إنّ محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتقويض الكيانية الفلسطينية تصطدم بجدار الشرعية الدولية، فهذه الكيانية ليست قراراً سياسياً داخلياً يمكن إلغاؤه، بل هي حقيقة وبنية سياسية وقانونية رسّختها اعترافات أكثر من ثلثيّ دول العالم بفلسطين كدولة، ورسّختها عضوية فلسطين بمنظمات دولية كالأمم المتحدة واليونسكو ومحكمة الجنايات الدولية. هذه الاعترافات والعلاقات الدبلوماسية القائمة مع عشرات الدول تجعل من الكيانية الفلسطينية شخصية قائمة بذاتها في النظام الدولي، لا يمكن محوها بقرار أحادي الجانب.
كما أنّ حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني يُعدّ من الحقوق غير القابلة للتصرف وفق القانون الدولي، وهو ما يجعل أيّ محاولة لإلغاء الكيانية الفلسطينية تعارض ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية. وحتى في حال التضييق على السلطة الوطنية الفلسطينية أو محاولة تفكيكها، فإنّ منظمة التحرير، بما تمثله من إطار جامع للشعب الفلسطيني، قادرة على إعادة تشكيل بذرة الدولة الفلسطينية تحت أيّ مسمى، وفي أي مكان، لتستمر في أداء دورها السياسي والدبلوماسي والتمثيلي.
الكيانية الفلسطينية أيضاً ليست مجرد مؤسسات رسمية، بل هي فعل يومي يمارسه الفلسطينيون عبر التعليم، الأدب، الفن، الزراعة، والموروث الثقافي الذي يثبت وجودهم ويجدّد حضورهم. إنها كينونة ممتدة في العالم، تتجلى في الشتات كما في الداخل، وتستمد قوتها من التاريخ والذاكرة الجمعية ومن نضال مستمر لم ينقطع.
ورغم وجود بعض التحدّيات الداخلية، فإنّ الشرعية الدولية والاعترافات القائمة، تجعل الكيانية الفلسطينية حقيق راسخة، ما يستدعي العمل الدائم على تعزيز الوحدة الوطنية.
إنّ إسرائيل تستطيع فرض وقائع على الأرض عبر الاحتلال والاستيطان، لكنها لا تستطيع محو الشرعية الدولية، ولا تستطيع قانونياً إلغاء الاعترافات الدولية التي رسّخت الكيانية الفلسطينية كجزء من النظام العالمي، ولا العلاقات التي نسجها الفلسطينيون مع العالم، ولا تستطيع إلغاء عضوية فلسطين بالمنظمات الدولية. ومع كل اعتراف جديد، كما حدث مؤخراً من قبل دول أوروبية، تتعزّز هذه الكيانية وتزداد رسوخاً، لتؤكّد أنّ محاولات الإلغاء ليست سوى وهم سياسي يتناقض مع الواقع الدولي والإنساني.
