ومع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة، يتكشّف المشهد العربي على تناقض صارخ: دول صامتة، وأخرى متخاذلة، بينما يظل الأردن في الصفوف الأمامية مدافعًا شرسًا عن القضية الفلسطينية منذ بدايتها.
الأردن لم يكتفِ بالشعارات، بل قدّم تضحيات حقيقية:
الجيش الأردني قاتل ببطولة في معارك القدس والكرامة، وسجّل صفحات مشرّفة في مواجهة الاحتلال.
الموقف السياسي الأردني ظل ثابتًا في رفض التوطين والوطن البديل، والتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
اليوم، ومع مجازر غزة، يتحرك الأردن على كل المحافل الدولية ليكشف جرائم الاحتلال، ويضغط من أجل وقف العدوان، بينما عواصم عربية كبرى تلوذ بالصمت أو تبرّر بحجة “الواقعية السياسية”.
أي واقعية هذه التي تعني ترك شعب كامل يُباد؟ أي براغماتية تلك التي تُغلق الأفواه أمام جرافات الضمّ ومستوطنات الموت؟!
لقد أصبح الدور الأردني صوتًا صارخًا في صحراء الصمت العربي. بينما كثير من الأنظمة تتسابق للتطبيع، أو تُقدّم الغطاء للاحتلال، يصرّ الأردن على التذكير بأن فلسطين ليست “ملفًا” سياسيًا، بل قضية وجود وهوية، وأن القدس ليست ورقة مقايضة، بل أمانة تاريخية.
نعم، الأردن وحده لا يستطيع قلب المعادلة، لكن مواقفه تمثل شوكة في حلق المشروع الصهيوني، ورسالة بأن هناك من لم يبع البوصلة بعد. وإذا كان العرب اليوم يعيشون أرذل مراحلهم، فإن الأردن يذكّر الجميع أن الكرامة لا تُشترى بالدولارات، وأن الدفاع عن فلسطين واجب لا يسقط بالتقادم.
التاريخ لن يكتب عن الصامتين سوى الخزي، لكنه سيسجّل أن الأردن بقي واقفًا في زمن الانحناء، وأنه صمد في وجه الضغوط ليقول كلمة حق في زمن غابت فيه الأصوات
في زمن الانحناء… الأردن وحده يرفع راية فلسطين* الدكتور محمد أبو هديب
20
