادته لشعبه وإنما أيضاً فيما يقوله أو يفعله من أجل أمته . ولذا فإنه إن قال أنصت له السامعون وإن تحدث جذب إليه الجالسين أو المستمعين . والسلطان فيما يرى من عرفوه لا يحب المجاملة وقبول الخطأ أو السكوت عنه ويعمد إلى الصراحة على ما فيها من كلفة الاّ أن الذين يتعامل معهم يدركون أن صراحته هي أسلوبه وشخصيته وطريقة عمله معهم أو مع غيرهم ، وقد كان صريحاً يقول رأيه الذي هو رأي بلده حتى في أصعب الظروف والمنعطفات حتى وإن كان هناك من يتوافق لضرورات يحسبها البعض دبلوماسية أو لحالة تأجيل قضية أو استحقاق . فالصراحة عند السلطان هي غاية في حد ذاتها لأنها الطريق الموصل إلى الصدق حين تكون مبنية على الإخلاص ..
والسلطان كما عرفه الكثيرون (1) يتمتع بذكاء خارق وقوة ملاحظة شديدة وحب العمل .. ويبدو ذكاؤه في قدرته على الإقناع وكسب الاحترام وشد الجمهور إليه وإجاباته عن مختلف الأسئلة التي يواجهها وملاحظاته عديدة تصيب حياة الناس وتشير إلى الخيارات الصائبة ، ورغبته في أن يكون المعمار العماني متطابقاً مع التراث وقريباً له ، وهو يعرف من خلال ذكائه الفطري والمكتسب والاجتماعي ما يلزم شعبه وما لا يلزمه من طبائع وفنون ونمط حياة وقد كان ذكاؤه بادياً وملموساً في مفاوضاته المبكرة حول الحدود العمانية مع أكثر من دولة . وفي حلمه الواسع وصبره وميزه للرجال وقبوله لهم ..
ويرى نفس صاحب الشهادة الذي يقول ، إنه عرف السلطان وعاصره في ( مرحلتين هامتين ما قبل الحكم ومرحلة ما بعد توليه مقاليد الحكم في عمان .. فقد كان عظيماً من قبل وعظيماً من بعد .. فالبذرة الصالحة تعطي ثمرة صالحة والشجرة الطيبة ثمرها طيب وتؤتي أكلها في كل حين، وقد لمس فيه من عرفوه هذه العظمة التي لم تزدها المسؤولية الاّ رسوخاً وهيبة وتجلي، فمنذ صغره والكلام هنا لـ ” رومانز ” “كان فارساً مغواراً ” .. والفروسية ظلت ترافقه ، فهو يحب الخيل ويحرص عليها ويؤمن أن في نواصيها الخير كما كان يقول الرسول صلى الله عليه وسلم .. ومن هواياته ركوبها والعناية بها وتتبع أصولها وأنسابها واقتناء المميز منها لأنه ظل يعيش أمجاد أجداده من سلاطين آل البوسعيد ممن كانت الخيل أدواتهم وأسلحتهم وعنوان اعتزازهم ، كما العربي الذي ظل حصانه رأس ماله وعنوان فروسيته، وهو أي السلطان من الفوارس وصفات الفارس الشجاعة فلا يكون الفارس فارساً الاّ إذا كان شجاعاً كما يقول المتنبي :
وفارس الخيل من خفت فوقّرها
في الدرب والدم في أعطافها دفع ..
ولانه فارس فهو صاحب قرار .. لا يتردد حين تتكامل له المعطيات ، ولا يخاف حين يستلزم القرار ليكون علاجاً أو حياة له ولغيره ، وكثيرة هي القرارات الحاسمة التي اتخذها السلطان بشجاعة ودون تردد ، ولعل أبرزها وأوضحها وأكثرها تأثيراً في حياة العمانيين وفي حياة عمان واستقلالها هو قراره بمحاربة العدوان على بلده وخروج المتمردين الذين أرادوا إلغاء هوية عمان وتشويه صورتها وتجيير استقلالها ، وخاصة منذ توليه سلطاته العام 1970 حين تصدى بعزم للتمرد في ظفار وقاتله بلا هوادة حتى أعاد الضالين إلى رشدهم ودفع عن شعبه بلاء أفكارهم وأطماعهم ، وهو صاحب قرار حين دعا لأمن الخليج وبحر العرب ، وحين شارك في بناء مجلس التعاون الخليجي . وحين تحفظ على توظيف دور المجلس أو تسخيره لأغراض لا تحفظ حقوق جميع المنتسبين إليه وهو صاحب قرار في خدمة أهداف السلام وقد ظل يعبر عن ذلك بالمبادرات العديدة والكبيرة من أجل المصالحات العديدة التي بادرت عمان إلى عقدها أو الدعوة إليها .. ولذا فإن قراراته وأن لم تجد لدى البعض اجماعاً أو قبولها ظلت تخدم الصواب ، وتعلن الحقيقة ، وتجسد روح العمانيين وتاريخهم ، فقراره بفك العزلة عن مصر بعد اتفاقيات كامب ديفيد ، وقراره في تصفية الخلافات على حدود السلطنة وقراراته في التوسط بين إيران والولايات المتحدة ، وفي التوسط بينها وبين دول الخليج ، وخاصة المملكة العربية السعودية وقراره بإعتماد عمان على نفسها في إعادة ما دمره التسونامي ، وفي عدم الاعتماد على النفط فقط واعتباره العمود الفقري للاقتصاد العماني وقراره بأن تغيّر القمم العربية نهجها وأسلوبها وطرق التفكير فيها ولذا فإنه لا يحضر منها الاّ ما أعتقد أنه قد يكون نافعاً ..
