عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
جاءت عمّان تودعه في المقبرة وبيت العزاء، ومشت في جنازته، التي لم نشهد مثيلاً لها الاّ للقليل من الرجال، فقد أحبه الكثيريون في الوظيفة وخارجها، كان نظيف الوظيفة في المواقع التي تسلمها ولم يسجل عليه أنه أصاب المال العام.
كان سموحاً بشوشاً لا يعبس الاّ أمام باطل أو عدوان أو ظلم، كان كريماً ويشهد عليه اصدقاؤه، بذلك وحتى الذين عملوا معه انعكس عليهم كرمه ومساعدته، لم يكن حسوداً أو متذمراً.
لم يسمع صوت استغاثة او استنجاد الاّ واستجاب.
كان أبو سداد وطنياً غيوراً على وطنه دون مزايدة على احد، ولم يعرف عنه تعصباً لاقليمية أو جهة، بل كان منصفاً.
لم أعرف أردنياً أحب زوجته وهي حيّة وراحلة كما أبو سداد، وصالح العرموطي فقد اصاب ابو سداد عليها الحداد، وبقي على ذكراها، ولم يحُل مكانها سيدة رغم اقتداره، وقد كنت أعلم عن ذلك وكتبت يوم رحيل ام سداد تأسيًا لإدراكي عمق فجيعته بها
تأثرت بكلمة صالح العرموطي، النائب المميز في أبو سداد، في المقبرة وقد كانت كلمة صادقه ومؤثرة، وقد نعاه الكثيريون وذكروا له من الصفات بما يجعله فقيداً لكل الأردنيين على اختلاف مواقفهم.
لم يكن أبو سداد ليحشر نفسه في المواقف الضيقة أو المتعصبة وكان يرى الأمور بمنظار التسامح والمحبة والرجل الكبير.
كان راضياً لم يسخط على موقع أو وظيفة، لأنه تركها ولم يذكر من سبقه أو لحقه بسوء، بل كان منصفاً وكثيراً ما كان يصحح للجالسين ليستوي حديثهم باتجاه الحق حين ينالوا من أحد في حضرته.
قمت بواجب العزاء وكنت صحبة صديقي عبد الحي المجالي الذي كان متأثراً جداً لرحيل صديقه عيد الفايز، وكنت أحس بتأثره الشديد وهويحتضنشقية ابوسدادصالح كنيعان الفايز المتأثر حد البكاء الظاهر لرحيل شقيقه الذي كان متعلقا به بشكل لافت
كان عيد الفايز، مذكورا عند ذوي الحاجات، وكان يغيث الملهوف وينصف المظلوم ويسعى بين الناس بالخير، وقد أحسن تربية أولاده وله منهم ولدان وبنت سداد وسند وهلا …، كما عرف عن أولاده أخلاقهم الطيبة ومعشرهم الحسن وحبهم للناس
بنى لضيوفه الذين كان يزورونه، مجلساً فيه منامة لمن أراد أن يبقى مقيما وبنى لأهله مضافة واسعة عرف فيها مناسبات عديدة ويشار اليها.
لا يغادر اسمه لسان اصدقائه الذين كنت أراهم معه ومنهم، شتيوي الجمعاني، وسليم العجرمي ابو بلال، كما كنت التقيته أكثر من مرة عند كمال العرموطي.
كان أبو سداد مستمعاً جيداً وكان يتمتع بالحكمة وقلة الكلام، وقد استمعت اليه في طلب عروس، فكان خطيباً مفوها ذو كلمات موزونة تسر السامعين.
عمل في مواقع عدة وخرج منها مكرماً، فقد كان مسؤولاً أولاً في العقبة في الميناء وكان وزير دولة أكثر من مرة ووزير عمل ووزير سياحة ووزيراً للشباب ووزيراً للداخلية، ومستشاراً في الديوان الملكي.وكان المرافق الرسمي في زيارة العقيد القذافي الشهيرة للأردن وله في الزيارة قصص ظل يرويها
احتفظ باصدقائه وكان يساعد المراجعين ويستمع لهم ويحل كثيراً من المشاكل وينتصر لذوي الحاجات.
كانت كلمة وزير الداخلية مازن الفراية منصفة لأبي سداد، وتنم عن محبة، كما كلمات من تحدثوا على المقبرة، وهم صخر دودين، وخليل عطية والباشا فاضل الحمود، وسمير مبيضين، والباشا غازي الطيب.وهي كلمات صادقة وموثرة
بقي الذين عملوا معه في الداخلية يذكرونه بالخير رغم تقلب المناصب بعده، كان سعيداً أن يكون رئيس مجلس الأمناء في جامعة الزيتونة، وقد حرص على تطويرها، وارتبط بمحبة مع مؤسس الجامعة، علي القرم، الذي كان يذكره بتقدير ومحبة ويكشف عن حرص أبو سداد على تطوير الجامعة وعن نزاهة مواقفه.
كان يحب الصحافة ويقدر مواقف الصحفيين الوطنيين، وكان يقول أنتم الجنرالات الحقيقيون ودوركم كبير.
زرته في مواقعه اكثر من مرة بأم عيني رايت بابه المفتوح وتعامله مع المراجعين ومتابعة قضاياهم .
رحمك الله يا ابا سداد، فقد حظيت بالتقدير حياً وراحلا وأحبك الكثيريون وجاءوا يودعونك راحلا وإذا أحب الله عبده حبب اليه الناس، وها هم اليوم قد جاؤوا ليودعوك، وقد امتلأت قريتك منجا بالزوار في طوابير طويلة وحشود لا حصر لها.
السكينة لروحك والرحمة لك والبقاء لسيرتك، فقد كنت مواطناً صالحاً ومسؤولاً مخلصاً واباً حانياً وكبير اسرة وزعيماً في أهلك وعشيرتك الكنيعان والفايز وبني صخر ذات الفضل… رحمك الله
يا أبا سداد… ستبقى حيّاً فينا
196
المقالة السابقة