عروبة الإخباري –
الإصلاح الذي يعني التقدم والتطور بما يحقق المنعة والقوة والازدهار والرفاه والحياة الحرة الكريمة مطلب وسنة تاريخية على مستوى الأفراد والدول والشعوب ومن يتخلف عن مسيرة الإصلاح يكتب على نفسه ومجتمعه ووطنه التخلف والضعف ، لذا فالإصلاح بمفهومنا جزء من الفطرة وبالتالي يتطلب مواجهة التحديات التي تقف او قد تقف عائقا أمام تحقيق اهدافنا شعوبا وحكوما .
فلسطين والإصلاح المطلوب :
تحدثت في المقابل السابق عن غياب المعني باهداف ومعان الإصلاح المطلوب من القيادة الفلسطينية وعن مفهوم سلطة متجددة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية واداتها الكيان الإستعماري الإسرائيلي ومحورهما .
على الرغم مما تقدم وبحكم الطبيعة لا يعني ذلك باي حال من الأحوال التردد او التباطؤ او التواكل او محاربة الفساد إن وجد او الرهان على غير الذات في معالجة التحديات والعقبات التي تعرقل السير بمسيرة الإصلاح التي تؤدي إلى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني النضالية طليعة الشعب العربي والتي يقع على رأسها الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ بعد سلسلة من المجازر الدموية الوحشية وتدمير مئات من القرى والبلدات الفلسطينية التي إرتكبتها العصابات اليهودية الصهيونية بدعم وتمكين ومشاركة من قوات المستعمر البريطاني .
تحديات الإصلاح :
في الحالة الفلسطينية الإصلاحات المنشودة والمطلوبة ذاتيا تختلف عن التحديات التي تواجهها مسيرة الإصلاحات لاي دولة فمن التحديات :
اولا : ان الشعب الفلسطيني مهدد بوجوده على أرض وطنه فالهدف الإسروامريكي عنوان القوى الإستعمارية يتمثل بإقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه التاريخي وما إستمرار سلطات الإحتلال الإستعماري الإحلالي الإسرائيلي ورفضها إنهاء إحتلالها لأراض الدولة فلسطين المحتلة والمعترف بها دوليا بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٨١ و ١٩ / ٦٧ / ٢٠١٢ تنفيذا لعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية إلا العنوان الأهم .
ثانيا : السيطرة الإسرائيلية على مفاصل القرارات السيادية الفلسطينية ” الإنتخابات ، المعابر الجوية والبرية والبحرية ، الثروات الطبيعية وغير الطبيعية ، المياه ، التنقل ، الأمن ، الإقتصاد وغيرها ” .
ثالثا : تدخلات أنظمة عربية وإقليمية بالشان الفلسطيني بشكل مباشر او عبر وكلاء إما لتوظيف القضية الفلسطينية كورقة تصب بخدمة نظامها وتبرير قمعها لشعوبها وإما خدمة للمشروع الإسروامريكي الذي يهدف لتصفية القضية الفلسطينية عبر تقويض حق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وبإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين بما تمثله من ركن اساس بالصراع مع الحركة الصهيونية العالمية .
رابعا : تحويل القضية الفلسطينية من قضية شعب يناضل من أجل الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة بكافة الوسائل المكفولة دوليا إلى قضية إنسانية معيشية وما التواطؤ بذرائع مختلفة تفتقر للمنطق بمحاولة المس بالشرعية الفلسطينية القابضة على الثوابت الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني التي إنتزعته على كافة المستويات الإقليمية والدولية بدعم وإلتفاف الشعب الفلسطيني داخل و خارج الأرض المحتلة حول إستراتيجيتها النضالية الوطنية والتي كانت ولم تزل عقبة كأداء أمام الإنتقال للمرحلة العدوانية التوسعية التالية من المشروع ألإسروامريكي بإخضاع المنطقة العربية لهيمنتها لعقود قادمة بدءا من فلسطين وبممارسة ضغوط على دول عربية لدفعها على التخلي العملي عن دعم نضال وصمود الشعب الفلسطيني بوطنه وما تجفيف الإمكانيات المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية وللسلطة الفلسطينية الجهاز التنفيذي المدني المعني بإدارة الشؤون المدنية لابناء الشعب الفلسطيني داخل الارض المحتلة والمشاركة بحسن او سوء نوايا إلا نموذج للإستهداف والضغوط لتركيع الإرادة الوطنية الفلسطينية بالصمود ودفعه لمغادرة وطنه في سياق حرب التطهير العرقي الذي نشهدها حاليا بقطاع غزة .
