عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
يريد الرئيس محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، أن يُعلم الجميع من المهتمين بالشأن الفلسطيني، أن من أولويات أجندته التي تساعد على إزالة الاحتلال هو استكمال بنية الحياة السياسية الفلسطينية في إعادة توحيد الصف الفلسطيني لبلوغ الهدف الأسمى، وهو إقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني.. ولعل أبرز الخطوات التي يدعو لها على هذه الاجندة، كما تحدث هو إجراء الانتخابات النيابية (التشريعية) وهو يشترطها (وهنا يشدد الرئيس) أن تكون هذه الانتخابات شاملة لعموم الوطن الفلسطيني، الذي ستقوم عليه الدولة، وهو الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس، كما كان الأمر بداية حين قامت السلطة الفلسطينية، وحين جاء الرئيس عباس الى مسؤولياته كرئيس لها بعد انتخابات ديمقراطية نزيهة، أصرّ الرئيس ان لا تمس نتائجها و أن تقدم فلسطين بذلك نموذجاً مختلفاً في محيطها العربي..
الرئيس عباس الذي تحدث بوضوح، ولديه التصور الواضح، لن يُصدر مرسوم إجراء الانتخابات او يُطلقها بهذا المرسوم إلّا اذا ضمن انخراط المقدسيين في مواقعهم في بلدهم القدس في هذه الانتخابات، ورفع العقبة عن طريق مشاركتهم، خاصة بعد الخطوة الاجرامية التي اتخذتها الولايات المتحدة واسرائيل في ضم القدس، واعتبارها عاصمة لاسرائيل، وهو الأمر الذي رفضته السلطة الفلسطينية وقاومته وتسلحت له بإرادة شعبها والمجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة جميعها..
وحتى يضمن الرئيس إجراء هذه الانتخابات التي تشمل المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية، فإنه لم يتوقف عن السعي لدى المجتمع الدولي كله بما فيه النظام العربي، للضغط على اسرائيل لتمر انتخابات القدس عبر الصناديق الفلسطينية، ويؤكد المقادسة حقهم في ذلك بمشاركتهم.
الرئيس عباس أجرى اتصالات واسعة عبر العديد من دول الأمم المتحدة و مع الاوروبيين تحديداً، إذ وصلت رسائله للأوروبيين وتحديداً الإسبان والفرنسيين وحتى الألمان والاتحاد الروسي، والهيئات الدولية العديدة، و هناك اتصالات جارية ومحاولات جادة من جانب عديد من هذه الدول للضغط على حكومة اليمين الاسرائيلية التي يقودها نتنياهو في المرحلة الانتقالية باتجاه انتخابات جديدة للكنيست..
اسرائيل مازالت تماطل وتتهرب وتبحث عن إسناد أمريكي، ويبدو ان موقف الحزب الديمقراطي الأمريكي ونوابه الذين وقعوا ضد توجهات الرئيس ترامب في السياسة الأميركية تجاه الموضوع الفلسطيني وخاصة ما يتعلق بشرعنة الاستيطان وحتى بحل الدولتين، بدأت تؤثر على موقف الإدارة الأميركية.
المشكلة الآن ليس في موقف السلطة من الانتخابات ، بعد أن أنجزت الأطراف الفلسطينية الكثير في هذا المجال ، وخاصة بعد المهمة التي أناطها الرئيس محمود عباس بالدكتور حنا ناصر في غزة أخيرا، وإنما في الموقف الإسرائيلي إذ أن إسرائيل يهمها أن لا يكون المقدسيون مشاركين في الانتخابات، لتؤكد من خلال ذلك سيادتها على كامل القدس، بما في ذلك الجزء الشرقي منها والذي هو عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة القادمة…وهذه الورقة التي قد لا تهم طرفاً فلسطينياً معنياً، تهم الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وهو الرئيس عباس وتهم منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية..
إذ لا انتخابات بدون القدس، وهذا موقف سياسي هام لن يتجاوزه الرئيس عباس مهما كان الأمر، حتى لو تأخرت الانتخابات، فما كان معمولا به من قبل لا بد أن يظل سارياً، وهذه الخطوة كانت دائما واحدة من المكاسب الفلسطينية التي جاء بها اوسلو حين اجريت الانتخابات من قبل على أن القدس مشمولة بها..
التحدي الرئيسي.. ماذا إذا كان المجتمع الدولي يستطيع ذلك، وان تثمر ضغوطه على إسرائيل التي بدأت سياساتها مكشوفة للجميع، وهذا الأمر لا بد أن يضاف إليه الجهد العربي كله، حتى من اولئك الذين اعتقدوا ولو للحظة أن هناك إمكانية لإجراء التطبيع المسبق من إسرائيل قبل ان تقدم التزامات استحقاقات عملية السلام مع الفلسطينيين…
وان تقر بمشاركة مواطني القدس الفلسطينين في الانتخابات التشريعية القادمة…
الأيام القادمة كما علمت ستشهد نشاطاً سياسياً ودبلوماسياً فلسطينياً مكثفاً وإضافياً يصب في هذا الاتجاه….
خاصة وأن المراوحة الإسرائيلية في ظل الدعوة لانتخابات جديدة في الكنيست تعمل على كسب الوقت لصالح إسرائيل التي تصر دائما على ان ترهن مصالح الشعب الفلسطيني لمصالحها…
وتعمل على إطلاق تسريبات لم تثبت حول صفقة القرن التي رفضها الفلسطينيون وما زالوا يتطلعون الى تغيير الموقف الأمريكي من هذه الصفقة التي لا يجوز أن تمر هكذا بتعمية وغموض، فإن كانت الولايات المتحدة ترى حلاً فإن عليها أن تقدم موقفها بشكل أكثر وضوحاً، لأن القيادة الفلسطينية كانت ومازالت تقرأ كل طرح و تتعاطى معه على أن لا يتجاوز الثوابت الفلسطينية، وأبرزها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني…
إن ما تسرب أخيرا من صفقة القرن غير مقنع ويحتاج إلى توضيح فما الذي يمنع الولايات من الإفصاح عن الحقائق كاملة وواضحة ليقرأها الجميع.