عروبة الإخباري – كشفت النيابة العامة في السعودية عن تفاصيل جريمة تستر تجاري قد تكون الأكبر في قضايا التستر التجاري في تاريخ المملكة، بعد أن وصلت المبالغ المحوَّلة لخارج البلاد إلى خمسة مليارات ريال (نحو 1.3 مليار دولار).
وقالت النيابة في بيان لها مساء الجمعة، إن مواطنًا سعوديًا وثلاثة وافدين لم تكشف عن جنسياتهم، أدينوا في جريمة التستر الجديدة، وصدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية بالسجن والغرامة.
ونقلت وسائل إعلام محلية تصريح المتحدث الرسمي للنيابة العامة، ماجد الدسيماني، الذي أوضح أن التحقيقات التي أجريت في القضية كشفت عن ”وجود تشكيل عصابي مكون من ثلاثة وافدين ومواطن مالك المنشأة محل التستر“.
وأضاف الدسيماني أن التحقيقات أثبتت وجود عمليات غسل وتبييض للأموال، وتسجيل حوالات لا يقابلها أي واردات جمركية، و“تزوير أفراد التشكيل العصابي محررات عرفية تتمثل في فواتير مقدمة للنيابة العامة من أجل إخفاء وتمويه متحصلات الجريمة، إضافة إلى قيامهم بأعمال مصرفية غير نظامية متمثلة في تحويل مبالغ مالية لأشخاص خارج البلاد، وتبديل العملة من خلال تلك الحوالات“.
وأوضح ”التحقيق انتهى معهم بتوجيه الاتهام لهم جميعًا بمخالفة أنظمة مراقبة البنوك ونظام مكافحة التستر التجاري ونظام مكافحة غسل الأموال والنظام الجزائي لجرائم التزوير، وجمع وحيازة أموال غير مشروعة، وإيداعها في الحسابات البنكية للمنشأة للإخفاء والتمويه، ومن ثم تحويل هذه المبالغ التي قاربت خمسة مليارات ريال إلى خارج السعودية“.
وتابع ”بإحالة قضية المذكورين إلى المحكمة المختصة مدعمة بالأدلة والقرائن الدامغة، صدرت أحكام نهائية بحقهم تثبت إدانتهم بالجرم المسند لهم من قبل النيابة العامة، بعد فرز ما يتعلق بجريمة مخالفة نظام مراقبة البنوك وإحالتها للجهة المختصة، والحكم عليهم بالسجن بأحكام بلغ مجموعها ستًا وعشرين سنة وغرامات بلغت ستة ملايين ريال، ومصادرة الأموال الموجودة في حسابات المنشأة والبالغة مليوني ريال، وإبعاد الوافدين عن البلاد ومنع السعودي من السفر خارج المملكة لمدة مماثلة لمدة سجنه بعد انتهاء محكوميته“.
والتستر التجاري هو ممارسة وافدين أجانب تحت أسماء مواطنين سعوديين شركاء لهم، لأعمال تجارية وصناعية ومهن متنوعة محظور عليهم العمل فيها، أو العمل دون الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة أو وفق الشروط المحددة، وينتشر على نطاق واسع في المملكة.
ووحدت السعودية جهودها في مكافحة التستر التجاري في الأعوام القليلة الماضية، تحت ”البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري“، وهو برنامج أطلقته وزارة التجارة والاستثمار ضمن ”برنامج التحول الوطني 2020“ للقضاء على التستر التجاري والحد من انتشار الغش التجاري وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به وتعزيز التوعية بأخطار التستر وآليات مكافحته.
وتشترك عدة جهات حكومية مع وزارة التجارة في تطبيق البرنامج، ومن بينها وزارة الداخلية، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والهيئة العامة للزكاة والدخل، ومؤسسة النقد العربي السعودي والهيئة العامة للاستثمار.
وتقوم السعودية بالتشهير بمن يتورط في قضايا التستر التجاري من مواطنيها، وترحيل الوافدين المتستر عليهم بشكل نهائي، بجانب عقوبات أخرى، فيما يتم منح مكافآت مالية لمن يبلغ عن قضايا تستر تجاري تقول تقارير اقتصادية محلية إنها تكلف الاقتصاد السعودي مليارات الريالات سنويًا.
ويقول خبراء اقتصاديون سعوديون إن تفشي ظاهرة التستر في المجتمع السعودي تعود إلى تخلي السعوديين عن العمل في المهن التي عرفت بها بعد طفرة البترول، إضافة إلى الأنظمة الحكومية ومنح العاملين في القطاعات الحكومية فرصة فتح سجلات تجارية عدة واستقدام عمالة رغبة في زيادة الدخل، وضعف الرقابة من قبل الجهات الرقابية، وعدم تنظيم الاستقدام، وانتشار تجارة التأشيرات، فيما يبلغ عدد الوافدين الأجانب في البلاد نحو 13 مليون نسمة.