برنامج الإصلاح الذي نريد :
في ضوء الإستراتيجية الفلسطينية المقرة من قبل المجلس الوطني الفلسطيني بمشاركة جميع القوى الفلسطينية المنضوية تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية والموافق عليها ضمنيا وعمليا من القوى خارج إطار المنظمة ومن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ بات الإصلاح الفلسطيني اي إتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لترتيب البيت الفلسطيني بما يعزز وحدة و نضال الشعب الفلسطيني ” آخذين بعين الإعتبار الفجوات الكبيرة بموازين القوى مع العدو الإسرائيلي ” بكل الوسائل المتاحة قانونيا وشعبيا وسياسيا بدعم عربي وإسلامي وإفريقي ومن دول عدم الإنحياز وكافة دول العالم الصديقة المؤمنة بقيم العدالة والحرية والمساواة وبحق كل شعوب العالم بتقرير المصير وتصفية الإستعمار ملحا في التصدي ومواجهة المؤامرة الإسرائيلية الأمريكية التي تستهدف الكل الفلسطيني كمقدمة لإستهداف الأمن القومي العربي والإسلامي بمفهومه الشامل :
▪︎ تعزيز القرار الفلسطيني المستقل وما يتطلبه من رفض كافة اشكال الضغوط السياسية والمالية والإقتصادية مهما كان مصدرها واهدافها التي تنال من حقوق الشعب الفلسطيني ونضاله وعزيمته وإرادته بالمضي بمشروعه الوطني نحو الحرية والإستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
▪︎ تعزيزا للشرعية الفلسطينية الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ولسحب ذرائع الكيان الإسرائيلي المصطنع ومن يدعمه بعدم إنهاء إحتلاله للأراضي الفلسطينية تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بالإنقسام السياسي والجغرافي الذي اعقب الحسم العسكري الذي نفذته حماس بقطاع غزة بات مطلبا وطنيا ملحا إنهاء الإنقسام السياسي والجغرافي وتجميد كافة اشكال الخلافات البينية والتوحد حول الهدف المرحلي الذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني عام ١٩٧٤ واكدت عليه باقي الدورات بإقامة الدولة الفلسطينية وفق القرارات الدولية .
▪︎ وضع إستراتيجية عمل تجد سبيلها للتنفيذ الفوري وهذا يتطلب من جميع الفصائل والقوى ان تتحمل مسؤولياتها التنفيذية وفق الرؤية الإستراتيجية الشمولية بحشد كافة اشكال الإمكانيات السياسية والإقتصادية للتصدي لمؤامرة التهجير القسري ومواجهة جرائم المستوطنين عبر تشكيل لجان شعبية في كافة أنحاء المدن والقرى والأحياء تتولى حماية المدنيين وممتلاكتهم تعزيزا لصمودهم .
▪︎ تشكيل خلية عمل للتواصل مع القوى والتكتلات العالمية والإقليمية لممارسة كافة اشكال الضغوط على مجلس الأمن للإضطلاع بواجباته لإلزام سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي تنفيذ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة علما ان قرارات الجمعية العامة ملزمة وليست ديكورا ووفق ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أن مجلس الأمن يعمل وكيلا عن الجمعية العامة بتنفيذ قراراتها وتوصياتها دون إزدواجية وإنتقائية .
الإصلاح الذي نريد هو الإصلاح المستند لتعزيز صمود و نضال الشعب الفلسطيني والإختيار الحر لقياداته وفق ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية إلى حين إنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وعندئذ يتم إجراء إنتخابات ديمقراطية حرة في دولة مستقلة تفرز بإرادة شعبية قيادة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
اما السلطة المتجددة فهي لا تعني للشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها سوى الدولة المستقلة وليست المتجددة التي تعني امريكيا وإسرائيليا القبول بالمخطط الإسروامريكي بحرمان الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وتصفية حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ .
اما الحكم الرشيد فاولى مقوماته الحرية والإستقلال والتحرر من نير المستعمر الإسرائيلي الإرهابي العنصري .
الأولى بأمريكا من موقعها كدولة تقود العالم وتزعم حرصها على ترسيخ الأمن والسلم الدوليين وإعلاء قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ان تعمل على إلزام إسرائيل إنهاء إحتلالها للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وإتخاذ الإجراءات العقابية بقادة الكيان الإسرائيلي المصطنع لتهديدها الامن والسلم الدوليين وبوقف ألعلاقات مع حكومة يدعوا بعض وزرائها بقصف الشعب الفلسطيني بالاسلحة النووية وبدعم حكومة يراسها شخص يحاكم بتهم فساد وبجرائم حرب وإبادة أمام المحكمة الجنائية الدولية لما لها من تداعيات على مكانة أمريكا على الساحة الدولية التي تؤدي إلى عزل سياستها دوليا … ؟
منظمة التحرير الفلسطينية ستبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الذي يرفض مصادرة إرادته او وضعه تحت الوصاية مهما حملت من أسماء وعناوين
لا لسلطة متجددة بالمفهوم الإسروامريكي … اما للشعب الفلسطيني تعني دولة مستقلة ؟* د فوزي علي السمهوري
22
المقالة السابقة