عروبة الإخباري –
في عالمٍ تتسابق فيه الكلمات وتضيع الأصوات في زحمة الضجيج، يولد أحيانًا حضورٌ يشبه القصيدة لا يُكتب، بل يُحسّ. حضورٌ الشاعرة والإعلامية، كلود صوما، يسبق الخطى، يترك أثره دون أن يتكلّم، ويكتب الحكاية بعينيه قبل أن يخطّها القلم.
هي ليست فقط صوتًا يُسمَع، بل إحساسٌ يُلمَس، وجمالٌ يُرى دون أن يُفسَّر. حين تتكلم، تصير اللغة أنثى. وحين تكتب، يصبح الحرف مرآةً للروح.
تلك الهالة الآسرة التي ترافقها أينما حلّت، ليست مجرّد جمالٍ خارجي، بل انعكاسٌ لصدقها، لرقتها، ولعمقٍ قلّ نظيره. تختار كلماتها كما يُختار العطر الثمين، وتسكبها على الورق أو عبر الأثير، بشفافية من اعتاد الإصغاء لما لا يُقال.
أن خطت أولى خطواتها في عالم الإعلام، أثبتت أن الشاشة لا تضيء بالضوء وحده، بل بحاجة إلى شخصية تشعّ من الداخل. فكلود، بصوتها الدافئ ونبرتها المحمّلة بالإحساس، لا تكتفي بتقديم البرامج، بل تخلق مساحات من الجمال والتأمل، كما تفعل في برنامجها الثقافي “ورد الكلام”، الذي صار مرآةً لقلوب المبدعين.
وحين تكتب، فكل جملة تنبض بها قصائدها، كأنها تنزف من نبعٍ داخلي صافٍ. عبارات تنقشها على الورق كما تنقش امرأة عطرها على الهواء… صادقة، رقيقة، وفي غاية العمق. كلماتها لا تُلقى اعتباطًا، بل تُنتقى كما تُنتقى الأحجار الكريمة، فتضيء النصوص كما تضيء ابتسامتها المشهد حين تُطلّ.
ولعلّ أكثر ما يميّزها هو هذا التوازن الساحر بين الحضور الخارجي والعمق الداخلي. جمالها ليس فقط في ملامحها الآسرة، بل في ذاك السحر الهادئ الذي يسبقها إلى المكان، وفي قدرتها على الإصغاء كما لو أن العالم كله اختُصر في لحظة.
كلود صوما ليست امرأة عادية. هي مشروع جماليّ ثقافيّ، تحمل الأدب كما تحمل الوطن، وتُصرّ أن تظلّ جسراً بين الجمال والفكر، بين الكلمة والوجدان. في حضورها، تشعر أن اللغة استراحت قليلًا من التعب، وأن القصيدة وجدت صوتها.