عروبة الإخباري – باتت ست مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” في القدس، مهددة بالإغلاق، بعد موافقة بلدية الاحتلال في المدينة، على إنشاء مجمع مدارس تابعة لما تسمى “وزارة المعارف الإسرائيلية”، لتكون بديلاً عنها، في إطار مخطط قديم جديد لإنهاء عمل المنظمة الدولية في العاصمة المحتلة.
ومنذ قرار الإدارة الأميركية وقف تمويل “الأونروا” في آب 2018، اشتدت الهجمة الإسرائيلية على الوكالة بهدف منعها من مزاولة عملها وتقديم الخدمات التعليمية والصحية وغيرها لـ110 آلاف لاجئ فلسطيني في القدس.
ويحمل الاستهداف الجديد لعمل “الأونروا” في القدس رسالة من حكومة الاحتلال للأمم المتحدة التي صوتت جمعيتها العامة مؤخراً على تجديد ولاية الوكالة، الأمر الذي يستدعي من المجتمع الدولي الوقوف عند مسؤولياته في وضع حد لتمادي إسرائيل على القانون الدولي والقرارات الأممية وكافة الشرائع الإنسانية.
ويدرس في مدارس “الأونروا” في القدس نحو 1800 طالب وطالبة، منها ثلاث مدارس في مخيم شعفاط يدرس فيها 850 طالباً وطالبة.
ووفقاً للمخطط الإسرائيلي الجديد، سيتم بناء مدارس في مخيم شعفاط وعناتا.
المتحدث الرسمي باسم “الأونروا” سامي مشعشع، قال في حديث لـ”وفا”، إن الوكالة لم تبلغ رسمياً بأي قرار يتعلق بمدارسها في القدس الشرقية، مشيراً إلى أن الوكالة تقدم خدماتها وتشرف على منشآتها في القدس منذ عام 1950 ضمن الولاية الممنوحة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإن إسرائيل طرف في معاهدات امتيازات وحصانة الأمم المتحدة التي وقعت عام 1946، والتي تحمي حق الأمم المتحدة في القيام بمهامها دون أي تدخل.
وأكد أن مخطط الاحتلال بإنشاء مدارس بديلة عن مدارس الأونروا في القدس هو تطور خطير يأتي ضمن المحاولات الإسرائيلية لإضعاف الوكالة ووجودها في القدس، مشيراً إلى أن إسرائيل رصدت ميزانيات كبيرة لهذا الغرض، كما أن القضية تستغل كدعاية انتخابية بين الأحزاب الإسرائيلية.
ولفت مشعشع إلى أن القرار الأميركي بنقل السفارة إلى القدس ومن ثم وقف تمويل “الأونروا”، أعطى الضوء الأخضر لحكومة الاحتلال للبدء بإنهاء عمل الوكالة وطردها من البلدة القديمة في القدس ومن مخيمي شعفاط وقلنديا وكافة المناطق التي تتواجد فيها عبر مدارسها وعياداتها وخدماتها الأخرى.
ولفت إلى وجود اتفاقيات موقّعة مع حكومة الاحتلال تحمي وجود “الأونروا” في القدس، وبالتالي إذا لم يحترم الجانب الإسرائيلي هذه الاتفاقيات سيكون هناك تداعيات قانونية.
وشدد المتحدث باسم “الأونروا” على أهمية البعد الجماهيري في الحفاظ على وجود الوكالة ومؤسساتها في القدس، داعياً كافة اللاجئين في القدس إلى تسجيل أبنائهم في مدارس الوكالة والتوجه باستمرار لعيادات الوكالة الصحية في البلدة القديمة ومخيمي شعفاط وقلنديا.
وأكد أن الوكالة تولي اهتماما خاصا بالقدس لمواجهة التحديات الإسرائيلية في خلق بدائل، وتسعى إلى تقديم أقصى ما تستطيع من خدمات في كافة مناطق تواجدها، موضحاً أن الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الوكالة تؤثر على عملها.
وقال: “نواجه تحديات كبيرة للإبقاء على خدماتنا التعليمية في سلوان ووادي الجوز وصور باهر ومخيمي شعفاط وقلنديا، ولكننا جاهزون لمواجهة هذه التحديات”.
وتروّج حكومة الاحتلال وبلديتها في القدس شائعات بأن إرسال الطلاب إلى مدارس الوكالة سيؤثر على الوجود القانوني لعائلاتهم في القدس، إلا أن مشعشع أكد أن أهلنا في القدس يدركون أن هناك حماية قانونية لهم، وحتى لو استمر وجود أبنائهم في مدارس الأونروا فإن ذلك لن يؤثر على وجودهم كمقدسيين أصليين في العاصمة.
