عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
رحلت الخميس قامة نسائية عالية كانت رمزاً مؤسسا في العمل الوطني الفلسطيني حين التحقت بمنظمة التحرير سنة تأسيسها عام 1964، بعد المؤتمر الأول للمنظمة في القدس، كان قدوتها شقيقها المناضل الكبير الراحل، شفيق الحوت، أحد بناة منظمة التحرير وصاحب الفكر السياسي.
وسلوى من عائلة ذات باع طويلة في النضال منذ كانت يافا العربية تقود نضاله بمقاومتها الباسلة، وهي مسقط رأس الراحل الشهيد أبو أياد، صلاح خلف.
تتذكر سلوى الحوت، السنوات الصعبة في النكبة وما بعدها، فقد كان عمرها عشر سنوات، حين وقت النكبة، وقد انتقلت أسرتها الى لبنان، رحلت سلوى وذاكرتها متقدة بتلك الأيام وكان الجلوس معها يعني الجلوس مع أرشيف فلسطيني يحفظ فكر المناضلين وسيرتهم، وقد كان حرصها أن .. حمت بنفسها الأرشيف الوطني الفلسطيني من الضياع اثر الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982، وسارعت الى نقله وحفظه في مكان آمن.
ارتبطت بالنضال الفلسطيني وناضلت باسمها وباسم نساء فلسطين، وكانت في المقدمة دائماً، وقد حملت هم شعبها والآمه، فاستحقت التقدير دائما.
وكانت موقع عناية القيادة الفلسطينية، فقد تفرغت للعمل في المنظمة عام 1968، وكانت قد التحقت متطوعة في مكتب المنظمة منذ تأسيسه، عام 1964، وقد أثنى الراحل أحمد الشقيري على دورها وأعمالها وما كانت تكلف به من مهمات، كما كرمها الرئيس محمود عباس، بوسام الإنجاز عام 2020، تقديراً لمسيرتها وارتقت في موقعها داخل الصندوق القومي الفلسطيني حتى اصبحت المدير العام، وقد وصفت بنظافة اليد والإخلاص والحرص على الامانة والعمل المتقن فكانت ذات سمعة طيبة واخلاق عالية وكرم، وكانت تستقبل ضيوفها بحفاوة وكنت ازورها في مكتبها في الصندوق لاستمع لها وكانت تحفل بما أكتب من مقالات وكتب وقد اهدتني كتاب عن الراحل شقيقها القائد شفيق الحوت، وباركت كتبي عن القادة الفلسطينيين، أحمد الشقيري وأبو أياد، وأبو جهاد، وياسر عرفات ومحمود عباس، وكتبي عن القدس وبيت لحم، وكنت أسمع منها كلمات الاطراء والثناء والتشجيع.
كانت نشيطة في العمل الجماهيري والنسائي فقد شغلت عضوية الهيئة الإدارية لفرع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي عقد في القدس عام 1965، بعد عام من تاسيس المنظمة، وكانت لديها قدرات تنظيمية عالية، وقد شهدت بنفسها وحضورها كافة دورات المجلس الوطني الفلسطيني الذي كانت عضوة فيه منذ عام 1983، وكان آخرها تلك التي انعقدت في الجزائر.
تمنيت عليها ان تكتب مذكراتها وعرضت عليها ان أتبرع لكتابتها، فابتسمت وقالت هناك من هو أجدر مني أن تكتب عنه، فقد قمت بواجبك.
تحفظ الأجيال لها دورها النضالي ومنذ انخراطها في النضال مبكراً، والى ان تجاوزت السادسة والثمانين لم تغادر دورها النضالي وعملها في الصندوق القومي الذي عاشت فيه مراحل عديدة.
شيعت بما تستحق الى مثواها الأخير يوم الخميس الماضي، ويذكر من عرفوها دورها ومكانتها، فقد كانت رمزاً ومثالاً أرجو أن تخلد بالكتابة عنها وأن تكون النموذج المستمر للمرأة الفلسطينية المناضلة.
حدثتني عن دلال المغربي، قبل استشهادها، وخروجها لعملية الشاطئ، وقد غادرت المخيم في لبنان وظلت تعتز بدورها.
سيكون مكانها فارغا ، فقد عاصرت الكثير من القادة، وكان الراحل فاروق القدومي، يذكرها دائماً بالخير ويبارك دورها، لأنها الأبرز والأكثر حرصاً
كل التعزية لكل نساء فلسطين المناضلات، فقد كانت متألمة جدا لما يجري في غزة وكانت تختنق بالدموع وهي تتحدث عن حرب الابادة التي يعيشها نساء وأطفال غزة.
التعزية للقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، الذي يعرفها منذ سنوات، وظل يحمل لها الاحترام والتقدير الخاص، وقد استمرت في العمل دون أن تتقاعد واكتنزت خبرات طويلة.
التعزية لأهلها ولأسرتها ولشقيقها، زياد، الذي تشرب حسرة فقدها، فقد رعاها من قبل المناضل شقيقها شفيق الحوت، لتكون على طريق النضال بقوة ودأب.
عليك الرحمة يا سلوى الحوت، فقد رحلت وسط تشييع الى مقبرة الشهداء في أم الحيران، واستحقت أن يخلد اسمها وان يكتب عنها وأن يحفظ تراثها ومسيرتها، فقد ذكر عملها كثير من القادة الكبار نظير ما قدمت من مواقف وصمود اثناء حصار بيروت ولم تغادر عملها يوماً واحدا.
سلوى الحوت ولدت في يافا، ودرست في مدارسها، وظلت تحلم بيافا عربية فلسطينية وحين اهديتها كتابي عن يافا، بكت وسألتني عن التفاصيل وعن زيارتي ليافا، وذكرت لي أنها كانت طفلة صغيرة حين غادرت المدينة مع الآف اللاجئين وانها تتذكر وعمرها لم يبلغ العاشرة مدرستها فيها.
رحلت سلوى كشجرة زيتون لم يتمكن العدو من اقتلاعها، رحلت مناضلة طوال سنوات الغربة والاقتلاع واللجوء