والسلطان لا يخلف وعداً لشخص أو لبلد أو في معاهدة أو اتفاق وإنما هو ممن يوفوا بالوعود والعهود دون تأخير ، ولذا ظل التزامه قائماً فيما التزم به وهو لا يلتزم ولا يقطع على نفسه وعداً أو عهداً حين لايريد أن يفي به ولا يكيل الوعود بلا حساب ، حتى إذا جاء وقت السداد لم يقم الوفاء به ..وهذه الصفات في الوفاء بالوعد والعهد قلما تتوافر الآن لكثير من الزعماء أو القادة الذين يهربون من وعودهم ويبررون أو ينقلبون فيفقدون مصداقيتهم ويصغرون في عيون شعوبهم وفي عيون الآخرين .
والسلطان أنيق في مظهره يلتزم لبس بلاده والزي العماني الذي يفاخر به وتنفرد بلاده بالتمسك به وإشهاره ، فالعماني معروف بزيه ومظهره لأن قدوته السلطان قابوس والذي هو مواطن عماني أيضاً ..
والسلطان في مظهره والحفاظ على لياقته مثل أعلى للعمانيين والقادة . فهو يواظب على رياضته ويتمتع بصحته ولياقته، وتمر عليه السنون فلا تصيب فيه تغيرات كثيرة ليبدو بكامل أناقته وحيويته، وهو بسيط في خروجه للناس مهما لبس . ومظهره يطابق مخبره الذي لا يطيق التملق والمدح والكذب .
فالسلطان ينفر من الكذب والتملق ولا يحترم من يمارسوه أياً كان موقعهم ويرى أنهم به يغطون الحقيقة وشوهونها ، ولهذا لا يكثر من المجالسة للمداحين والقوالين ولا يقربهم أو يستهويهم أسلوبه . ويقبل البساطة والصدق والصراحة والعفوية في الناس الذين يقابلهم ويحترم أصحاب الرأي الصرحاء الذين يقف رأيهم على المصلحة العامة والتبصير بها ، ولعل في وصف “جون رومانز ” عن أسلوب السلطان في تناول الطعام قوله ” جلالته كان ياكل كل شيء محلل في الدين الاسلامي ” . ولم يسبق لوالدته أن أعدت له غذاء ً خاصاً به ” فما نأكله يأكله . فالغداء كان عادياً جداً ؛ ما أدى إلى ارتياحنا الشديد منه “..
لقد كان السلطان كما عبر صاحب الشهادة .. وجه خير ومقدمه مقدم خير وبشرى يقول ” بوجوده بيننا تدفق إلينا الرزق والخير وأصبحنا نعيش حياة مرفهة بفضل بركاته (1) إنه جالب للخير ، أنيس وهو ليس عاقاً كان يذكر والده المرحوم السلطان سعيد بالمعروف والإحسان لقد كان باراً بوالديه ” ..
والمعروف أن والدته أيضاً وقفت دائماً إلى جانبه وحسنت خياراته وأمدته بالعون والصبر وتسديد الخطى .وقد كان يتوق لوالديه ولوطنه ويحن لمسقط رأسه وينظر يوم العودة ..
والسلطان كما يقول صاحب الشهادة .. ” يحب الموسيقى الكلاسيكية ويرى فيها الحياة الريفية البسيطة، ومن خلالها يسمع تغريد الطيور “.. والموسيقى وحبها لدى السلطان أصيلة وعميقة فهو لا يبرحها مع تبدل الزمن وكثرة المسؤوليات، لأنها عنده رياضة للقلب والوجدان والفكر . وهي جرعة حضارية ترتقي بالإنسان وإحساسه وعلاقته بالكون والاشياء . وهي وسيلة لتغيير القبح إلى جمال ، وإعادة صياغة العالم في قالب جميل إنها أداة تغير أيضاً على المستوى الفردي والنفسي ، ولذا احتفى السلطان بها وأقام لها فرقة شهيرة ودار للاوبرا السلطانية التي ذاع صيتها وانتشر تأثيرها وتنقلت في العديد من العواصم لتحمل سيرة عمان وتروج لحضارتها وتربط تاريخها بفن عظيم ،هو لغة العالم عندما تستغلق اللغات على الفهم والنطق فإن الموسيقى تبقي اللغة الموصلة والمحركة للوجدان ..
