ترحب الجبهة العربية الفلسطينية باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطالب دولة الاحتلال الإسرائيلي بإنهاء قيودها على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واحترام مقار الأمم المتحدة، والامتثال لالتزاماتها القانونية كقوة احتلال، وترى في هذا القرار تعبيراً واضحاً عن اتساع العزلة السياسية والأخلاقية للاحتلال على الساحة الدولية، وانكشاف روايته الزائفة أمام حجم الجرائم المرتكبة بحق شعبنا الفلسطيني.
وفي الوقت الذي نثمن فيه هذا الموقف الأممي الواسع، ونثمّن تصويت الغالبية الساحقة من دول العالم لصالح الحق الإنساني لشعبنا في غزة، فإننا نؤكد بوضوح أن هذا القرار، كغيره من القرارات الدولية، يفتقر إلى أدوات التنفيذ والإلزام، ما يجعله عرضة لأن يبقى حبراً على ورق في ظل منظومة دولية عاجزة أو متواطئة عن محاسبة الاحتلال ووقف آلة القتل والإبادة الجماعية التي يمارسها بلا هوادة.
إن ما يجري في قطاع غزة ليس أزمة إنسانية عابرة، بل جريمة مركبة وممنهجة، تتجسد في القتل الجماعي، والتجويع المتعمد، والتدمير الشامل للبنية التحتية، واستهداف المستشفيات ومراكز الإيواء، ومنع الدواء والغذاء والماء، في انتهاك صارخ لكل قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع. إن سياسة تقييد المساعدات ليست إجراءً أمنياً كما يدعي الاحتلال، بل سلاحاً إضافيًا من أسلحة الحرب والإبادة.
وتؤكد الجبهة العربية الفلسطينية أن توسع جرائم الاحتلال ليشمل الضفة الغربية والقدس، من اقتحامات يومية، وعمليات قتل ميداني، وتهجير قسري، واستيطان متسارع، يثبت أن المشروع الصهيوني برمته قائم على الإقصاء والاقتلاع، وأن ما يجري في غزة هو ذروة نهج استعماري قديم يتغذى على الإفلات من العقاب والدعم السياسي والعسكري الذي توفره قوى دولية معروفة.
إننا إذ نرحب بهذا القرار، ندعو المجتمع الدولي إلى الانتقال من مربع الإدانة اللفظية إلى مربع الفعل، عبر فرض عقوبات حقيقية على دولة الاحتلال، ووقف تزويدها بالسلاح، وتفعيل آليات المساءلة الدولية، وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية دون انتقائية أو ازدواجية معايير، بما ينسجم مع مبادئ العدالة وحقوق الإنسان التي يدعي العالم الدفاع عنها.
ختاماً، تؤكد الجبهة العربية الفلسطينية أن صمود شعبنا، رغم فداحة الجرائم وحجم التضحيات، سيبقى أقوى من كل أدوات القتل والحصار، وأن الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي مقدمتها حق تقرير المصير والحرية والاستقلال، لن تسقط بالتقادم، مهما طال زمن الاحتلال وتعددت أشكال الإجرام.
