للكلمة الحرة الصريحة ثمن، وللموقف الإنساني النزيه ثمن، ولا مفر أمام البشرية من اتخاذ الموقف الصحيح، في التوقيت الصحيح، كي لا يصبح العالم غابة وحوش منفلتة، وكيف لا يستمر المجرمون المتوحشون في الإفلات من الحساب والعقاب.
ثمة إشارة من أنبل الإشارات، تحملها إشادة الملكة رانيا بشباب العالم الذين يتدفقون إلى الساحات بالملايين، يجهرون بالحق، ويحرسون القيم، ويشدون من أزر المظلومين، ويدينون جرائم الإبادة والتجويع الجماعية الإسرائيلية، ويصرون على نبذ المجرمين وفضحهم ومعاقبتهم،
مبدية إعجابها بهؤلاء الشباب الذين رفضوا الصمت أمام معاناة الفلسطينيين، وواصفة مواقفهم بأنها «تجسيد للشجاعة الأخلاقية في عالم تائه»، قائلة: «وسط المعاناة التي رأيناها في فلسطين، تأثرت بشدة بردود أفعال كثيرين حول العالم ممن رفضوا السكوت، أناس خاطروا بتعليمهم، بسمعتهم، وسبل معيشتهم، ليُعطوا صوتًا لأُناس لم يلتقوا بهم قط !!
إلى هناك، إلى أقاصي الأرض، إلى المكسيك، نهدت الملكة المثقفة الأردنية الهاشمية الشجاعة، تذود عن الأسس التي تبنى عليها القيم الأخلاقية في مواجهة ما وصفته بـ «ضعف الحس الأخلاقي الذي يطغى على عالم تعمه الفوضى والتشتيت والضجيج»، داعية إلى ضرورة إعادة تقييم تعريف الإنسانية والمجتمعات، للتقدم والقيادة والأسس التي يُبنى عليها ذلك، وإلى ربط التفوق والتقدم التقني والعلمي والاقتصادي والعسكري، ربطًا مشيميًا محكمًا نهائيًا، بالأخلاق وقِيم الإنسان النبيلة المشتركة.
وتحدثت ملكتنا باعتزاز عن إرث الأردن وقوّته وكرامته وعمقه»، «الأردن الذي فتح أبوابه للملايين ممن شُردوا بسبب النزاعات، وتحدث باسم السلام، ووقف إلى جانب المهمّشين.
وتعلن ملكتنا فخرها بالإسلام نهج حياتها مؤكدة: «إيماني هو مرساي الأخلاقي، الإسلام يعلّمنا الرحمة، والعدل، والكرم، وكرامة الإنسان، وهذه ليست مجرد مبادئ، بل أفعال تُشكّل حياتنا اليومية».
يذكرنا خطاب ملكتنا المثقفة الأردنية الهاشمية الشجاعة بالخطابات المفصلية الحاسمة التي ألقاها القادة الأمميون التاريخيون في المحطات والمحن والأزمات التاريخية التي واجهت البشرية وشكّلت منارات واتجاهات حق وخير وخلاص ونجاة.
هذا خطاب مقاومة، خطاب كفاح، خطاب جهاد، خطاب الأردن العربي الهاشمي الذي يقف الوقفة الأصدق مع الحق الفلسطيني.
