عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
لولا مؤلفاته في القضاء العشائري وقوانين البدو وعاداتهم وما كتبه وتهافت عليه المستشرقون الأجانب للتعرف على جوانب عديدة من حياة العرب، وخاصة عرب الصحراء وتحديداً الأردن، لظلت أرفف المكتبة العربية فارغة، فقد سدت كتب الراحل قبل ثلاثة أيام، (رحمه الله)، فراغاً واسعاً لم يملأه أحد وظلت مساهماته الكبيرة في هذا المجال وهذا التخصص غزيرة ومهمة، فقد زرع من العلم الذي استفاد منه القضاة العشائريون في أحكامهم، وكذلك الثقافة العامة الشعبية.
فقد رصدت ابحاثه الواقع وسجلته وحللته وقدمت خلاصة رأيه وحكمته التي تطابقت في حدود كبيرة في الشريعة السمحاء ومع القوانية المرعية.
رحل محمد أبو حسان، عن أرث كبير يعلم الباحثن والأكاديميون في هذا المجال أهميته، فقد تابعت مقتطفات لباحثين عرب عراقيين وسوريين وحتى من شمال أفريقيا أخذوا من مراجعه واعتمدوا عليها في تفسير جوانب من عادات شعوبهم وتقاليدها ومن اطلالات نافعة على علوم الانتربولوجيا والسكان وعلى دلالات علم الانساب والديمغرافيا.
كان الرجل عالماً جعله علمه يتصف بالحكمة والتواضع وعمق البصيرة، وتعرفت عليه في السنوات الاخيرة، فقد سعيت لزياته في مكتبه على مدخل السلط وقريب جامعة عمان وقد استقبلني ابنه الدكتور عامر الذي صاحبني في مجالسته في مكتبه وكنت اسعى لأساله في مسائل لها علاقة بالانساب عن عشائر جبع في فلسطين، وقد استبدل الحديث بحديث واسع، استفدت منه كثيراً.
وأضاف أن اهدائي كتبه القيمة التي حمّلت بما تبقى وعدت اليها في كثير من المواضيع التي أردت تفسير لسلوكيات .. وتحتاج الى تفسير.
لقد ساعد علمه في حل كثير من القضايا التي استعصت على القضاء المدني، كما كان مرجعاً حقيقياً لمن مارسوا القضاء العشائري يوميا وهم كثير وظل يشار الى الدكتور محمد أبو حسان بالبنان كما أشارت اليه كثير من رسائل المجاستير والدكتوراة في مراجعها وهوامشها واقتباساتها.
إننا نفقد برحيله علامة شهير ودارس جاد وباحث في الشأن الأردني والعربي وجذور الثقافة العربية والإسلامية.
للدكتور أبو حسان كتب عديدة ومقالات محكمة وأبحاث وأراء، فقد كان قاضياً مرموقاً وشخصية عامة عمل في العمل العام وفي أكثر من موقع بارز، وخاصة في الأمن العام، وهذا أعطاه مشاهدات واسعة على المشهد الأردني وحاجات الناس في القضاء وفك النشب والسير بين الناس بالصلح، وقد أحال نفسه الى التقاعد بعد أن تخطى رتبة عميد ليتفرغ لما كان يعتقد أنه الأقرب اليه، وقد عمل في المحاماة والقضاء والتأليف والبحث العلمي، وقد ترك أيضاً ذرية صالحة من الابناء والبنات، بعد أن جاء من شجرة طيبة، جذرها ثابت وفرعها في السماء، أعطت أكلها .. فهو من عائلة مرموقة بين أخون وابناء عمومة لهم اسهامات كبيرة في التنمية والاقتصاد والعمل العام ومكانة في بلدهم الذي عاشوا فيه في السلط والبلقاء،
وظل آل أبو حسان موقع احترام وتقدير، وظلت اسماؤهم تتلى في المناسبات الخيريّة وحيث يذكر للرجال الفضل والمرؤة.
لقد أدى الرجل الراحل دوره وجاء زمن تكريمه الى جانب ما ناله من تكريم على المستوى العربي ولدى الجامعات والمحافل، فهو المؤرخ والباحث الأصيل والمرجعية لجوانب من حياتنا وعاداتنا وتقاليدنا.
يتحدث الانجليزية، وقد زامل الكثير من العلماء والباحثين، فقد درس في العديد من الجامعات في بريطانيا والولايات المتحدة، فكان في جامعة لندن عام 1962، وفي جامعة انديانا بالولايات المتحدة، وحمل درجة البكالوريس في الحقوق من جامعة دمشق، ودبلوم المختبرات الطبية، وعمل قاضياً ومدعياً عاماً، ودرس الطب الشرعي والعلوم الجنائية مع الشهير كامبس البرفسور المعروف وكانت له رسالة ماجستير عن علم الانسان من أمريكا.
كما درس العلوم الإسلامية والمقارنة على مستوى الدكتوارة وعمل محاضراً في الجامعة الأردنية والمعهد القضائي الأردني، وكلية الشرطة الملكية ومؤسس المختبر الجنائي بالأردن، وعمل محافظا في الداخلية ومحاميا ونائباً عاما في الجنايات الكبرى والاستئناف.
إنه رجل موسوعي وقامة قانونية عالية.