كتب سلطان الحطاب
استطاع الأردن ومنذ بدايات حرب الابادة على غزة وتطبيق سياسات التجويع الممنهجة على أهلنا هناك أن يفتح كوة في الحصار القاسي وان يستخدم الجو وسيلة لانزال المساعدات، رغم أن ذلك ليس أفضل الوسائل، وهي وسيلة تحمل مخاطر عديدة ولا تفي بالغرض، ولكن تقديم شيء أفضل من لاشيء، وقد واجه الأردن في ذلك كثيراً من العقبات وحتى موجات التشكيك في عمله، ومع ذلك لم يتوقف ولم ياخذ بأي ردة فعل، لأنه كان يدرك أنه بذلك قد ينقذ أرواحاً يحصدها الموت جوعاً ومرضاً واصابات.
وظل الأردن وبدبلوماسية مثابرة وضغوط متواصلة يستنهض العالم لدعم مواقفه في تمكينه من ارسال المزيد من المساعدات، وخاصة عبر البر وعبر المعابر، وخاصة عبر جسر الملك حسين، (معبر الكرامة).
وظلت اسرائيل يزعجها العمل الأردني وتعمل بكل الوسائل عبر الجسر، وبراً الى غزة، حيث تمكن في يوم واحد من ادخال أكثر من 22 شاحنة كانت مرشحة للزيادة، بعد انباع عدد الشاحنات المرسلة من بداية الحب على غزة اكثر من 8600 وكان الرهان العربي أن يوسع الأردن نافذة ارسال المساعدات لينتظم مع ذلك أي جهد عربي أو انساني بعد أن اغلقت اسرائيل كل المعابر وخاصة معبر رفح الذي تقف خلفه على الحدود مع مصر 10 الآف من الشاحنات المكدسة بالمساعدات مضى على بعضها أكثر من عام.
أرادت اسرائيل وخاصة التيار اليميني الحاكم أن يشيطن العمل الانساني الأردني، وان يعمل على وقفه بكل الوسائل وخاصة بالاشاعات والتشكيك والحملات التي كنا تحدثنا عنها وتصدينا لها وقد عمل الاحتلال اخيراً على يوظف عملية امنية تمت اليوم عبر معبر الكرامة، قام بها مدني أردني ممن يسوقون الشاحنات ويعبرون بها ليجد الاحتلال في ذلك فرصة لادانة ارسال المساعدات وتبرير وقفها، وبدا الربط بين ارسال المساعدات والقيام بعمل أمني حيث جرى اطلاق النار عبرالمعبر بدل من حماية المعبر حتى تستمر المساعدات تتدفق، أخذا بالقاعدة الشرعية، (درء المفاسد أولى من جلب المنافع،)إذا اعتبرنا أن الاحتلال والتجويع مفسدة، وإذا أخذنا بأن الذين قاموا بالعمل اعتقدوه منفعة ونحن نرى النتيجة الان ، وكان الأولى ضمان استمرار المساعدات وعدم اعطاء ذريعة للاحتلال الذي ظل عاجزاً أمام العالم الذي أدان اسرائيل على أعمالها في أن يغلق المعبر الذي تمر منه المساعدات.
اسرائيل الآن وظفت العملية بشكل واضح واغلقت الجسر ومنعت حركة الفلسطينيين في الضفة وشرق القدس ذهاباً واياباً، حيث شكل الجسر دايما شريان حياة ورئة يتنفس منها المحاصرون تحت الاحتلال.
لقد ظلت سياسة الجسور المفتوحة التي أرسالها الملك الراحل الحسين، رغم كل عوامل الضغط والمزايدات، ظلت تخدم أهلنا الصامدين على ارضهم.وتوكد صمودهم وتمدهم بأسبابه
اسرائيل تبحث عن ذرائع للاعتداء وهي تضع الأسباب إن لم تجد من يضعها لها، بعد أن تخلق المناخ المناسب لذلك.وكثيرا مافعلت ذلك في وقائع اعتبرت في حينها بطولات
كنا نعلم أن السياسة التأزيمية الاسرائيلية تريد توريط أطراف عديدة في الحرائق التي تشعلها اسرائيل في المنطقة، وهي منذ زمن تعمل من أاجل ان تدفع بعدوانها باتجاه الأردن، وأن تتخذ من ذلك ذريعة لابعاد الفلسطينيين وتهجيرهم ، وقد اكتشف الأردن ذلك وكذلك مصر التي استهدفت بوسائل لتبرير ابعاد الفلسطينيين عبر سيناء بوسائل عديدة أبرزها استمرار التحرش بمصر.
ماجرى اليوم عملية فردية تبحث عن سياق تريد إسرائيل ان تصطاد فيه عمليات فردية، تريد اسرائيل توظيفها وتراكمها لتصنع واقعاً جديداً تفرض معطياته علينا.
الشعب الفلسطيني يريدنا قادرين على مساعدته وامداده بأسباب الحياة والصمود إلى أن يتوفر البديل وعلينا أن نضمن الوسائل لذلك، وان نحمي هذه الوسائل من أي مغامرات أو نزق أو تبرع بمواقف مجانية .
فالذين يريدون اغلاق الجسر لا يريدون في النهاية مساعدة الشعب الفلسطيني، ولكن لماذا يريدون أن نغلقه بايدينا حين نقدم الذريعة بالشكل الذي تم أمس في العملية التي تعمدت اسرائيل البناء عليها ومواصلة التحريض وهي تدرك انها عملية فردية لها دوافعها القائمة من سياساتها العدوانية
عملية فردية ذات طابع انفعالي من شخص اراد يتصوره ان يعبر بطريقته وقد حا ولت بداية ولاسباب خبيثة إلصاق ذلك بالعسكرية الأردنية في الادعاء أن الفاعل جندي أنه جندي وهي تقصد ذلك.
كان وما زال علينا ان نفوت فرص اسرائيل في توظيف اي عمل يخدم جرائمها وأن نحمي الصيغة الجمعية للقرار الأردني كما كنا دايما وأن نثق بموقف الدولة وقرارها في الحرب والسلم لنبتعد عن الفوضى والمغامرة وحرمان شعبنا في فلسطين من اي مساعدة يمكن ان نقدمها.له من خلال واجبنا الذي لا يستطيع احد منعنا عنه
الآن ليس وقت أن نستعرض ما قدمه الأردن، للأهل وقيمته في صمودهم أو الدور الذي يقوم به الأردن سياسياً ودبلوماسياً، فقد تعمدت اسرائيل وهي الان تخطط لقلب الطاولة لحظة التصويت في الأمم المتحدة على قيام الدولة الفلسطينية وقد يكون ذلك كما اتوقع بالاعتداء المباشر على اي دولة عربية للفت النظر، وأخذه بعيداً عن القرار الأممي او بوسيلة عدوانية اخرى في اي مكان من العالم الذي اصبحت تعبث وتستخف بدوله وشرائعه وهي تفعل ذلك وما زالت تعمل، فهل نفوت عليها التوظيف فيما حدث اليوم في معبر الكرامة، دون ضجة، وننتبه للقادم، وهو أعظم وأخطر، إذا ما ادركنا المخططات الاسرائيلية، وعرفنا أن الرد عليها لا يكون بالانفعال والعمل الفردي، وإنما كما تحدث الملك في مؤتمر الدوحة ، فنحن جزء من أمة ونحتاج الى مساعدتها.للجم النازية الطالعة وسط القتل والإبادة
لسنا نخشى التحديات ولكننا نحب وطننا ونريد ضمان انتصارنا العادل
