عروبة الإخباري –
في فضاءات الثقافة العربية المعاصرة، يسطع صوت هالة نهرا، ككوكب ناري في سماء الأدب والفن، هي ليست مجرد شاعرة، ولا مجرد ناقدة موسيقية، ولا مجرد كاتبة، بل صانعة للمعنى، وبانية للعوالم، ومهندسة للروح والوجدان معًا. كلماتها لا تُقرأ فحسب، بل تُسمع، تُشعر، وتترسخ في أعماق القلوب، كل حرف فيها نغمة، وكل صورة شعرية لحن، وكل فكرة انفجار من الفكر والجمال والوجدان
كل نص لها هو رحلة أسطورية، تجربة حية، فضاء متكامل يربط بين العقل والعاطفة والخيال والروح. في دواوينها، تتحرك الكلمات كما تتحرك الموسيقى في الصدور، كأن القارئ يشارك في خلق الإيقاعات، ويستشعر النغم بين السطور، ويعيش المشهد كما لو كان جزءًا من نفسه. شعرها ليس مجرد تعبير، بل طقس شعوري، وانفجار جمالي، وغوص في أعماق الوجود، حيث الجمال والهوية والحياة تتقاطع في كل نبضة وكلمة.
في دواوينها مثل «أمنح شعوبي أسمائي ال7»، تتحول الكلمات إلى ألحان، والأحلام إلى صور، والوجدان إلى بحر من المشاعر الغامرة. فالقراءة عند هالة ليست مجرد قراءة، بل تجربة حية، مشاركة في ولادة النص، مشاركة في خلق الإيقاع، مشاركة في احتضان الجمال بكل تفاصيله، فكل سطر هو شعلة تشعل الروح، كل صورة شعرية هي نغمة تتردد في القلب قبل العقل، وكل فكرة تتحرك كما لو كانت جسدًا حيًا يتنفس بين السطور.
أما في النقد الموسيقي والفني، فإن أعمالها «إضاءات موسيقية وفنية» و«موسيقات وفنون وثقافات» تكشف عن عبقرية هالة نهرا في تحويل التحليل إلى فن، والفن إلى تجربة وجدانية. إنها ترى الموسيقى ليس مجرد أصوات، بل لغة الإنسان العليا، لغة تتحدث عن التاريخ والهوية والحب والفقد، لغة تكشف ما لا تستطيع الكلمات وحدها أن تبلغه. وكتابها «الموسيقى في لبنان بين العام 2000 والعام 2020» ليس مجرد دراسة، بل مرآة للروح اللبنانية، سجل للتجارب الموسيقية، وشهادة على تلاقح الفن والوجود، على تحولات الأمة ووعينا الجماعي، على قدرة النغمة على حفظ الذاكرة وإشعال الأحاسيس.
وتتمثل عبقريتها في قدرتها على مزج الشعر بالموسيقى، والفكر بالجمال، والتحليل بالوجد، لتصبح كل كلمة نبضة، وكل نص جسرًا، وكل تجربة رحلة أسطورية. الكلمة عندها لا تُكتب فقط، بل تُحيا، تُسمع، تُشعر، وتترسخ في الأعماق، لتصبح جزءًا من الروح نفسها. كل نص هو طقس شعوري، مغامرة فكرية، ولحظة اكتشاف للجمال في قلب الإنسان والحياة والفن.
هالة نهرا تجعل القارئ يكتشف أن الشعر ليس مجرد كلمات على ورق، بل هو نغم، تجربة، رحلة إلى الذات والوجود والكون. الموسيقى ليست مجرد أصوات، بل لغة ثانية، لغة القلب والروح، لغة المعنى الخالد، لغة الإحساس العميق بكل شيء. النقد عندها ليس مجرد تحليل، بل فن منفتح على الشعر والحياة، نافذة على الروح، جسر بين الماضي والحاضر، بين الفرد والمجتمع، بين الواقع والحلم.
قراءة أعمالها لوحدها هي رحلة أسطورية، غوص في أعماق الإنسان، اكتشاف للجمال والخطر والوجد، طقس شعوري يتجاوز الورق واللغة، تجربة تُغير القارئ من الداخل إلى الخارج. إنها تفتح لنا أبوابًا جديدة للفكر، للجمال، للهوية، للفن، للحياة، لكل ما يجعلنا أحياء حقًا.
هالة نهرا إذًا ليست مجرد كاتبة أو شاعرة أو ناقدة موسيقية، بل ساحرة الكلمات، ومهندسة الإيقاعات، وبانية المعاني، وقائدة رحلة أسطورية عبر الشعر والموسيقى والنقد والحياة. هي صوت لبنان الثقافي، ونجمة تتوهج في سماء الأدب العربي، وفجر جديد لكل من يبحث عن الحقيقة والجمال والوجود في قلب الكلمة والنغمة معًا، صرخة إبداع لا تنطفئ، ونور يشق الظلام ويعيد تشكيل الوعي والروح.
