فاديا النوايسة –
في هذا اليوم، الذي يتجدد فيه عهد الأردنيين مع الشهادة، ومع أبطال ارتقوا إلى علياء المجد، نقف جميعًا لنقرأ بفخر صفحات البطولة التي كتبها أبناؤنا بدمائهم الزكية، صفحات تتوهج في سجل الوطن بأحرف من نور ودم.
ففي 18 سبتمبر، نستلهم من العقيد سائد المعايطة ومن رفاقه أسمى معاني التضحية والفداء، فنقف أمام تضحياتهم مهيبين، ممتنين، ومؤكدين أن الوطن أغلى من كل شيء.
ولا يمكن نسيان كيف هب أهل الكرك، بقلعتها الشامخة وتراثها العريق، لدحر الإرهاب الأسود، ودافعوا – نعم، دافعوا – ليس عن الكرك وحدها، بل عن كل تراب الأردن الطهور. لقد أثبت أبناء الكرك، مع أبطال القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، أن حب الوطن ليس شعارًا يُقال، بل دم ينبض في العروق، وعزيمة لا تنكسر في الميادين، وفداء لا يقدر بثمن.
هؤلاء الأبطال لم يعرفوا للخوف طريقًا، ولم تزل الشجاعة في عروقهم تنبض بالحياة. هم الذين صدّقوا وعد الله، ورفعوا راية العز في وجه كل معتدٍ، كل إرهابي حاول تدنيس أرض الأردن الطاهرة، أو العبث بأمنه وأمان مواطنيه. لقد جعلوا دماءهم وقودًا لقناديل الشهادة، ليضيء الوطن بشرفهم، وليظل الأجيال القادمة تعرف أن الحرية لا تُهدى، وأن الوطن لا يُباع ولا يُهدَّر.
سلام على أرواحكم أيها الأبطال، أنتم الذين تحرسون الثغور حتى بعد أن ارتقيتم إلى بارئكم، وسلام على صوركم التي تترسخ في وجدان كل أردني، وسلام على الشجاعة التي زرعتموها في قلوب أبنائكم، في بُنياتكم، وفي كل من حمل اسم الوطن في فخر واعتزاز، فأنتم الذين علّمتم الأجيال أن البطولة ليست شعارات، بل أفعال تُسطر على أرض الواقع، وتُكتب بدماء الشهداء، وتُخلّد في صفحات التاريخ.
لقد أثبتم أن العزة والكرامة والوطنية ليست مجرد كلمات تتداولها الشفاه، بل سلوك ونهج ونهج حياة، وأنّ دماء الشهداء هي أعظم شهادة على الوفاء، وأن صون الوطن واجب مقدس لا يتجزأ.
ومن خلالكم، يعرف الأردنيون معنى الكبرياء، والشجاعة، والفداء، وأن ذكرى كل شهيد هي شعلة تضيء طريق الأحياء، وتبقى عبر العصور درسًا خالدًا في التضحية والانفة والعزة.
وفي هذا اليوم، نرفع أكف الضراعة والدعاء، ونقول لكم: سلام على أرواحكم، سلام على دمائكم الطاهرة، وسلام على إرثكم العظيم الذي يعلّم كل الأردنيين أن الوطن أغلى من الحياة، وأن البطولة ليست مهنة، بل رسالة، وأن الشهادة ليست نهاية، بل بداية خالدية للحياة في وجدان الأمة.
أيها الأبطال، أنتم الأسطورة الحية، وأنتم الفخر الذي لا يموت، وسائرون في القلوب كما كنتم في ميادين الشرف، لتظل دماؤكم قناديل نهار وليال الوطن، ولتظل ذكراكم أيقونة لكل من أراد أن يعرف معنى الأردنية الحقة.
