عروبة الإخباري –
في يومٍ توحدت فيه مشاعر الأردنيين مع غزة، خرجت قلّة لا تمثل إلا نفسها، ترفع شعارات مسيئة، وهتافات خرجت عن قيم الأردنيين وأخلاقهم، أساءت لهم قبل أن تسيء للدولة. فبدل أن تكون مظاهرة تضامن مع أشقائنا في غزة، تحوّلت إلى منصة لهتافات تجاوزت كل الخطوط، طالت رأس الدولة، وجيش الوطن، وأجهزته الأمنية، بل وذهبت إلى حد الدعاء على أطفال الأردن بأن يصيبهم ما أصاب أطفال غزة!
أي انحراف هذا؟ وأي ضلال؟
الأردنيون، من شتى أصولهم ومنابتهم، يعرفون جيدًا أن موقف الدولة الأردنية تجاه القضية الفلسطينية واضح كالشمس. لم تهادن، لم تساوم، ولم تساير. فالأردن – قيادة وجيشًا وشعبًا – كان وما يزال الأقرب وجدانًا وموقفًا لفلسطين، يدافع عن المقدسات، ويقدم الدم والغذاء والدواء، ويدفع ثمن مواقفه بلا ضجيج.
أما من استغل هذه المنابر لتصفية حسابات سياسية، ولزرع الكراهية، والدعوة للعصيان، والتطاول على رموز الدولة، فهو لا يُعبّر عن الأردن، وليس له علاقة بما يجري في فلسطين، بل يسعى لحرق المركب بمن فيه من أجل طموحاته، وأجنداته، وأوهامه. والأخطر من ذلك، أنه يعيد إنتاج خطاب الفتنة والتخوين، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى التماسك لا الانهيار، إلى التلاحم لا التقاذف.
الجيش العربي الذي نالته الإساءات، هو من يسهر على حدود الوطن، وخاض حروب فلسطين وإستشهد أبطاله على ترابها، وإنتصر في الكرامة، وواجه الإرهاب، وبنى المستشفيات في الضفة وغزة. أما المخابرات، فهي من أفشلت عشرات المؤامرات، وحفظت أمن الناس في بيوتهم ومدارسهم ومساجدهم. والملك، رأس الدولة، هو من وقف في المحافل الدولية مدافعًا عن فلسطين بلا تردد، حاملاً لواء الوصاية الهاشمية، رغم التحديات والضغوط.
أما أن تصل الأمور إلى الدعاء على أبناء الأردنيين، فهي سقطة أخلاقية لا تغتفر، تتطلب محاسبة فورية لكل من تجرّأ على هذا الوطن وأهله.
نعم، حرية التعبير مصونة، ولكن حين تتحول إلى دعوة للانتحار الجماعي، ونفخ في نار الانقسام، وترويج للكراهية، فهنا يجب أن تتدخل الدولة. وقد علمنا أن الأجهزة المختصة رصدت من يقود هذا الانفلات، وستقدمهم للعدالة، وهذا أقل ما يجب.
نؤكد أن الأردن وطن لا تُهدد وحدته هتافات عابرة، ولا تهتز هيبته تحت وقع أصوات مأزومة، لا تمثل غالبية الشعب الأردني الأصيل من شتى الاصول والمنابت. سيبقى الأردن عصيًّا على الانقسام، متماسكًا حول قيادته، ورايته، ومؤسساته، مدافعًا عن فلسطين بكرامة، لا بشعارات التهلكة!