في صباحٍ ثقيل كغيمةٍ رمادية، انطفأت شمعة أخرى من قناديل الإعلام العربي. رحلت يمنى شري، الصوت الذي رافق المشاهدين بصدق وهدوء، تاركةً خلفها فراغاً لا يملؤه أحد.
لم تكن يمنى مجرّد مذيعةٍ على الشاشة، بل كانت وجهاً مألوفاً للبيوت اللبنانية والعربية، صوتاً ناعماً يدخل القلوب من دون استئذان، ويترك أثراً من الطمأنينة في زمنٍ امتلأ بالضجيج.
لكن المرض لم يرحمها… خَبَر إصابتها بالسرطان كان كصفعةٍ مفاجئة لمن عرفها أو تابعها. صبرت، قاومت، وابتسمت رغم الألم، حتى حين خانها الجسد ظلّت قوية بعينيها، كأنها تقول: “الحياة لا تُقاس بالسنوات، بل بالأثر.”
رحلت يمنى في كندا، بعيداً عن شاشة الوطن التي أحبّتها وأحبّها جمهورها من خلالها. غابت وهي في ربيع عمرها الإعلامي، تاركةً وراءها ذكرياتٍ لا تُنسى، وصورةً لامرأةٍ راقية، مهنية، صادقة، لم تُساوم على شرف الكلمة يوماً.
اليوم، تبكيها العائلة، الأصدقاء، والزملاء… ويبكيها جمهورٌ واسع لم يعرفها شخصياً، لكنه شعر بأنها فردٌ من العائلة. وفي كل بيتٍ كانت تدخل إليه بابتسامتها وصوتها، سيُرفع دعاء بالرحمة لروحها.
يمنى شري، كنتِ نجمةً لا تُطفئها المسافات ولا يغيّبها المرض. رحلتِ جسداً، لكنكِ ستبقين في ذاكرة من أحبّكِ، وفي وجدان كل من آمن بأن الإعلام رسالة، لا مهنة عابرة.
إلى روحكِ الطاهرة… سلامٌ وطمأنينة.
