باطمئنان… يمكن القول ان منظومة النزاهة الوطنية «الميثاق» و»الخطة التنفيذية» تعتبر وثيقة يمكن اعتمادها وتدريسها في المدارس والجامعات والمؤسسات غير الربحية، وتعتبر دليل عمل يمكن الوصول من خلالها الى مرحلة متقدمة في تطبيقات مفاهيم النزاهة في كافة مناحي حياتنا، وبلوغ مرحلة وممارسة فضلى في المعاملات وتسيير احوالنا، بعد ان بلغنا مرحلة حافلة بالتجاوزات والتهويم، وتسويق الاسود على انه ابيض، ولو قمنا مجازا باستحضار نيقولا مكيافيلي لدان لنا بالتقدم عليه في ادارة اعمالنا، واخذ عنّا الكثير ليضمه الى كتابه التاريخي…الامير.
يوم عمل كامل من الحوارات للمشاركين في اجتماعات البحر الميت اول من امس ادركت كم ان الامر صعب في تنظيم وادارة هذا اليوم الكبير، واهم ما خلصت اليه ان نسبة كبيرة ممن شاركوا في الاجتماع في قاعات متوازية انهم لم يطلعوا جيدا على الوثيقة والخطة التنفيذية لمنظومة النزاهة الوطنية، وركز عدد من المشاركين على مطالب تتصل باحتياجات محافظاتهم الآنية، كما الحوار ابتعد عن الهدف الاساسي للاجتماعات، اما الاقتراحات التي وزعت على عجل للاجتماعات فقد شكلت اكثر من 90% قضايا اقل مما ورد في المنظومة وبرنامجها التنفيذي، وتم هدر معظم الوقت للمناقشة في قضايا لم تقدم اضافات نوعية للمنظومة.
منظومة النزاهة الوطنية اعدها خبراء ومسؤولون يشار اليهم بالبنان، وهي تختلف كثيرا عن الاصدار الاول الذي لم توزع على المهتمين والمراقبين بعد ان اعترض عليها خبراء ومسؤولون محايدون، وتجاوزت التعديلات اخفاقات الوثيقة الاولى التي كانت بمثابة استخدام بليغ للغة دونما انتاج، واستطاع هؤلاء الخبراء بحكمة وقدرة على تقديم ما يلبي احتياجات مرحلة الاصلاح الشامل اذا ما خلصت النوايا وتوفرت الارادة في التنفيذ خلال السنوات القادمة، بعد ان يتم تطوير التشريعات اللازمة لضمان التطبيق والسير فيها، واجراء مراجعة دورية لتلك التطبيقات.
ان الاقتراح الذي قدم في اكثر من اجتماع يقدم صيغة لتجاوز تشتت المرجعيات وتضارب الصلاحيات، ووضع مؤسسات وهيئات الرقابة الرسمية في الاتجاه المناسب في مقدمتها ديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، وديوان المظالم، ومراقبة الشركات، وهيئة الاوراق المالية، وهيئة التأمين، ومأسسة الرقابة من خلال اطلاق مؤسسة او مظلة تنسق بين كافة هذه المؤسسات…واعتماد الاستقلالية المالية والادارية ومنحها صلاحيات الضابطة العدالية، بحيث يعتمد القضاء الاردني المرجعية الاولى والاخيرة في اصدار الاحكام دون تدخل مهما كان.
ان تطوير بيئة الاستثمار بعدالة ونزاهة يتطلب الاستثمار في الجهاز القضائي نوعا وكما، وتخصيص القضايا المستعجلة اولا، واستحداث القضاء المتخصص وهذا سيسجل لصالح القضاء الاردني وبيئة الاستثمار بما يعظم قدرة الاقتصاد الاردني في استقطاب المزيد من الاستثمارات الجديدة باعتبار الاستثمار الطريق الافضل لمعالجة الاختلالات المالية والاقتصادية والاجتماعية المزمنة التي نعاني منها.
خالد الزبيدي/منظومة النزاهة الوطنية … خطوة على الطريق الصحيح
16
المقالة السابقة