أعتقد أنّ هذا اليوم (17 أيلول 2025) الذي ستغيب شمسه على العرض المسرحيّ الأوّل لمسرحيّة (البُعد الخامس) على مسرح محمد الخامس في مدينة الرّباط في المملكة المغربيّة هو يوم مميّز للمسرح العربيّ ولتجارب مسرحيّة وإبداعيّة
متداخلة من أكثر من زاوية؛ فهو أوّلاً يقدّم عمل مسرحيّ مميّز واستثنائيّ قام بتحويل سرديّة روائيّة معقّدة من سردّيات الخيال العلميّ المغلّفة بالتّجربة الإنسانيّة المتعلّقة بالتّشوّف لإحداثيّات المستقبل وشكلّه إلى عمل مسرحيّ، وهذا جهد كبير ومغامرة فنيّة شجاعة؛ إذ يعرف المسرحيّون وأهل الاختصاص بالمسرح مدى صعوبة هذا الأمر؛ لأنّه توليفة جديدة بشكل مختلف من توليفة أخرى باشتراطات مختلفة؛ أيّ خلق كائن من كائن مختلف تماماً.
لقد قام الصّديق المسرحيّ المبدع د. عبد الإله بنهدار بهذه المجازفة الإبداعيّة المسرحيّة عندما حوّل روايتي (أعشقني) إلى عمل مسرحيّ بعنوان (البُعد الخامس) الذي اقتبس عنوانها من موضوع (البُعد الخامس) المطروح في الرّواية حتى فرضّيات الخيال العلميّ الجديدة بملامس تخوم الإنسانيّة ومتطلّباتها وإشكالاتها.
لقد أحبّ د. عبد الإله بنهدار هذه الرّواية، وكتب عنه مسرحيّة (البُعد الخامس) التي صدرت في طبعتها الورقيّة في عام 2022 عن مؤسّسة باحثون للدّراسات والأبحاث والنّشر والاستراتيجيّات الثّقافيّة المغربيّة، بواقع 96 صفحة من القطع المتوسّط، ثم أخذ على عاتقه أن ينفث الحياة فيها على خشبة المسرح عندما قام بجهوده الخاصّة في هذا السّعي المحمود والنّشط إلى أن استطاع أن يؤلّف شراكة إبداعيّة مسرحيّة راقية في سبيل ذلك.
من حسن حظّ رواية (أعشقني) وحظ مسرحيّة (البعد الخامس) أنّهما قال حظيا بطاقم عمل مسرحيّ متميّز ومتمرّس ووازن قادر على مهمّة العمل المسرحيّ؛ فكانت الشّراكة مع المسرحيّ المغربيّ المميّز والشّهير الباحث والمؤّلف والمخرج المسرحيّ عبد الواحد عوزري، مع طاقم عمل فرقة المسرح المغربيّة (مسرح اليوم) الذي ضمّ كلّ من: كلّ من: سارة السّفيانيّ، وإلهام بوطازوت، ومحمد الحوضي، وأمين مقيليش،ومحمد شهير.
كذلك تكون طاقم العمل المسرحيّ من كلّ من: مساعد مخرج: عبد الجبار خمران، سينوغرافيا: إدريس السّنوسيّ، استشارة فنيّة: عبد المجيد فنيش، ملابس: زينب مقداد، موسيقى: حسن شيكار، الإعلام والتّواصل: بشرى عمور، تقنيّات: عادل المنصوريّ، الفوتوغرافيا والتّوثيق السّمعيّ والبصريّ: حمزة محيمدات، المحافظة العامّة: عمر بلعود، إدارة الجولة: محمد لزعر.
من زاوية ثانية هذه المسرحيّة هي تنقل روح العمل الملحميّ الرّوائيّ في رواية (أعشقني) إلى ملحمة إنسانيّة مسرحيّة باقتدار وجرأة تأخذ على عاتقها مناقشة الكثير من الأفكار الإنسانيّة والعلميّة الجريئة، كما أنّ هذه المسرحيّة هي مولود أسطوريّ مميّز يجمع ما بين المشرق العربيّ ومغربه وبين سرديّاته المكتوبة وبين فعله المسرحيّ، كما هي تجمع أقلاماً ورؤى وتصوّرات بما يغني هذا العمل، ويجعل طرحه مسرحيّاً فعلاً مسرحيّاً تجريبيّاً جريئاً.
أنا شخصيّاً أشعر بفخر وغبطة بوليدنا المشترك الجميل البهي (مسرحيّة البعد الخامس) التي حظيت بأن تولد من إبداع سناء الشعلان وعبد الإله بنهدار وعبد الواحد عوزري وطاقم فرقة (مسرح اليوم)، وبدعم مقدّر ومثمّن من وزارة الثّقافة والتّواصل
المغربيّة، كما أنّني متحمّسة لأشاهد العرض الأوّل لهذه المسرحيّة التي تقدّم بصمتها الخاصّة في الدّمج بين الرّومانس والخيال العلميّ، وتضطلع بمهمّة في نقل الثّقل السّرديّ إلى فعل دراميّ متماسٍ مع الجمهور.
قصة الرواية، تدور أحداث الرواية حول بطلتها شمس، وهي شخصية غارقة في العشق وتجد فيه علاجًا لجراحها في عالمٍ لا يدرك قيمة الحب.
تجمع الرواية بين عالم الخيال العلمي والفلسفة، حيث تتناول مفهوم الأبعاد التي تشكل الكون، مع التأكيد على أن الحب يمثل البعد الأهم الذي يحول الكون ويمنحه معنى.

