جاءت الزيارة الملكية للبرلمان الأوروبي وفرنسا في توقيت وتسارع أحداث مهمة في إقليم الشرق الاوسط وخصوصاً بما يخص القضية الفلسطينة والتطورات المتسارعة في الملف الأمريكي-الإيراني، وحمل جلالته العديد من الملفات المهمة والتي بحثها في جولته الأوروبية.
نفخر كأردنيين بدبلوماسية جلالته وحضوره الدولي وطروحاته ورؤاه العصرية والمتجددة وخصوصاً في مسائل التعاون والتواصل الدولي وبما يهم قضية فلسطين وجوهرها القدس كقضية مركزية أولى للأردن والأمتين العربية والإسلامية.
الخطاب الملكي التاريخي أشار إلى الملفات الدولية والاقليمية والمحلية الجسام كالقضية الفلسطينية ومكافحة الارهاب وقضية اللاجئين والعلاقات البينية ومواقع الصراع العربية، وجل هذه الملفات عصيبة وتحمل حموم وقضايا تتطلب حلول دولية ليست بالهيّنة البتّة.
فإبّان خطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي أكّد مُكرّراً بأن مفتاح السلام في العالم هو الأمن والإستقرار في إقليم الشرق الأوسط؛ وهذا الإستقرار لن يتحقق سوى بسلام الفلسطينين والإسرائيلين، وهذه رسالة واضحة للعالم بأن لُبّ وجوهر الصراع العربي-الإسرائيلي هي فلسطين وأن العالم عليه مسؤولية تجاه القضية الفلسطينية لينعم الفلسطينيون بحقوقهم الكاملة ليتحقق السلام في إقليم الشرق الأوسط برمّته.
الخطاب الملكي التاريخي إستنهض جهود مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وطالب بتسريع وتيرتها على أساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية، وهذا يعيد الألق والأضواء للقضية الفلسطينية عند المجتمع الدولي من خلال المنابر الدولية كالبرلمان الأوروبي، وهذه المبادرات الملكية طالما تكررت بالنسبة للقضية الفلسطينية وخصوصاً عندما يتناساها المجتمع العربي والإسلامي كقضيتهم الأولى، فيعيدها جلالة الملك للأضواء من جديد.
والخطاب الملكي التاريخي جاء بلغة الغرب كأسلوب ملكي رصين لإقناعهم بأن هنالك مخاطر جسيمة وعواقب كارثية فيما إذا تخلّت المؤسسات والمنظومة الأممية عن فكرة حل الدولتين وحل جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، ما يعني تمترس لقوى الظلال الإرهابية في مواقع الصراع في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها.
والخطاب الملكي التاريخي أشّر إلى تمسّك جلالته والأردن بالدعم المطلق للقضايا العربية في كل البلدان التي تعاني وتئن من ويلات التطرف والإرهاب والطائفية والعبث بمنظومتها الأمنية.
والخطاب الملكي التاريخي ربط بين رؤيتي المغفور له الحسين طيب الله ثراه وأبا الحسين حفظه الله، حيث أشار إلى توافقية الرؤيتين بأن صُنع السلام هو الطريق الأصعب لكنه الأسمى إلى جانب الأصدقاء الأوروبيين وغيرهم، وهذا يؤكّد نهج الدولة الأردنية كدولة محبّة للسلام ولا تحيد عنه وتسعى إليه بكل قواها.
لهذا كلّه، فمطلوب مساندة عربية وإسلامية وأمميه لجهود جلالته على كافة الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية لغايات أن ينعم الشرق الأوسط والعالم بالسلام، ولهذا فإن تبنّي الجامعة العربية لرؤى جلالة الملك في السلام ودعمها والوقوف خلفها وتبنيها من قبل كل الدول العربية باتت ضرورة ملحة.
وأخيراً، جلالة الملك نموذج للدبلوماسية الفذة والتي تخدم الامتين العربية والاسلامية والتي تخاطب الغرب بلغتهم، وهو الناطق الحق بإسم القضية الفلسطينية صوب منح الفلسطينيين حقوقهم المنقوصة والمغتصبة، ونتائج الزيارات الملكية على الارض ذات صدى أمني وعسكري وتنموي ودبلوماسي وسياسي وإقتصادي وغيرها.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق – رئيس جامعة جدارا
خطاب الملك في البرلمان الأوروبي / د. محمد طالب عبيدات
6
المقالة السابقة