عروبة الإخباري –
في الساعات الأولى من فجر الجمعة، وقعت إيران مجددًا تحت صدمة ضربات عسكرية دقيقة استهدفت مواقع بالغة الحساسية في عمق أراضيها. العملية، التي يُعتقد أن إسرائيل نفذتها، جاءت وسط تصعيد متواصل ومتعدد المستويات بين الطرفين. لكن اللافت في هذه الجولة، لم يكن مجرد حجم الضربة أو توقيتها، بل التوازي اللافت بين تنفيذها وتصريحات نارية أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، حملت دلالات أمنية واستراتيجية من العيار الثقيل.
الضربة: تغيير في قواعد الاشتباك
الضربات الإسرائيلية الأخيرة لم تكن كسابقاتها. بحسب مصادر عسكرية وإعلامية، استهدفت العملية أكثر من 100 موقع إيراني، شملت:
منشآت عسكرية نووية مفترضة.
مراكز قيادة وتحكم تابعة للحرس الثوري.
مواقع إطلاق صواريخ متوسطة وبعيدة المدى.
مراكز بحث وتطوير تقني في أصفهان وطهران وكرمانشاه.
ما يُميز هذه الضربة أنها جاءت في قلب الدولة الإيرانية، وليس فقط في أطرافها أو في ساحات النفوذ مثل سوريا أو العراق. هذا بحد ذاته رسالة عسكرية وأمنية مفادها: العمق الإيراني لم يعد بمنأى عن النيران الإسرائيلية.
كاتس: تهديدات بلا مواربة
وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، لم يترك مجالاً للتأويل. ففي تصريحات متزامنة مع تنفيذ العملية، أكد:
“إيران اليوم أكثر انكشافًا من أي وقت مضى… إذا لم نتحرك الآن، فإن سلاحًا نوويًا إيرانيًا سيكون واقعًا علينا القبول به غدًا.”
ووصف الضربة بأنها “لحظة فارقة في تاريخ إسرائيل والشعب اليهودي”، مشيرًا إلى أن الدولة العبرية قررت تحمل المسؤولية التاريخية لمنع ما وصفه بـ”تهديد الإبادة الإيرانية”.
وقد تضمنت تصريحاته تلميحًا قويًا إلى أن هذه الضربات ليست الأخيرة، وأن تل أبيب مستعدة لمواصلة ما تسميه “الحرب الوقائية” ما دام البرنامج النووي الإيراني في تطور.
الرسائل السياسية والأمنية وراء التصعيد
لواشنطن والعواصم الغربية: إسرائيل تقول صراحة إنها لن تنتظر فشل أو نجاح المفاوضات النووية، ولن تكتفي بالعقوبات أو الكلام الدبلوماسي.
لطهران: الردع التقليدي لم يعد فعالًا. منظومات الدفاع الجوي الإيرانية، رغم تحديثها وتوسعها، عجزت عن حماية المنشآت الحساسة.
للرأي العام الداخلي في إسرائيل: المؤسسة الأمنية تعمل، وتملك القدرة على حماية البلاد من تهديد استراتيجي، ولو اقتضى الأمر الهجوم المباشر داخل إيران.
إيران: بين الإنكار والتوعد
حتى لحظة إعداد هذا المقال، لم تصدر طهران رواية رسمية متكاملة بشأن حجم الخسائر، لكنها اعترفت بوقوع “انفجارات محدودة” نتيجة “اختراق أمني”، وتوعدت بـ”رد مناسب في الزمان والمكان المناسبين”.
هذا التكرار في الخطاب الإيراني، الذي أصبح مألوفًا عقب كل حادث أمني كبير، يكشف عمق الأزمة الداخلية التي تواجه النظام: الرغبة في الحفاظ على صورة القوة، مقابل إدراك حرج لضعف القدرات الدفاعية الفعلية.
هل الرد قادم؟
تاريخ إيران مع إسرائيل يُظهر أن الردود لا تكون دومًا مباشرة، بل عبر وكلائها في المنطقة. خيارات الرد المحتملة تشمل:
تصعيد الهجمات من قبل حزب الله في الجبهة الشمالية.
استهداف مصالح إسرائيلية أو أمريكية في العراق أو الخليج.
عمليات سيبرانية تستهدف بنى تحتية إسرائيلية.
محاولة ضرب أهداف رمزية داخل إسرائيل، بصواريخ أو طائرات مسيّرة، انطلاقًا من اليمن أو العراق.
لم ترد ايران الان بقوه بعد كل ما جرى من استهداف قوي ومؤلم فان نظامها السياسي برمته قيد الزوال لان كل شعاراتها لن تقنع الداخل الايراني الذي بات واضحا حجم الاختراق الامني الكبير في ايران.
نهاية مرحلة وبداية أخرى
الضربة الأخيرة تُمثل نقطة تحول مهمة. إنها ليست فقط هجومًا عسكريًا، بل إعلانٌ بانتهاء مرحلة “الردع المتبادل الغامض”، وبداية مرحلة جديدة من الاشتباك المكشوف والمباشر.
تصريحات كاتس ووضوح العملية العسكرية يعكسان تحوّل إسرائيل من الدفاع إلى المبادرة، ومن الانتظار إلى الفعل، في مواجهة مشروع إيراني ترى فيه خطرًا وجوديًا.
والسؤال الذي يبقى: هل تستطيع إيران إعادة ترميم هيبتها الأمنية والعسكرية، أم أن مشروعها الإقليمي بات مهددًا من الداخل أكثر من الخارج؟