من جانبه، قال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد أبو هولي إن محاولة حظر عمل وكالة الأونروا واستهداف اللاجئين الفلسطينيين في القدس هو جزء مما تتضمنه ما تسمى “صفقة القرن”، مشيراً إلى وجود تسريبات تؤكد أن الاحتلال يخطط خلال العام الجاري للقضاء على عمل الأونروا في القدس على أساس انها تمثل جوهر التحدي لإعلانها عاصمة للاحتلال.
وأوضح أن مخطط بلدية الاحتلال لإقامة مجمع مدارس بديل لمدارس الوكالة في القدس المحتلة يأتي ضمن هذه الخطة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين “الأونروا” وإسرائيل تبطل هذا المخطط قانونيا.
وأضاف: “نحن أمام معركة قانونية لإفشال هذه المخططات”.
ودعا أبو هولي “الأونروا” إلى وضع موازنة كافية لتحسين خدماتها التعليمية والصحية خاصةً، لمواجهة الإغراءات التي تروّج لها بلدية الاحتلال حول الخدمات التي تقدمها، في محاولة لإفراغ مؤسسات الوكالة.
من جهته، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، إن مخطط بلدية الاحتلال في القدس، يندرج في إطار محاربة كل ما هو فلسطيني في العاصمة المحتلة، وتحدي للمؤسسة الدولية وإفراغ للمدينة .
وأضاف: “حكومة الاحتلال تعمل على إنهاء أي تواجد للأونروا في مدينة القدس، وتستهدف بشكل مباشر المدارس والعملية التعليمية، ضمن أهداف واضحة بالأسرلة والتهويد”.
وتابع مجدلاني “إن إنشاء مجمع مدارس تابع لوزارة المعارف الإسرائيلية شرق القدس، يعتبر أحد مخططات حكومة الاحتلال ضمن برنامج عمل مدعوم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد وكالة الغوث وأهم أذرعها المدارس”.
وأشار إلى أن ذلك يأتي لتنفيذ مخطط لتفريغ المدينة من أي رموز فلسطينية، خاصة أن هناك عدد كبير من اللاجئين، موضحاً أن الاحتلال يسعى لإنهاء وجودهم ووقف عمل المدارس وشل المدينة.
وأكد مجدلاني أنه سيجري التحرك بكل الاتجاهات للحفاظ على الوجود الفلسطيني بالمدينة المقدسة ومواجهة كل هذه التهديدات بإغلاق مدارس الوكالة، مبيناً أنه سيتم التنسيق في هذا الإطار ما بين المفوض العام للوكالة، ومنظمة التحرير، ودائرة شؤون اللاجئين.
بدورها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين إن مخطط بلدية الاحتلال في القدس، يأتي امتدادا لحرب الاحتلال المفتوحة ضد “الأونروا” وعملها في القدس الشرقية المحتلة.
وأضافت الخارجية في بيان صدر عنها، “أن مصادقة مجلس بلدية الاحتلال على هذا المخطط، خطوة جديدة على طريق فرض المنهاج الاسرائيلي على العملية التعليمية فيها، استكمالا لعمليات ومخططات تهويد المدينة المقدسة بشكل كامل”.
واعتبرت أن القرار ليس موجها ضد الفلسطينيين فقط إنما ضد المجتمع الدولي، في تحد صارخ للأمم المتحدة التي تعتبر “الأونروا” مكونا أساسيا فيها، خاصة في ضوء التصويتات الأخيرة التي حصلت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح تجديد ولاية “الأونروا”، ما يعني أن هذه الخطوة هي ضرب لهذا التصويت ولهذا القرار، وفتح مواجهة مع جميع الدول التي صوتت لصالحه.
وتقوم الأونروا بإدارة وتشغيل 709 مدارس ابتدائية وإعدادية في أقاليم عملياتها الخمسة: الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وغزة والأردن ولبنان وسوريا، ويدرس في هذه المدارس أكثر من نصف مليون طالب وطالبة من لاجئي فلسطين. وخرّجت مدارس الأونروا نحو مليونين ونصف من الطلبة منذ عام 1950.
وفي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تتواجد 96 مدرسة تابعة للأونروا، يدرس فيها أكثر من 46 ألف طالب وطالبة.