عروبة الإخباري –
في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات وتندر فيه البصائر، يبرز المفكر والكاتب والمحلل السياسي عمران الخطيب كأحد القامات الفلسطينية التي تجسّد الوعي، وتُعبّر بصدق ومسؤولية عن نبض الوطن، وعن تطلعات شعبٍ يناضل من أجل حريته وكرامته.
فهو لا يكتب من موقع المراقب البعيد، بل من موقع الملتزم بالقضية والمستوعب لتعقيداتها، مسلحًا بخبرة سياسية تمتد لعقود من العمل الوطني، وعضوية فاعلة في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والمكتب السياسي للجبهة العربية الفلسطينية.
رؤية نافذة وتحليل متوازن
في تحليله الأخير لمجريات المشهد السياسي عقب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لموقع “إرم نيوز” قدّم الخطيب نموذجًا لخطابٍ سياسيٍ راقٍ يجمع بين الواقعية والالتزام الوطني. فقد قرأ الموقف الأمريكي بعيونٍ فلسطينيةٍ صافية، لا تنخدع بالشعارات ولا تنجرّ خلف الانفعالات، مؤكداً أن الولايات المتحدة لا تزال تمارس سياسة ازدواجية المعايير، وأن تجاوبها مع المواقف العربية والإسلامية جاء اضطراراً لا اقتناعاً.
غير أن الخطيب، وهو العارف بدقائق المشهد الدولي، لم يكتفِ بالنقد، بل قدّم رؤية تحليلية دقيقة تربط بين التحركات الأمريكية والإسرائيلية في إطارٍ أوسع من إدارة الصراع لا حله، مشيراً إلى أن ما يجري هو إعادة صياغة لواقع غزة بما يخدم المصالح الإسرائيلية والأمريكية المشتركة، تحت غطاءٍ إنساني أو أمنيٍ زائف.
حين يكتب الخطيب… يكتب بقلبه لا بقلمه
عندما تطالع ما يكتبه عمران الخطيب، أو تستمع إلى مداخلاته الكثيرة التي تنبض بالوعي والصدق، يسري فيك شعور عميق بأن هذا الرجل لا يكتب بحبر القلم، بل بنبض القلب.
كلماته ليست تحليلاتٍ باردة، بل ومضات وجدان فلسطينيٍّ نقيٍّ، تنبع من إيمانٍ راسخ بعدالة القضية وحرارة الانتماء للوطن.
فكل حرفٍ يخطّه يبدو كأنه نبضة من فلسطين نفسها، تحمل وجعها وآمالها، وترسم ملامح حلمها الذي لا يشيخ.
إنه لا يكتب عن فلسطين، بل يكتب من داخلها، منها وإليها — فتصبح كتاباته أشبه بمرآة لروح الوطن، وصوتٍ يفيض بالصدق والعقل معاً.
صوت العقل والاتزان الوطني
ما يميز الخطيب أنه لا ينجرف خلف الانقسام، ولا يكتب بلغة الشعارات، بل يؤسس لموقف وطني عقلاني يستند إلى فهمٍ عميقٍ لتوازنات القوى ومجريات السياسة الإقليمية والدولية. فهو من القلة الذين يجمعون بين التحليل السياسي الرصين والرؤية الاستراتيجية الواضحة، بعيداً عن الاصطفافات الفصائلية الضيقة.
وفي كل ما يطرحه، تبقى البوصلة هي فلسطين: الدولة المستقلة، والسيادة الوطنية الكاملة، وحق الشعب في تقرير مصيره. هذه الثوابت التي تشكّل محور فكر الخطيب ومضمون مواقفه، تجعله أحد الأصوات النزيهة التي ترفض أن تتحول القضية إلى ورقة مساومة أو مشروع نفوذ دولي.
مفكر وطني من طراز خاص
يُدرك المتابع لكتابات وتحليلات عمران الخطيب أنه لا يسعى إلى الأضواء بقدر ما يسعى إلى الحقيقة، وأن حضوره في الإعلام والندوات ليس ترفاً فكرياً بل موقفاً وطنياً مسؤولاً. فهو أحد الذين يحافظون على جوهر الخطاب الفلسطيني الأصيل، ويذكّرون الجميع بأن الحل العادل لا يكون إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
إن صوت عمران الخطيب في هذا الزمن المضطرب هو صوت الوعي الوطني الراسخ، وصدى العقل الفلسطيني الحر الذي يرفض الخضوع لمنطق القوة أو المساومة على الثوابت.
فمن خلال تحليلاته ومواقفه، يؤكد أن فلسطين لا تزال تملك رجال فكرٍ يحملون الراية، ويقفون بثبات أمام عواصف السياسة ومغريات المصالح.
إنه بحق قلمٌ من ضوء، وصوتٌ من ضمير الوطن.
