نعلم أن غدا الأربعاء السادس عشر من نيسان إبريل الجاري هو عيد العلم، يوم العلم والعبرة أن يكون حاضرا دائما على مدار العام، في السراء والضراء، في الضمير والوجدان.
تبقى «الأعمال بالنيّات» ثمرة القلب وعطاياها. في الحروب وفي السلم وفي أوقات المحن والتجارب، يتجلى الأداء الأردني دون التفات إلى تفاصيل الهيئة التي يبدو عليها النشامى مدنيين وعسكريين، قول وفعل.
ليس الدارسون وحدهم العارفين لتاريخ الحضارات والأديان التي عرفتها أمم وشعوب الشرق الأوسط ومنهم العرب والمسلمون. يدرك المنصِفون منهم أن جميع أعلام «بلاد العرب أوطاني» استندت في ألوانها إلى الثورة العربية الكبرى المستلهمة من التاريخ العربي والإسلامي.
حتى أكثر الأعلام قربا وثوقا وانبثاقا، لا تميزه إلا نجمة والنجمة فريدة في رؤوس شعاعها، سباعية انبثقت من السبع المثاني، والجميع يعرفون في كتبهم وأسفارهم الدينية والتاريخية إنها فاتحة الكتاب، القرآن الكريم، الفاتحة التي تجمعنا على خير إن صح التفسير والتأويل بأن المؤمنين أمة واحدة كما الأردنيون شعبا واحدا في الانتماء والولاء للوطن وللعرش. سواء أمام الدستور، سواء في دولة المواطنة دولة القانون، ومن قبلها الأعراف الضاربة جذورها في التاريخ، في مملكة الزمن إلى مملكة الأنباط التي تبقى أكبر وأسمى من سايكس بيكو وسواهم من دهاقنة الجغرافية السياسية، وصناع المستقبل الجيوسياسي في هذا المشرق المكلوم.
أقول مكلوم لأنه مأزوم، ما زال للأسف لدى البعض من تياراته الفكرية والسياسية، في زمن غير الزمان ومكان غير المكان. مفصولون أو منفصلون عن الواقع، وبعضهم كما يقال في العامية «مفصومين» وتلك تسمية فيها الكثير من التنمر، والكثير الكثير من الجهل بالأمراض النفسية والعقلية التي لطالما يساء تشخيصها وحتى علاجها، ولذلك ملف آخر نعود إليه بعون الله قريبا.
الانفصال الإشكالي أو لعله الشرخ، أو في حقيقة الأمر الصدع الأكبر هو عدم تمييز نسبة لا يستهان بها من شعوب وسكان منطقتنا لا بل وعالمنا الجديد -المأزوم في صراعات الهوية والهويات الفرعية- بين ما كان عشية اختيار العلم -عند تأسيس الدولة- وما صار غداة رفعه تجسيدا لها ولرايتها ولهوية رافع لوائها. ثمة صدع أعمق في بعض الساحات من حولنا، بين مفهوم الأسرة النووية والممتدة بمعنى العشيرة والقبيلة، وبين المجتمع والتجمّعات السكانية وحتى المجاميع البشرية، وما سماه بعض «العباقرة» بالمكونات على غرار الديموقراطيات المشغولة إلى حد الهوس بالإثنية وما هو أصيل وطارئ ومتغير. «كل حزب بما لديهم فرحون» كما ورد في التنزيل الحكيم الأمر الذي قسّم الناس وفرّقهم بين الشّيَع والأحزاب، والمِلل والنحل، حتى بلغ الحال في عقود الحرب الباردة إلى ذلك الصدع بين قوى الثورة وبناة الدولة ومن بعدها ويلات مراكز القوى التي عصفت بالتجربتين القومية واليسارية في عدة دول عربية، حتى انتهت الأمور أو لعلها ما زالت في بعض الساحات، بتعددية الهويات وبالتالي الرايات كل بحسب بحسب التوجيه أو بالتمويل العابر للحدود الذي يوصف بالأهلي وغير الربحيّ!!
كثير من آلامنا وآمالنا تدور في أفلاك ذلك الفصل الواجب الاكتمال. قوامه أن الدولة في صيغتها القانونية التاريخية ما هي إلا عقد اجتماعي. يتعاقد ويتعاهد فيه الناس -عبر الدستور والقانون والأنظمة المرعية- الناس أجمعين حاكمين ومحكومين- بأن الراية واحدة كما هو العلم واحد، ولا يرفع اللواء إلا أبناء الوطن في دولة المواطنة والقانون والهوية الوطنية الجامعة حقا بمعنى الإنصهار التام لا التزاحم، وقطعا لا التناقض فالأولى وهْن والثانية خيانة.
دام العلم الأردني بألوانه وأبعاده ونجمته الراية والمنارة، الشراع والمرساة.. وكل عام و#علمنا_عالٍ ..