لقد اختار السلطان أجمل ما في الغرب ممن يصنف في باب الفن والحضارة اختار الموسيقى وخاصة الكلاسيكية لعمق تاريخها وأهمية دلالتها ودورها .وكانت وسيلة ربطه بالجمال والطبيعة والوطن والذكريات ، لقد أراد الموسيقى السلطانية وفرقتها المميزة علاقة فارقة في التعريف بعمان وعمق تاريخها فعمان كما في الرسالة الموسيقية بلاد متحضرة عرفت الاستقرار قديماً وبنت امبراطورية وشاركت الأمم وفتحت ابوابها للاسلام وقبلته وحملته وراسلت النبي (ص) وآمنت بدعوته حين كانت الممالك قليلة أو مندثرة ،وحين كان التواصل مع التاريخ نادراً .. ان السماع لفرقة الموسيقى العمانية سواء في دار الاوبرا في مسقط أو في أي من رحلاتها خارج البلاد يأخذ المستمع الى تداعيات جميلة يرسم فيها صورة حضارية لعمان حتى وإن لم يزرها أو يرها .. والسلطان أراد للموسيقى أن تسري في الأجيال العمانية في المدارس والجامعات لتهذب النفس وتبعث فيها الهدوء والسكينة والتلاحم الجماعي وتبني روح الفريق . فالسمفونية عمل جماعي والمايسترو هو القائد ، والموسيقي رمز للمجتمع الذي يحب الانضباط والايقاع الجماعي والعمل المشترك ..
والسلطان متفتح العقل والقلب ويتوق للمعرفة ويتطور من خلالها وينفتح عليها ويقبل مكابدة التعليم والتعلم يقول صاحب الشهادة ” حين جاء السلطان إلى بريطانيا للدراسة كانت لغته الانجليزية ضعيفة ولكن الشيء المدهش انني حين التقيته مرة أخرى بعد فترة وجيزة وجدت أنه يتحدث اللغة الانجليزية بشكل اثار اعجابي . ويكتبها بخط مستقيم وسليم ، فكان مجداً للغاية في الدراسة ” والجدية هي صفة لازمة في السلطان ولذا لم يضع وقته وهو طالب في التلهي أو التهرب من مكابدة التعليم كما كان يفعل الكثيرون من الموفدين العرب أو من لديهم أموال وثروات وانما كان يواصل الدراسة والمراجعة حتى بعد انتهاء الدوام حين زياراته لاترابه واصدقائه وابناء دورته ،وقد ظلت هذه الجدية تصاحبه الى اليوم فهو لا يترك ملاحظة الاّ ويسجلها ولا معرفة ضرورية بشيء الاّ ويدونها . وحتى في زياراته لاصدقائه في زمن الدراسة كما يروي من عرفوه كان يأتيهم لهدف ، ويجالسهم لهدف ، ويغادرهم لهدف ، وكل هواجسه أن يخدم وطنه وشعبه وأن يعمل ما في وسعه للوصول الى اليوم الذي يضحي فيه من اجلهم .. ولذا فان جديته في الدراسة انعكست على زملائه وعلى اساتذته ومدربيه وقادة الكلية الذين ظلوا يقدرون له التزامه بالقانون ومراعاته للشروط ومواظبته على الحضور وانفاذه للاوامر وانخراطه في العمل الجمعي ..وقبوله لكل ما يطلب منه مهما كان صعباً او قاسيا .. سواء في فترة الدراسة او التدريب او حتى الامتحانات ..
وكان يعف عن الاساءة ويؤكد الحسنة لايذكر مساؤى الآخرين ولا سوءاتهم ولا يغتابهم آخذاً بقوله تعالى ” ولا يغتب بعضكم بعضاً ، ايحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ” وكان يذكر حسنات أصدقائه ومن يساعدونه وكان يجادلهم بالتي هي أحسن حتى حين يختلف معهم في الرأي ويعمد الى الحوار والأسلوب الهادىء في بث افكاره ومعتقداته وقناعته ورأيه، آخذاً بقوله تعالى مخاطباً رسوله ” ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاستغفر لهم وجادلهم في الأمر فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حيميم ” ..
والسلطان محب للخير للجميع لا يفرق بين جنس وجنس وشخص وشخص في حبه للخير، وهو لا يميز بين البشر بعنصرية او تعصب على اللون او البشرة او حتى الفكرة فهو يقبل الجميع ويحاور الجميع ويحترم كل الحضارات والشعوب وينظر اليها بتقدير . لايزدري صغيراً ولا ينافق كبيراً وانما الناس عنده سواسية يعطي كلاً حسب قدره .. ولعل هذه من اسرار طبع عمان بطابعة او حمله لخصائص اهل عمان . ولذا نجد ان السلطنة وحدة واحدة لا تميز بين مواطنيها في اصولهم او الوانهم او حتى مذاهبهم ومعتقداتهم بفعل وعي السلطان وتوجيهه ونهجه وثقافته وسلوكه .. وعمان في هذا السبيل نموذج ، فلا تنازع ولا خصام ولا جدال في المواطنة وحولها وفي تكريس الهوية والدفاع عنها ..
من كتاب سلطنة وسلطان .. أمة وقائد السلطان قابوس بن سعيد / المؤلف سلطان الحطاب
يتبع الحلقة الحادية عشر ..