أقيمت في ديوان عشيرة آل عماري السبت، ندوة ثقافية بعنوان «غربال الذكريات والزمن الجميل» للكاتب الأردني نبيل صيتان عماري، وأدارتها الصحفية رنا حداد، بحضور جمهور غفير من المهتمين بالشأن الثقافي والأدبي والاعلام في الأردن.
وافتتحت حداد الأمسية بالحديث عن القيمة الثقافية للكاتب نبيل عماري، واصفة إياه بالقامة الأدبية التي تحافظ على التراث والذاكرة الجمعية، وتعيد إلى الأذهان عبق الماضي الجميل وروابط المحبة بين الأهل والجيران في تلك الأيام، حيث كانت الحياة أكثر بساطة، وكانت الجدران المتلاصقة للبيوت تعكس روح التآخي وقوة الروابط الاجتماعية، بعيدًا عن التعقيدات والفوارق الطبقية.

وخلال الندوة، أخذ الكاتب نبيل عماري الحضور في رحلة عبر الزمن، مستعرضًا ذكريات صباه ومراحل حياته، وكيف أن كتابة الذكريات بمثابة فتح ألبوم عتيق من الصور واللحظات التي تتكشف صفحة صفحة، كما لو كانت شرائط سينمائية تمثل وجوه الناس وأحداث الحياة التي شكلت المجتمع والزمن الجميل. وتحدث عن الأهل والأصدقاء والأقارب الذين رحلوا، وعن الحب والرومانسية في زمن البساطة، وعن تأثير الموسيقى والبرامج الإذاعية والتلفزيونية الأردنية في تلك الحقبة، وعن أغاني عبد الحليم حافظ وسميرة توفيق وتوفيق النمري والثلاثي المرح، وعن ذكريات التلفاز وألعاب الطفولة والكتب المدرسية التي شكلت جزءًا من الثقافة اليومية.
وأشار عماري إلى تفاصيل دقيقة من الحياة اليومية آنذاك، مثل طقوس الحصاد وأغاني الحصادين التي كانت تملأ أركان البيوت بالندى والصباح الجميل، والاحتفالات العائلية البسيطة، والهوايات التي كانت تجمع الأطفال حول جمع الطوابع والعملات وصور المسلسلات، وصناعة الألعاب البسيطة مثل الطائرات الورقية والمقاليع والسيارات من الأسلاك، وأيضًا كيف كانت المدارس تمثل بيئة تعليمية جميلة ونظيفة مع حديقة صغيرة وأنشطة فنية ورياضية كان الأطفال يعتنون بها بشغف.
كما استعرض عماري التفاصيل الصغيرة التي كانت تصنع متعة الحياة، من شراء الحمص والفول أيام الجمعة، والفرحة البسيطة بمصروف المدرسة، إلى الكعك الحلو والحلويات المحلية، والأنشطة الموسمية مثل جمع عيديات الأطفال في كجة فخارية، وكلها ذكريات تتسم بالبراءة والحنين، مؤكدًا أن هذه اللحظات البسيطة كانت تصنع ثقافة وأخلاقيات مجتمع متماسك.
وأكد عماري أن تلك الذكريات والقصص لا تقتصر على الحنين الشخصي، بل هي جزء من الذاكرة الجمعية للأردن، حيث تظهر فيها قيم الحب والصداقة والعطاء والاحتفاء بالبيئة المحيطة، وأن كتابه «غربال الذكريات» جاء ليحفظ هذه اللحظات ويمزج بين الماضي والحاضر في رحلة تفاعلية تأخذ القارئ والحضور على حد سواء إلى أعماق الحنين والدفء.
وفي ختام الندوة، عبّر الحضور عن تقديرهم لهذه الرحلة الزمنية الغنية بالذكريات، مؤكدين على أهمية مثل هذه الفعاليات في توثيق التاريخ الثقافي والاجتماعي للأردن، وإحياء التراث الذي يحمل دروسًا وذكريات ثمينة للأجيال الحالية والمقبلة. وغادر الحضور الأمسية وقد امتلأوا بروح الحنين، وذاكرة غنية بالصور والكلمات التي تعكس عبق الزمن الجميل كما جسدها الكاتب نبيل عماري في كتابه.
