3
عروبة الإخباري –
بالتزامن مع اليوم العالمي للحد من عمل الأطفال والذي يصادف 12 حزيران، أطلقت إنقاذ الطفل – الأردن دراسة بعنوان “أصوات من الحقول: واقع الأطفال العاملين في الزراعة في منطقتي المفرق والأغوار” ، حيث قدمت الدراسة فهمًا لتجربة الأطفال، ورصدًا لأوضاع أسرهم من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسكن والتعليم، إلى جانب الأسباب والعوامل التي أدت لانخراطهم بالعمل في القطاع الزراعي وظروف العمل والمخاطر المرتبطة به.
وأظهرت الدراسة التي شملت أطفالًا أردنيين ولاجئين سوريين أن 18% فقط من الأطفال العاملين في القطاع الزراعي الذين تم مقابلتهم في الدراسة ملتحقون في المدارس الرسمية، في حين أن 65.9% لا يتلقون أي شكل من أشكال التعليم، و15.9% منهم ملتحقون ببرامج التعليم غير الرسمي.
كما بينت الدراسة أنه من بين الأطفال الملتحقين بالتعليم الرسمي فإن نحو 44% منهم غير ملتزمين بالذهاب إلى المدرسة بشكل يومي. وربط 77.1% من الأطفال تسربهم من المدرسة بالوضع الاقتصادي لأسرهم، في حين قال 8.4% إن التنقل المستمر أو بُعد المدرسة عن مكان السكن هو سبب عدم انتظامهم بالتعليم.
وتم إعداد الدراسة وفق منهجية مختلطة كمية ونوعية، بحيث شملت الدراسة في شقها الكمي استطلاع نحو 246 شخصًا، منهم 126 طفلًا و120 مقدم رعاية. أما المقابلات النوعية فشملت أطفالًا عاملين وذويهم، ومقابلات مع منظمات المجتمع المحلي والجهات المعنية بالحد من عمل الأطفال والمجتمع المحلي، بواقع 38 مقابلة معمقة.
وأظهرت الدراسة وجود أطفال بعمر ست سنوات يعملون، حيث بينت أن نحو 3.2% من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 7 أعوام، في حين شكل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 17 عامًا الغالبية من الأطفال العاملين، منهم الأطفال بين 15-17 عامًا بنسبة 43.7%، والأطفال بين 12-14 عامًا بنسبة 40.5%.
من جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمؤسسة إنقاذ الطفل – الأردن دانا عريقات إن “الدراسة تهدف إلى دعم الجهود المستقبلية للحد من عمل الأطفال في الأردن”، لافتة إلى أنه رغم التشريعات والأطر الوطنية التي تحكم هذه المسألة، والتي تُعد من التشريعات المتقدمة عالميًا، فإن التنفيذ الفعّال يتطلب تعاونًا بين الجهات الشريكة بما فيها الحكومة والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية لضمان الحد من هذه المشكلة.
كما أكدت “أهمية ربط دعم الصادرات بالامتثال لمعايير الحد من عمل الأطفال، بما يمكننا من تعزيز صادرات زراعية أخلاقية، شاملة وتنافسية، تسهم في الحد من عمل الأطفال، وزيادة الدخل، وتعزيز دور القطاع الخاص في التجارة المسؤولة”.
وأظهرت الدراسة أن متوسط عدد أفراد الأسرة يبلغ 7.4 فرد، مقارنة بـ 4.5 على المستوى الوطني، كما يعيش 48% من الأسر في خيام، مقابل 37.8% في بيوت مستقلة و11% في شقق.
كما بينت الدراسة أن أكثر من 70% من الأطفال لا يعرفون السن القانوني للعمل، و81.9% من مقدمي الرعاية يفتقرون إلى الوعي بقوانين عمل الأطفال. في حين أفاد الأطفال في المقابلات النوعية أن غالبيتهم تم تشغيلهم عن طريق “الشاويش”، كما قال 85.2% إنهم يعملون في مزارع لأشخاص آخرين ليسوا أقارب لهم أو من عائلاتهم.
وأفاد معظم الأهالي الذين تم استطلاعهم أن الأجر الشهري للغالبية لا يتجاوز 150 دينارًا أردنيًا، ما يدفعهم لإشراك أبنائهم في العمل لتأمين دخل إضافي. فيما يصف الأطفال العمل الزراعي بالمرهق جسديًا والممل، وتشمل المهام الأصعب قطف الطماطم، حمل المحاصيل الثقيلة، ورش المبيدات.
وقال 42.5% من الأطفال إنهم يعملون لأكثر من ست ساعات يوميًا، فيما قال 52.8% إنهم يعملون بين 4 إلى 6 ساعات، وإن نحو 38.1% يعملون 7 أيام في الأسبوع، يلي ذلك 23.8% يعملون 6 أيام أسبوعيًا.
وفي هذا السياق، قالت إحدى الطفلات اللواتي تمت مقابلتهن إن “قطف الطماطم هو الأسوأ، تجلس القرفصاء لساعات حتى تشعر أن ظهرك سينكسر”، في حين تحدث طفل آخر عن عثوره على أفعى أثناء عمله في جمع المحاصيل ويقول “كان الأمر مرعبًا جدًا، لم تكن المرة الأولى التي أرى بها القوارض لكن بالتأكيد الأفعى مخيفة”.
وأوصت الدراسة بضرورة معالجة الحواجز التعليمية من خلال تدخلات مستهدفة لتخفيف الأعباء المالية وتوفير فرص تعليمية متسقة ومتاحة لجميع الأطفال، وتوفير بدائل مستدامة لعمل الأطفال الذي غالبًا ما يرتبط بالوضع الاقتصادي لأسرهم من خلال تطوير وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية ومبادرات الدعم الاقتصادي للأسر، وخاصة الأسر العاملة في العمل غير الرسمي، للحد من الضغوط الاقتصادية التي تدفع إلى عمل الأطفال، وتنفيذ برامج المساعدات المالية المستهدفة والتدريب المهني لمقدمي الرعاية لتحسين استقرار دخل الأسرة.
كما أوصت الدراسة بضرورة رفع وعي أصحاب المزارع والمشغلين بالتبعات القانونية لتشغيل الأطفال خلافًا للقانون، وكذلك ضرورة إنفاذ القوانين وزيادة الوعي والتفتيش المنتظم وفرض العقوبات باعتباره ضرورة لحماية حقوق الأطفال.
ولمعالجة القضايا المرتبطة بدور “الشاويش”، يجب على وزارة العمل تنظيم عملهم من خلال إطار رسمي يشمل الترخيص والتسجيل وتحديد المسؤوليات بوضوح. كما ينبغي إنشاء هيئات رقابية مستقلة وآليات إبلاغ آمنة لحماية العمال من الانتهاكات، إلى جانب إطلاق حملات توعية لتثقيف العمال وأسرهم حول حقوقهم والحد من الاعتماد على وسطاء غير رسميين.
كما أوصت بضرورة إجراء حملات التوعية لتثقيف المجتمعات حول قوانين عمل الأطفال وأهمية التعليم والمخاطر المرتبطة بعمل الأطفال، وإشراك الجمعيات المحلية والمبادرات المجتمعية وقادة المجتمع والجهات المعنية في الجهود الرامية إلى الحد من عمل الأطفال وتعزيز رفاهية الطفل، مشددة على أن الشراكة مع المنظمات غير الحكومية والمجتمع المحلي ضرورية لدعم تنفيذ هذه الإجراءات ومساندة الفئات الأكثر هشاشة.