عروبة الإخباري –
في وقت تواصل فيه الحكومة السورية مساعيها الدبلوماسية لرفع العقوبات الأميركية عنها، تتسارع على الأرض تحركات أمنية وإنسانية تحمل دلالات سياسية لافتة. فقد بدأت بعثة قطرية، برفقة عدد من الأميركيين، عمليات بحث عن رفات أميركيين يُعتقد أنهم قُتلوا على يد تنظيم داعش قبل نحو عشر سنوات.
وأكد مصدران مطلعان لوكالة “رويترز” أن الفريق، الذي سبق أن شارك في مهام إغاثية بتركيا والمغرب، تمكن حتى الآن من استخراج رفات ثلاثة أشخاص من مناطق سورية لم يُكشف عنها، دون تحديد هوياتهم بعد. ولم يتضح أيضاً مدى زمني واضح لإنهاء المهمة، التي تأتي في لحظة سياسية حساسة بالنسبة لدمشق.
ويرى مراقبون أن السماح بدخول بعثة قطرية-أميركية إلى مناطق نفوذ النظام، يعكس محاولات من دمشق لإظهار مرونة ميدانية قد تُقرأ كرسالة حسن نية تجاه الغرب، وخاصة واشنطن، في إطار جهودها المستمرة لتخفيف وطأة العزلة السياسية والعقوبات الاقتصادية.
في السياق ذاته، نفّذت القوات البحرية التابعة لوزارة الدفاع السورية، فجر الجمعة، حملة أمنية موسعة ضد شبكات تهريب البشر على السواحل السورية. وذكرت الوزارة، في بيان رسمي، أن العملية شهدت اشتباكات مع المهربين استمرت لساعات، وانتهت بإلقاء القبض على عدد منهم وضبط أسلحة وعتاد، قبل تسليمهم إلى الجهات الأمنية المختصة.
ويحمل هذا التطور بُعدًا مزدوجًا؛ فمن جهة تعكس الحملة تشديداً للقبضة الأمنية على ملف الهجرة غير الشرعية الذي يشكل ضغطاً على العلاقات السورية-الأوروبية، ومن جهة أخرى، تسعى دمشق لإظهار التزامها بمكافحة الجريمة المنظمة كجزء من خطاب تحسين الصورة دولياً.
السياق الإقليمي:
تأتي هذه التحركات وسط تصاعد الديناميكيات الإقليمية، من بوادر تقارب عربي-سوري إلى انخراط متزايد لدول خليجية، مثل قطر، في ملفات إنسانية وأمنية داخل سورية. كما يُقرأ التعاون القطري-الأميركي في الملف الإنساني كخطوة رمزية قد تفتح قنوات تواصل غير مباشرة بين واشنطن ودمشق، ولو عبر وسطاء.
وبين جهود رفع العقوبات، والتعاون في الملفات العالقة، وتكثيف القبضة الأمنية، يبدو أن النظام السوري يحاول إعادة التموضع تدريجياً على خارطة العلاقات الدولية، لكن ببطء وحذر شديدين، في ظل توازنات إقليمية معقدة.