جائحة عالمية جديدة* فيصل الشبول

يعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن فرضه للرسوم الجمركية الجديدة حول العالم هو «حركة تصحيحية» للعلاقات التجارية، تحت شعار أن دول العالم تسرق الولايات المتحدة منذ عقود.
ضحت الإدارة الأميركية بالأصدقاء قبل الخصوم. هكذا تبدو الأمور حتى الآن. إلا أن الهدف الأكبر لكل هذا الزلزال الكوني هو الصين، المنافس الأقوى للاقتصاد الأميركي، ولكبح نمو اقتصادات كبرى شرقاً وغرباً.
هي جائحة عالمية جديدة، والاقتصاد العالمي لم يتعافَ بعد من آثار جائحة كورونا التي ضربته قبل خمس سنوات جائحة ستغير الكثير سياسياً واقتصادياً وإنسانياً.
ردّت الصين على الفور وبنفس المقدار، فيما ترددت أوروبا وصمتت روسيا ورفعت الحليفتان في أقصى الشرق، كوريا واليابان صوت الشكوى، ومثلهما فعلت الهند وأستراليا وكندا.
تتخذ الإدارة الأميركية القرار وهي تدرك تداعياته داخلياً وخارجياً. مع القرار تهديد لدول العالم من ردود الأفعال. اقبلوا وإلا ستدفعون الثمن.
يطمح الرئيس الأميركي بتحقيق أحلام كبرى: ضمان زعامة الولايات المتحدة لعقود آتية، وسعي شخصي ليكون بطلاً أميركياً وزعيماً عالمياً.. ورمزاً للسلام.
هذا ما يفهمه المراقب من تصرفات ترمب وتصريحاته اليومية، وهو الذي لم يغب عن وسائل الإعلام يوماً واحداً منذ تنصيبه، بما في ذلك أيام العطل الرسمية ونهاية كل أسبوع.
وهو يطمح برئاسة ثالثة.
في تعامله مع العالم الخارجي، يبدو الرئيس وكأنه يتعامل مع حكام الولايات الأميركية.
وفي سعيه للسلام، فإن الجحيم هو البديل لطرف دون الآخر، والشرق الأوسط خير دليل. أو بالمستوى المتذبذب بالأمل وخيبته بالرئيسين الروسي والأوكراني.
أوقفت الإدارة الأميركية معظم التزاماتها تجاه أكثر من أربعين دولة عبر وكالة التنمية الأميركية، كما ألغت من طرف واحد التزاماتها باتفاقات التجارة الحرة وفقاً للرسوم الجمركية الجديدة.
ستتسبب الرسوم الجمركية باضطراب اقتصادي ومعاناة إنسانية حول العالم. الحلفاء سيعانون كما الخصوم، وربما أكثر.
غير أن الخصم الأكبر لهذه الرسوم قد يكون الشعب الأميركي نفسه الموعود بالرخاء والازدهار في الولاية الثانية للرئيس.
اضطرابات الأسواق والأسعار في اليوم الأول، وتنبؤات الاقتصاديين بالركود والتضخم هي التي ستحسم قدرة الإدارة الأميركية على المضي قدماً في هذه السياسة.
ستتفاوض الولايات المتحدة مع أصدقائها وخصومها بشأن هذه الرسوم. ستجني الكثير من المال، لكنها ستخسر ثقة الأصدقاء وستكسب مزيداً من مشاعر العداء والكراهية حول العالم.