عروبة الإخباري كتب سلطان الحطاب –
بعد فحص مستمر وجاد ومعاينة مسؤولة يقدم الملك وصفة بالطريقة المناسبة التي أقرها العالم ما عدا اسرائيل والولايات المتحدة، ويحذر فيها من استفحال المرض وضرورة مواجهته بالعلاج قبل قوات الأوان.
الوصفة (الروشيته ) المعلنة جاءت في مقابلة الملك مع برنامج “بانوراما ” في ال BBC، من جملة واحدة( إما الدولة الفلسطينية أو الهلاك).
هذه المعادلة أدركها الملك وتحدث عنها امام الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي كل خطاباته الهامة ولقاءاته مع زعماء العالم وحذر من المماطلة في صرفها كدواء لأزمات الشرق الأوسط واحتقانه ومسلسل حروبة التي آخرها حرب الابادة على غزة، وقد لا تكون آخر الحروب طالما ظل الباب الاسرائيلي مفتوحاً باتجاه الحرب والتوتر وعدم حسم أسباب الصراع وتقديم حل الدولتين.
لم أكن متفائلاً حين سمعت خطاب الرئيس ترامب في الكنيست الاسرائيلي الذي تفوق على خطاب نتنياهو دعما وتأييدا لإسرائيل دون أن يرد على أسلوب التحريض والتوسعية الاسرائيلية التي تحدث عنها نتنياهو وهو يسرد برنامجه العدواني أمامه ويضع رغباته ليجعلها رغبات للرئيس نفسه ليشهد عليها حين قال، إن الفضل لك ايها الرئيس في تاييد ضم الجولان وفي اعتبار القدس عاصمة أبدية لاسرائيل وفي المساهمة في ضرب ايران واقرار الخطط المتعلقة بجعل اسرائيل الأقوى والأكثر تقدماً في المنطقة كلها.
الرئيس ترامب في الكنيست مجد اسرائيل بطريقته، وهذا شأنه وأثنى على نتنياهو وتدخل في القوانين الاسرائيلية بان طلب من رئيس الدولة اسحق هرتسوغ ان يعفي عن نتنياهو في محاكمته على جرائم ومخالفات ورشاوى وقد وقف البرلمان يصفق لذلك.
الأمر المحير أن الرئيس الأمريكي الذي له الفضل في وقف اطلاق النار في غزة، ووقف الحرب عليها، وفي إعادة المخطوفين الاسرائيليين، الأحياء والأموات، قال بأنه ينقذ اسرائيل من نفسها ومن رئيس وزارئها ومن حكومتها بعد أن استشرى العدوان الاسرائيلي وتجاووز كل الخطوط، وبعد ان فقدت اسرائيل سمعتها واصبحت منبوذة ومكروة ودولة مارقة.
إذن دافع ترامب هو الحرص على اسرائيل، وهذا شأنه وهو ما يحاسبه عليه الكونغرس والجهات السيادية الأمريكية إن رأت
ولكن اللافت للانتباه أن الرئيس الأمريكي ظل يكرم من جيب غيره لصالح اسرائيل، وهو يهديها الجولان والقدس وتشجيعها بصورة غير مباشرة على العدوان، حين يعتبر عدوانها دفاعاً عن النفس، ولا يذكر الاّ خسائرها في السابع من ابريل
مقابلة الملك تذهب إلى أن الرئيس ترامب لم يحسم الصراع بشكل فاعل، حين لم يذكر حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، كحل لهذا الصراع الذي أراد الرئيس ترامب حلّه، كما قال وانه يتخطى في مهمته غزة الى الشرق الأوسط ويعقد مؤتمر للسلام من أجل ذلك في شرم الشيخ.
حتى عدم حضور نتنياهو قمة شرم الشيخ، لم تجد لها مبرراً ولم ينتقدها الرئيس ترامب وهو يعلم أن نتنياهو قد غاب عن القمة حتى لا يلزم نفسه بالتوقيع والالتزامات التي التزمت بها الأطراف الموقعة من عرب ومسلمين من القادة.
نتفهم قلق الملك وتحذيره وهو قلق كل الأردنيين والعرب وكل المخلصين لعملية سلام حقيقية لم تقم لأن اسرائيل ظلت تدمر كل المحاولات وتجهضها وتنال منها في كامب ديفيد ووادي عربة واوسلو وفي غزة وحتى اليوم وربما غدا.
كان على الرئيس ترامب الذي أنجز خطوة أولى ممتازة وهي وقف الحرب، على غزة وإعادة المخطوفين أن يضع أسساً فاعلة ومستمرة وضمانات تسائل عنها الملك للدخول الى المراحل اللاحقة التي تفضي الى وقف العدوان في الضفة الغربية، والقدس وكل أشكال الاستيطان والتوسع والتهجير والخطر، وأن يكف اليد الاسرائيلية عن ذلك، وقد غادر ترامب دون ذلك، وهذا ما حذر منه الملك وأبدى الخشية من مضاعفاته.
المقابلة الملكية واضحة وصادقة وهي رسالة للجميع للعالم، ولاسرائيل وللأردنيين والفلسطينيين، وقد استجاب لمضمونها .الصحفي المفكر التقدمي جدعون ليفي، الذي كتب عن هذا الموضوع بوضوح وموضوعية في جريدة هآرتس الاسرائيلية، والذي قال “لا عزاء لسكان غزة، الذين دفعوا ثمنا لايوصف وربما ينسى العالم امرهم مجددا رغم انهم الآن في صدارة العالم
