في الاردن كان التعليم دوما من أولويات القيادة الهاشمية حيث أكد جلالة الملك عبد الله في كافة خطب العرش على ضرورة النهوض بالتعليم وتطويره لمواكبة التطورات العالمية والتحديات المعاصرة. وها هو اليوم في خطاب العرش يؤكد أن لا مجال للتراخي وأن “علينا أن ننهض بنظامنا التعليمي ليكون أكثر مواكبة لمتطلبات العصر.”
فالتعليم يعد الركيزة الاساسية لأي مجتمع يسعى للتقدم والازدهار، وأحد أهم عوامل بناء الانسان وصقل مهاراته، مما ينعكس ايجابا على الاقتصاد الاردني والمجتمع ككل. وقد أكد ذلك جلالته بقوله عام 2019 “إن الانسان هو الثروة الحقيقية، والتعليم هو الاستثمار الأمثل في مستقبل وطننا، ولن نكلف أنفسنا عناء بناء مستقبلنا دون أن نبدأ من الانسان، ومن تعليمه وتطوير مهاراته.”
وقد أشار جلالته أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في المستقبل، وأن تطوير التعليم يجب أن يكون متواكبا مع متطلبات العصر الرقمي والتكنولوجي. ففي خطاب العرش عام 2020 اشار جلالته الى ضرورة ادخال التكنولوجيا الرقمية كجزء لا يتجزأ من حياة الانسان في القرن الحادي والعشرين قائلا “علينا أن نواكب الثورة الرقمية، وأن نجهز أجيالنا بالمهارات التي تؤهلهم لعالم متغير سريع الخطى، فالتعليم اليوم ليس كما كان بالامس، بل هو بوابة المستقبل.”
كما أكد على أهمية تطوير المناهج الدراسية لتشمل مهارات التفكير النقدي، والابتكار، والبرمجة، والذكاء الاصطناعي، مما يهيئ الطلاب لسوق العمل العالمي المتغير بسرعة. كما شدد جلالته على أهمية التعليم النوعي الذي يركز على جودة المخرجات، وليس فقط على الكم، حيث قال في خطابه عام 2018 “لا يكفي أن نعلم أبناءنا القراءة والكتابة فقط، بل يجب أن نعلمهم كيف يفكرون وكيف يبدعون،وكيف يبتكرون، فالعالم اليوم يحتاج الى عقول قادرة على الابتكار والتجديد.”
كما أشار جلالته في خطاب آخر الى ضرورة تطوير التعليم المهني والتقني ليواكب احتياجات السوق المحلي والعالمي، ويمنح الشباب فرصا حقيقية للعمل. وأكد على دعم البحث العلمي والابتكار قائلا ان تطوير التعليم لا يقتصر على التعليم المدرسي والجامعي فقط، بل يشمل دعم البحث العلمي والابتكار. حيث أكد جلالته في خطاب العرش عام 2021 أن “البحث العلمي هو مفتاح التقدم، والابتكار هو طريقنا نحو اقتصاد معرفي قوي، ولن نصل الى مستقبل مزدهر دون أن نضع البحث والابتكار في صلب اولوياتنا”، فالاردن بحاجة الى بيئة تعليمية تحفز على البحث والتطوير وتدعم المشاريع العلمية التي تساهم في حل المشكلات الوطنية.
ومن المبادئ التي كررها جلالته في خطبه ضرورة توفير التعليم لجميع فئات المجتمع دون تمييز، مع التركيز على الفئات المهمشة، حيث أكد جلالته في خطاب العرش عام 2017 “لن نترك أحدا خلف الركب، فالتعليم حق لكل طفل في وطننا، وهو أساس العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، وعلينا أن نضمن فرص التعليم للجميع بلا استثناء”، فالتعليم الشامل هو أساس العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ولم يغفل جلالته عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص حيث أشار الى أهمية تعزيز الشراكة بينهما في تطوير التعليم بما يسهم في تحديث البنية التحتية التعليمية، وتوفير فرص التدريب، ودعم الابتكار. فقد أكد في خطابه عام 2022 أن”الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي سبيلنا لتطوير التعليم وتحقيق نقلة نوعية في مخرجاته، فالتعاون هو مفتاح النجاح في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا.”
إن خطب العرش لجلالته تعكس دوما رؤية واضحة وشاملة لتطوير التعليم في الأردن حيث يربط جلالته بين التعليم والتنمية، ويؤكد على ضرورة مواكبة التطورات التكنولوجية وتحسين جودة التعليم ودعم البحث العلمي وتحقيق العدالة التعليمية. إن هذه الرؤية الطموحة تشكل خارطة طريق للأردن نحو مستقبل مزدهر يعتمد على الانسان المبدع كقوة دافعة للتقدم، ولن نتمكن من ذلك دون تطوير النظام التعليمي ليواكب متطلبات العصر. فبناء الانسان الأردني وترسيخ قيم المواطنة والانتماء هو بناء للوطن وتعزيز مكانته ومكتسباته. وبالتالي لا بد للمعنيين في قطاع التعليم من استلهام توجيهات جلالته للنهوض بتطوير التعليم من خلال العمل الجدي على ادخال متطلبات العصر كركائز أساسية لتطوير النظام التعليمي باعتباره الركيزة الأساسية في بناء الوطن ورفعته.
