عروبة الإخباري –
فقدت جماهير أمتنا العربية والإسلامية برحيل الدكتور يوسف عبد الله مكي مناضلًا عربيًا أصيلًا، وأحد روّاد الفكر القومي العربي، الذين كرسوا حياتهم للدفاع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها وحدتها، وأمنها القومي، وقضيتها المركزية فلسطين.
كان الدكتور يوسف مكي من الشخصيات الفكرية القومية البارزة، التي أغنت المفهوم القومي العربي عبر مشاركته الفاعلة في المؤتمر القومي العربي لسنوات طويلة منذ تأسيسه، حيث شكّلت قضايا الأمة العربية هاجسًا دائمًا في فكره ومسيرته، ولا سيما حالة التراجع العربي، والانقسامات، وغياب التوافق القومي في مواجهة التحديات المصيرية.
ومن خلال عضويته في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، جسّد الراحل مفاهيم العروبة الواعية، وضرورة الوحدة العربية في مواجهة المشروع الصهيوني العنصري، الذي اعتبره تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي. وكان يؤمن بأن الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني لفلسطين ليس سوى الخطوة الأولى في المشروع الصهيوني الاستعماري، الذي يستهدف الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، ضمن مخطط إمبريالي أمريكي–صهيوني يسعى للهيمنة على مقدراتها وتفتيت بنيتها.
وانطلاقًا من هذا الفهم، اعتبر الدكتور يوسف مكي أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، وأن أي تفريط بها هو تفريط بالهوية والمصير العربي المشترك. كما كان من أشد المؤمنين بضرورة استنهاض الأمة العربية لمواجهة التحديات الإسرائيلية المتصاعدة، محذرًا من خطورة الانقسام الفلسطيني على مستقبل القضية الوطنية، وداعيًا إلى وحدة الموقف الوطني، وتوحيد قوى المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني، الذي يرزح تحت الاحتلال الصهيوني.
لقد شكّل غياب المناضل العربي الأصيل الدكتور يوسف عبد الله مكي صدمة كبيرة لكل من عرفه عن قرب، أو تتلمذ على فكره، أو شاركه درب النضال القومي. وبرغم الغياب الجسدي، ستبقى روحه وفكره النيّر حاضرَين ضمن ثوابت ومفاهيم المؤتمر القومي العربي، الذي انعقد في غيابه بسبب مرضه، ليؤكد أن العطاء الفكري الصادق لا تغيب آثاره برحيل أصحابه.
نسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. ونتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أسرته الكريمة، وعائلته، وأهله، وإلى رفاقه وزملائه من أعضاء المؤتمر القومي العربي.
يغيب الجسد…
وتبقى الفكرة، ويبقى الموقف، ويبقى الوفاء للعروبة وفلسطين.
عمران الخطيب
عضو المؤتمر القومي العربي
