ثمة أشخاص يولدون ليكونوا مرآةً للبهاء في عالمٍ يزدحم بالصور الباهتة والوجوه العابرة، وسلوى النابلسي إحدى هؤلاء. ليست مجرد إطلالةٍ جميلة تخطف العين، بل هي حضور يفيض بالسكينة، يشبه شجرةً وارفة تفتح ظلّها لكل عابرٍ مرهق، فيجد عندها ما يطمئن قلبه ويعيد إليه توازنه.
في صفحات السوشيال ميديا، حيث يذوب الكثيرون في ضجيج الكلمات والصور، استطاعت سلوى أن تخلق فضاءً مختلفاً، فضاءً تحرسه بصدقها، وتغذّيه بعذوبة بوحها. تكتب وكأنها تزرع الندى على نوافذ الصباح، فتعانق أرواح متابعيها بلطفٍ لا يتكلّف، وحرارةٍ لا تنطفئ. كل كلمة منها تبدو كنبض حيّ، يلامس القلوب دون استئذان، ويترك فيها أثراً يشبه أثر المطر على أرضٍ عطشى.
سرّ حضورها ليس في جمال ملامحها وحدها، بل في ذلك البريق الإنساني الذي يجعلها أقرب من ظلّك، وأدفأ من يدٍ تربت على وجعك. حين تكتب، تشعر أنها تمنح من ذاتها أكثر مما تحتمل السطور، وحين تردّ على متابعيها، تدرك أنها لا تفعل ذلك بدافع المجاملة، بل من إيمانٍ عميق بأن القلوب لا تكبر إلا بالمشاركة.
وفاؤها قصة أخرى؛ وفاء نادر في زمنٍ صار فيه الإخلاص منفى بعيد. هي صديقة لا تعرف الغياب، حاضرة في تفاصيل أحبّتها، مخلصة لمن رافقوها ولو بكلمة، تعطي لتبقى الذكرى ممتلئة بالدفء. يشبه وفاؤها نهرًا لا يعرف الانقطاع، يسقي من حوله فيُبقيهم على قيد الطمأنينة.
ولأنّ الجمال الحقيقي لا يقاس بقدر ما يُستشعر، كان من الطبيعي أن يلتفّ حولها هذا الجمع الكبير من المحبّين. أحبّوها لأنها كتبت بما يشبه نبضهم، وأحبّتهم لأنها آمنت أن المحبة رزق، وأن أجمل ما يمكن أن يتركه الإنسان بعده هو أثر طيب في قلوب الآخرين.
سلوى النابلسي ليست نجمةً في فضاءٍ رقمي فحسب، بل هي إنسانة أدركت أنّ رسالتها أن تمنح العالم لمسة من نور قلبها. وحين تجتمع الجماليات كلها في روحٍ واحدة—الإطلالة، البوح، الصدق، الوفاء—لا يبقى أمامنا سوى أن نُدرك أن حضورها هدية نادرة لهذا الزمن.
