عروبة الإخباري –
من غير المقبول أن يتصدّر جهابذة المنابر ووسائل التواصل الاجتماعي لتبرير قتل الأطفال، أو لتوظيف المأساة في معركة سياسية حول ملفّ السلاح. ما جرى في بنت جبيل لم يكن حادثة عابرة في سياق نزاع داخلي، بل مجزرة إسرائيلية جديدة استهدفت المدنيين العزّل وارتقى ضحيتها خمسة شهداء بينهم ثلاثة أطفال.
اللحظة ليست ساحة لتبادل الاتهامات أو تصفية الحسابات. هناك دماء بريئة سالت، وهناك عائلات ثُكلت، وأطفال انطفأت أحلامهم تحت القصف. إن لم نرد احترام الموقف الرسمي للدولة اللبنانية، فعلى الأقل علينا احترام حرمة الموت وصمت الحداد. ففي كلمات رئيس الجمهورية، جوزاف عون ما يكفي من وضوح حين قال: “ها هي إسرائيل تمعن في انتهاكاتها المستمرة للقرارات الدولية، وعلى رأسها اتفاق وقف الأعمال العدائية، عبر ارتكابها مجزرة جديدة في بنت جبيل… فلا سلام فوق دماء أطفالنا.”
النقاش حول مسألة حصر السلاح بيد الدولة مشروع، وهو قرار سياسي اتخذته الحكومة اللبنانية ويجب أن يستمر في إطاره الوطني والمؤسساتي. لكن ليس في عزّ المأساة، وليس على وقع جنازات تُزفّ فيها أجساد صغار إلى مثواهم الأخير. ثمة لحظات يجب أن تتقدّم فيها الإنسانية على السياسة، والحِداد على السجال.
إنها مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون سياسية. فدماء الأطفال لا تُستعمل لتقوية حجج ولا لإسكات أخرى، دماؤهم صرخة بوجه القاتل وحده، وتذكير بأن المأساة أكبر من أن تُختزل في نقاشات عقيمة أو تبريرات باردة. فلتكن لنا شجاعة الفصل بين ما هو إنساني وما هو سياسي، لأن احترام موت الأبرياء هو أولى خطوات احترام الحياة نفسها.
