سلطان الحطاب
سيكتب أطفال غزة في مدارسهم لاحقاً وفي كراسيسهم الجديدة بعد أن تعود لهم الحياة والوعي، أسماء كل المفكرين والمؤلفين والكتاب، وسيضعون كل ذلك في مناهجهم بدل أن يظلوا يقرأون تاريخاً إستنجدوا به ولم يسعفهم وظل كالشيك بدون رصيد.
سيكتبون اسم الرئيس الكولومبي، غوستا فوبيترو، الذي دعى الى تحريرهم وأدان الاحتلال وطالب العالم بتكوين جيش لانقاذ الفلسطينيين، لقد تحركت انسانيته وهاجم الممارسات الصهيونية من داخل الأمم المتحدة ومن الشارع الأمريكي، قبل أن تنهي الأدارة الأمريكية تأشيرته ويرحل الى بلاده، وسيكتبون اسم وزير الخارجية الهولندي، كاسبار فيلد كاميل ورئيس الوزراء الهولندي، ديك شوف، ووزرائه، وكذلك اسم الرئيس البرازيلي الذي بكى من أجل أطفال غزة ووصف اسرائيل بأنها تمارس التطهير العرقي وحرب الابادة، أنه لويس انياسودا سيلفا، الذي اعترفت بلاده بدولة فلسطين وطالبت بمقاطعة اسرائيل، كما فعل الرئيس الكولومبي الذي أوقف التصدير لدولة الاحتلال وخاصة الفحم.
والأمر لأسباب إنسانية لا يقتصر على السياسيين، وإنما يشمل المفكرين والكتاب والمؤرخين، ولعل أبرزهم المؤرخين الاسرائيليين وبعضهم سمّي بالمؤرخين الجدد، ومهم إيلان بابيه وهو يهودي ويدرس في جامعة اكسترا في بريطانيا، والمؤرخ بني مورلسي، وكذلك المؤرخ المعروف آفي شلايم، مؤلف كتاب «الملك الحسين»، وأيضاً توم سيغف.
وسيكتب أطفال فلسطين على كراساتهم اسم مؤلف كتاب «إختراع الشعب اليهودي»، سيبقو ساند، لأنه اختصر عليهم روايتهم في أن اليهودية دين وليست قومية، وان الشعب اليهودي جرى اختراعه ولا علاقة له ببني اسرائيل في التاريخ وإنما هؤلاء الذين كونوا اسرائيل وجاؤها مهاجرين من الغرب من أصول (خزرية)، كما يقول المؤرخ البريطاني، آرثر مويستلر، يهود الغزو، وقد تهودت قبائل الغجر التركية عند وصول الاسلام الى هناك وعند دخوله الى اذربيجان وما وراء القزوين.
وقد تجرأ مفكرون ضاقت بهم الاتهامات الصهيونية على لسان نتنياهو بهم أن يقولوا أنه ليس سامياً وأن السامية غطاء للاتهام، وانه ومعظم جماعته من البولنديين واشتات اخرى وان السامية شيء آخر، وانها تستعمل كفزاعة للاتهام، وأن الاشكناز ليسوا ساميين.
الرواية الصهيونية إستفحلت في العالم قبل أن تكشف في غزة، بسبب الكسل المعرفي الذي تحدث عنه المفكر المصري عبدالوهاب المسيري في موسوعته الشهيرة، (اليهود واليهودية) و(كتاب الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ).
ومن الذين سيتوقف عندهم أطفال غزة ليجدونهم في مناهجهم القادمة، البرت اينشتاين نفسه، الذي أنكر قيام دولة يهودية على حساب الفلسطييين.
كما سيظل اسم المفكر والفيلسوف، نعوم تشومسكي، خالداً في مناهج الغزيين كونه أبرز منتقدي الصهيونية ومعه ايضاً جورج اليوت، الذي درس الجذور الامبريالية والفكر الاستيطاني.
ظلت الصهيونية عنصرية كما في لوائح الأمم المتحدة حتى عام 1975، حين أقدمت مجموعة من الدول بعد حرب اكتوبر التي انتصرت فيها مصر ليقدموا مشروع اسقاط صفة العنصرية عن الصهيونية واسرائيل التي مارست الابادة والتطهير، وقد نجحوا، ولكن غزة أعادت الصاق الصفة بالصهيونية واسرائيل التي مارست الابادة والتطهير العرقي وكانت عنصرية بامتياز، ولذا لا بد للأمم المتحدة من ان تعيد هذه الصفة رسمياً لاسم اسرائيل وبقرار أممي.
وهناك ايضاً الحاخام شاؤول ماغيدا الذي ضاق ذرعاً بالصهيونية واعتبرها خطر على اليهودية والكتاب بينارت في كتابه (أن يكون يهودياً) والكاتب كوتس والهندي ميشرا، وكلهم انقلبوا على الصهيونية وأدانوها وخالط بما قال به مارتن لوثر الأمريكي، محرر السود، إن قوس الكون الاخلاقي طويل ولكنه ينحني نحو العدالة،.
وهذا ما اكده كتاب توماس كوسكي ومارتن بوير الفيلسوف وأحاد هعام الذي شجب المعاملة الصهيونية وادانها وبين ان المعركة ليست بين اليهود وغير اليهود، وإنما بين الحق والباطل والحقيقة والزيف، واتهم ترامب وعشيرته من المليارديرات الفاسدين باشعال الحرب وتغذيتها.
هذه الأسماء ومؤلفاتها بعض ما اتذكره وكتبهم متوفرة ولا استطيع في مقالة ان اذكر الجميع أو حتى البعض، فهناك قوائم تطول من الفكرين الأحرار ومنهم يهود وتحرروا من اسر الصهيونية وغادروها وادانوها وطاردتهم مثل روجيه جارودي المفكر الفرنسي اليهودي وغيرهم.
كما هناك قائمة من الفكرين العرب، يتقدمهم عبد الوهاب المسيري وآخرون سنذكرهم في مناسبة أخرى، تصدوا للرواية والسردية الصهيونية، وفرقوا بين اليهودية والصهيونية، واعتبروا اليهود ضحية وحطبا في محرقة الصهيونية وجهروا باصواتهم عالية ومنهم كتاب في صحف اسرائيلية مثل صحيفة هآرتس، وغيرها، وكلك الصحفي، جدعون ليفي، الذي قال انه ضد صفقة القرن وضد ضم القدس.
بقي أن نقول ان خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة، صدم العالم الذي رأى فيه هتلر يقف على منصة الأمم المتحدة يهدد باستمرار الحرب، ويهدد دول العالم ويعدها بالانتقام وتصل به الوقاحة حتى تحدي الولايات المتحدة، إن هي اتخذت قرارا بوقف الحرب، مهدداً انه سيقول انها قد اخذت أرض الهنود الحمر واحتلتهم وابادتهم، وهو نفس الاسلوب الذي إبتزت فيه اسرائيل ألمانياً لأكثر من نصف قرن.
لقد كشفت غزة اسرائيل انكشافاً واضحاً لكل ذل عقل … وسيدرك الأمريكيون وادارتهم عاجلاً أم آجلاً أن انحيازهم لاسرائيل كان خطأ، وقد بدأوا يجاهرون بذلك ويطالبون بوقف دعمهم من ضرائبهم، وهذا أمر أصبح عاديا بعد أن كان غير مألوف ويعاقب قائله.
