عروبة الإخباري –
في عصورٍ يتكاثر فيها الضجيج ويقلّ فيها الصدق، ينهض الدكتور محمد القويز بوصفه إحدى الظواهر الفكرية والإنسانية التي يصعب الإحاطة بها في سطرٍ أو مقال، هو رجلٌ جمع بين عبقرية الطبيب، وأناقة الشاعر، ورصانة المفكر، ونبل الإنسان، ليشكّل حضورًا فريدًا في المشهد الثقافي والعلمي السعودي والعربي.
العلمُ حين يلتقي بالفكر
من بين أروقة الطب وأبحاث الجامعات العالمية، خرج القويز ليبرهن أن الطب ليس مهنةً فحسب، بل فلسفة حياة. فقد تتلمذ في أعرق المؤسسات العلمية العالمية، من ستانفورد إلى هارفارد، حيث نهل من معين العلم ما جعله يتفوق في أبحاثه الطبية ويضع بصمته في مسارات البحث الأكاديمي المتقدّم.
غير أن ما يميّزه ليس فقط نبوغه العلمي، بل قدرته الفريدة على تحويل العلم إلى إنسانية، والمعرفة إلى رسالة.
هو الطبيب الذي لا يكتفي بعلاج الجسد، بل يرمم الروح بالكلمة، ويضمّد القلوب بالحكمة، ويرى في كل مريضٍ إنسانًا يستحقّ الإصغاء قبل الوصفة، والاحترام قبل العلاج.
الشاعر الذي يكتب بالحياة لا بالحبر
يقول القويز عن نفسه: “لستُ الأفضل، لكني مختلف جداً.”
جملة تختزل تواضع العظماء، وتكشف عن سرّ فرادته. فاختلافه ليس ادّعاءً للتميّز، بل انحيازٌ للصدق في زمنٍ يهرب من الأصالة.
قصيدته ليست ألفاظًا مصفوفة، بل حالة من الوعي، يكتب فيها عن الإنسان، وعن الوطن، وعن الجمال الذي يختبئ في التفاصيل الصغيرة.
في شعره عمق الفلاسفة، ورقّة الصوفيّين، وجرأة المفكرين.
وفي حرفه نبرة الطبيب الذي يرى في الجمال علاجًا للنفس، وفي الحرف دواءً للوجع.
فكرٌ موسوعي ووعيٌ متعدد الأبعاد
في عالمٍ تتسارع فيه التخصصات، اختار القويز أن يكون إنسانًا شاملاً لا يُقيّده مجال واحد. فمن السياسة إلى الاقتصاد، ومن الثقافة إلى الصحة، ومن الفن إلى الرياضة، يكتب القويز برؤيةٍ تتجاوز السطح، وتغوص في جوهر الأشياء.
صفحاته على المنصّات الرقمية ليست مجرد وجودٍ عابر، بل منبر وعيٍ راقٍ تتجاور فيه الحكمة والذوق، والمعرفة والإلهام.
يحدّث عن العقار وكأنه خبير تخطيط، وعن الاقتصاد وكأنه صانع قرار، وعن الفن وكأنه عاشق لوحةٍ تحكي الوجود.
وفي كل ما يكتب، يظلّ الإنسان محور رؤيته، والصدق عنوان رسالته.
روحٌ مؤمنة وضميرٌ يضيء
في عمق هذه الشخصية الثرية، يطلّ الإيمان كنبعٍ صافٍ، يروّي تفاصيله، ويمنحه اتزانًا روحيًا نادرًا.
يتحدث عن الله لا بمنطق الواعظ، بل بلغة العارف المحبّ، ينسج روحانياته بصدقٍ يجعلها قريبة من القلب، نابضة بالحياة، ومفعمة بالسكينة.
يستحضر الإيمان كقيمة إنسانية تُهذّب الفكر وتسمو بالوجدان، ليقدّم نموذجًا للمثقف المسلم الذي يجمع بين عمق الإيمان وسعة الأفق.
ذائقة الجمال ورفعة الذهن
للقويز علاقةٌ فريدة بالفنّ، فهو يرى في اللوحة حديثًا صامتًا، وفي النغم فصلاً من فصول الحياة، ويقتني الجمال كما يقتني الفكر، لأن كليهما — في نظره — تغذيةٌ للروح وارتقاءٌ بالوعي.
هو عاشق التفاصيل الأنيقة، وصاحب ذوقٍ راقٍ ينعكس في اختياراته، في كلماته، وفي حضوره الذي يجمع بين الوقار والذائقة العالية.
نموذج استثنائي للإنسان السعودي المعاصر
يمثل الدكتور محمد القويز الجيل الجديد من النخبة السعودية التي جمعت بين الأصالة والتجديد، وهو ابن هذه الأرض، وابن عصرها، يجمع في شخصه بين عراقة القيم السعودية وروح العالم الرحبة.
يحمل في فكره همّ الوطن، وفي سلوكه رقيّ المواطن، وفي رؤيته شجاعة الإصلاح والتجديد.
لا يتحدث ليُثير الجدل، بل ليُضيء الطريق.
ولا يكتب ليُقال عنه مثقف، بل لأنه يؤمن أن الكلمة رسالة ومسؤولية.
خاتمة القول
حين تلتقي عند شخصٍ واحدٍ أضداد الكمال: علمٌ راسخ، فكرٌ منفتح، حسٌّ شعريّ، وضميرٌ إنسانيّ، فاعلم أنك أمام شخصية استثنائية.
الدكتور محمد القويز ليس مجرد اسمٍ في قائمة المبدعين، بل ظاهرة فكرية وروحية وثقافية متكاملة.
هو الطبيب الذي يُشخّص أمراض الجسد، والشاعر الذي يُعالج وجع الروح، والمثقف الذي يُنير الدرب بفكرٍ يليق بمستقبل وطنٍ طموح.
سيظل المختلف… لأنه ببساطة لا يشبه أحدًا.
